كان هيكل يدون كل ما يمر به يوماً بيوم، وبالتالي كانت لديه فرصه أن يسترجع أرشيفه، وكان التوثيق والتدوين والخرائط والصور مسألة أساسية، هو كان يعتني بأدواته وتطويرها .
يبدو أن جهد الصجافي المصري محمد شعير بات محسوساً، وهو يواصل مشروعه في تعميق "مسار الصحافة السردية والبحث الإستقصائي الثقافي، ويإعادة الإعتبار لمهنة المحرر الثقافي التي تكاد تنقرض" .
وقد بدأ شعير مشروعه الإستقصائي/ السردي حول الأدباء والصحافيين والمفكرين، بكتابه "أولاد حارتنا : سيرة الرواية المحرمة" الذي أصدره عام 2018، بمناسبة ذكرى رحيله، والذي يصنف ضمن ما يسمى "تاريخ الأدب"، فاستخدم فيه "المنهج التاريخي" وبذل "جهداً استقصائياً" كبيراً لجمع مادته، وأجرى "تحقيقاً وثائقياً صحافياً" سرد فيها حكاية "أولاد حارتنا" .
الكتاب الثاني في مشروع شعير، هو كتاب "اليوميات" لمحمد حسنين هيكل الذي أصدره بمناسبة الذكرى الرابعة لرحيله، ونشره قطاع الثقافة في صحيفة "أخبار اليوم" .
والكتاب ضخم من 623 صفحة، ومُقسم إلى ثلاثة أجزاء، كل جزء مخصص ليوميات كل عام على التوالي (1955 - 1956 - 1957)، وهي آخر ثلاث سنوات قضاها هيكل في "أخبار اليوم"، كرئيس لتحرير مجلة "آخر ساعة"، ورئيس تحرير جريدة "الأخبار" . قبل أن ينتقل ليتولى رئاسة تحرير جريدة الأهرام حتى عام 1974 .
تتميز هذه المقالات بتنوع موضوعاتها بين الأدب والفن مع قليل من السياسة، وتقدم للقارئ وجهاً آخر من وجوهه بعيداً عن السياسة : المثقف، العارف بأسرار الفنون، وأدوات الفنان التي لم يتخلَ عنها، حتى وهو يكتب أعقد الموضوعات السياسية .