زهور حسين اسم فني صادق أخذ مكانته في عالم الثقافة الموسيقية العراقية بجدارة، كان زمن ظهورها في الساحة الغنائية النسوية في عام 1948، وهو العام الذي تزامن فيه ظهور المطربة الكبيرة لميعة توفيق، وقد اشتهرت كلتاهما بالمقامات الارتجالية وهي لون من المقامات تظهر فيه قوة الخزين الفني والموهبي، الذي يصنع قوة الحضور في الساحة الغنائية النسوية العراقية ان صوت زهور حسين ميزو سوبرانو، وقد استطاعت ان تحلق الى درجات تقترب من الجوابات العالية، كما ان تأثيرها تعدى جغرافيا السماع العراقي، الى جغرافيا السماع الخليجي، ثم جغرافيا السماع التركي. وقد كان لها تأثير واضح وساحق على مجموعة كبيرة من الاصوات الخليجية والتركية والايرانية ايضا.
يمكن اعتبار الفنانة الراحلة زهور حسين الهرم المكمل للثلاثي الغنائي الريفي في العراق في فترة الاربعينيات والخمسينيات وحتى السبعينيات بعد ان رحلت الفنانة لميعة توفيق ومن قبلها وحيدة خليل.
هذه الاسماء الثلاثة ظهرت في فترة واحدة وتنافست على اولوية هذا اللون الجديد الذي دخل في جسد الاغنية العراقية مضيفا الى المقام العراقي والغناء الريفي وغناء البادية وغناء الاقليات الاخرى لونا جديدا متميزا، وما يميز هذه الاصوات ان لكل واحدة طريقة وصوتاً متميزاً تفردت به بعيدا عن التقليد والمحاكاة. فوحيدة خليل بصوتها الدافئ ولميعة توفيق بنبرتها الجهورية وزهور حسين بصوتها الصداح ذي البحة والترانيم والعرف المحببة عند المتلقي، وقد تميزت زهور حسين مواليد كربلاء عام 1924 والتي رحلت عن عالمنا منتصف الستينيات بعد ان عاشت حياة صاخبة ملأت الاسماع والافئدة وشغلت العقول.
وبعد ان تخرجت في المدرسة الشعبية للغناء وقفت بعد ذلك على المسارح وقد غنت في ملهى الجواهري وملهى حسن صفو وملهى الهلال وملهى الشورجة حتى قدر لها ان تدخل للاذاعة وتقدم حفلاتها الاسبوعية وبعد ان التقى بها الملحن عباس جميل ورضا علي وسعيد العجلاوي ولفيف من شعراء الاغنية امثال جبوري النجار وسبتي طاهر وسيف الدين ولائي ومحمد العطري وغيرهم خرجت من خلال المذياع بأغان جديدة وثوبٍ زاه فغنت:" يم عيون حراكة " و" خالة شكو " و" احاجيني يا يمه " وغيرها.
وخلال عملها في المسارح تعرفت على شخصيات متنوعة بينهم الشقاوات والشعراء والفنانون ولكن شاء حظها ان تعشق فتى جميلاً يدعى صباح تزوجها فيما بعد وكانت تعشق سباق الخيل وقد جنت اكثر من فرس وربحت الكثير وخسرت الكثير فكانت روح المغامرة ديدنها في الحياة التي عاشتها حيث سكنت اول الامر في منطقة الشيوخ في الكاظمية ثم انتقلت الى محلة القاهرة وبعد ان اشتهرت انتقلت الى بيتها الجديد في شارع 52 وتغزلت بعشيقها وغنت له العديد من الاغاني منها حلو حلو اهوايه حلو اشكد حلو والله وبعد لتكول نتلاكه واذا انت لم تعشق، وغيرها وكانت خاتمة حياتها فاجعة فعندما قررت زيارة زوجها في سجن الديوانية شدت الرحال مع اخ زوجها واختها فاطمة وولدها في سيارة فوكس واجن ـ وكان اليوم ممطرا حيث اعترضهم في الطريق قطيع من الماشية مما سبب الحادث في انقلاب السيارة وموت فاطمة على الفور فيما نقلت زهور الى مستشفى الحلة وبقيت هناك لمدة عشرة ايام فاقدة الوعي حتى فارقت الحياة لتترك بعدها العديد من الاسئلة والكثير من المشاريع المؤجلة ولكنها تركت ايضا مكتبة صوتية خالدة لأروع مطربة فطرية عرفها الغناء العراقي