هناك في عمق الصحراء من أرض العراق، باتجاه أرض الحجاز ولدت قرية أسموها السلمان، ومن هناك اختطوا طريقا يشق الصحراء باتجاه مكة، حيث يقصدها الناس على مدى العام خاصة في موسم الحج. ولكي يحكموا الاشراف على ذلك الطريق بنوا قلعة شامخة لمراقبة الحدود العراقية، هناك بعيدا في عمق الصحراء.
وأهم ما يميز منطقة السلمان التي وصفها الحموي في كتابه معجم البلدان أنها تمتاز بمنخفض مستدير محاط بسلسلة من الهضاب حيث بُني فيها سجن نقرة السلمان من رحم تلك القلعة. ويقال إنّ المنطقة سُميت منذ القِدم نسبة إلى سلمان الحميري قائد جيش ملك اليمن الذي قدِم للمنطقة بجيش جرار لمحاربة عمران بن الحارث التميمي، ملك بني تميم وإجباره على دفع الجزية، كما قيل نسبة إلى شخص اسمه سلمان كان أول من سكن تلك المنطقة لرعي حيواناته. ونقرة السلمان منطقة قفرة، هكذا كانت ولا تزال كذلك، حتى أن مجموعة من القرامطة سكنوها زمن الخلافة العباسية للإغارة على قوافل الحجيج.
ونظرا لقفر نقرة السلمان الضاربة بعيدا في الصحراء الممتدة حتى نجد، ونظرا لبعدها مسافة ممتدة عن أقرب المدن إليها وهي السماوة التي تبعد عنها حوالي 160 كيلو مترا، نظرا لكل هذا وذاك بنيت فيها قلعة حصينة لتكون مركزا متقدما لحماية الحدود العراقية، ولصد هجمات الوهابيين الذين شنوا هجماتهم على الكويت والزبير والنجف وغيرها من المدن والمناطق، ولكي تؤمن المناطق التي يُستخرج منها النفط في العراق خاصة حقل الرميلة.
بنى القلعة ضابط بريطاني خدم في الجيش الأردني والعراقي اسمه السير جون باغوت غلوب باشا ـ Sir John Bagot Glubb ـ الملقب بأبي حنيك ( 1897 ـ 1986 ) أسس لعلاقات متينة مع القبائل العربية ولعب دورا كبيرا في العلاقات البريطانية العربية. تفرّغ في أخريات حياته للكتابة عن تجربته في المنطقة العربية. هذه القلعة تحولت إلى سجن كان له الأثر الكبير فيما بعد في ذاكرة العراقيين وغيرهم، حتى أن الواحد لا يمكن أن يتحدث عن تاريخ مدينة السماوة أو جغرافيتها دون أن يعرّج على ذكر منطقة السلمان وسجنها. وسجن نقرة السلمان الذي تمدد حتى بات يتسع لآلاف السجناء، هناك حيث انطلقت ملايين الزفرات والآهات، آهات المساجين. كما صعدت أرواح كثيرة إلى بارئها بسبب التعذيب والقتل العمد وانتهاك حقوق الإنسان بطرق بشعة. سجن زرعوه في عمق الصحراء وهم يعلمون أن الهارب منه ميت ـ وهم يعلمون أيضا أن كل سجين يفكر بالهرب ـ حتى أن السجين الوحيد الذي هرب " صلاح الدين أحمد " مات عطشا على الرغم من تهيئة أسباب نجاح هروبه بمساعدة الآخرين من السجناء له. ولعلنا حين نذكر بعض أسماء الدفعة الأولى من سجناء نقرة السلمان في بداية الأربعينيات من القرن العشرين نعطي صورة مصغرة عن نوعية الرجال الذين دخلوا هذا السجن الذي ارتبط جزء مهم من تاريخ السماوة به. كان من بين الدفعة الأولى للسجناء سيد علوان الياسري والشيخ عجة الدلي والشيخ سوادي الحسون والشيخ فتيخان أبو ريشة والشيخ صكبان العبادي وفائق السامرائي وخليل كنة والعقيد يحيى سعيد وأكرم الربيعي وشناوة كرد وغيرهم من رجالات العراق المناضلين والمخلصين. كما تحدث الناقد فاضل ثامر رئيس اتحاد أدباء وكتـّـاب العراق حاليا، تحدث عن ذكرياته في سجن نقرة السلمان قائلا:" في عام 1946 استقبل سجن نقرة السلمان أول وجبة من السجناء السياسيين وكان عددهم 200 سجين بضمنهم عزيز الحاج وزكي خيري وسلام عادل ونافع يونس وكمال قزانجي وكمال فرهود وعبد الوهاب الرحبي وغيرهم. " حتى يمكننا أن نشير إلى ما حدث من أهازيج صارت تتعلق بذلك السجن وبات الناس يهزجون قائلين:" والمايزور السلمان عمره خسارة ".
سرعان ما تمدد هذا السجن فبنيت عشرة قواويش مضافة إلى السجن القديم، وكان كل قاووش جديد يعادل بناء السجن القديم بالكامل، واشترك السجن القديم مع الإضافات الجديدة بمدخل واحد. وكان أغلب السجناء الذين شاركوا جاسم المطير ذلك السجن وتحدث عنهم في كتابه " نقرة السلمان " من نزلاء نسخة السجن بحلته وإضافاته الأخيرة. ومباني السجن هذه تقع داخل مستطيل في وسط الصحراء وتبعد مسافة قليلة عن مساكن السجانين وعن مبنى شرطة البادية الجنوبية، فضلا عن سجن حديدي صغير موجود في داخل المديرية مستطيل أيضا، وهو مخصص لحجز المهربين والسجناء العاديين. بيوت القرية أيضا مستطيلة، بناء مستوصف القرية مستطيل. مبنى مدير السجن وغرفه مستطيلة أيضا. ولا أحد يعرف من هو صاحب الفكرة في جعل كل المباني هناك مستطيلة ولا الهدف من ذلك، ولم يجب حتى اليوم أحد لماذا كانت المباني والقواويش كلها مستطيلة. ولهذا بمجرد أن تبنـّـى السجناء بناء مبانٍ إضافية للسجن كالمطبخ والحمامات والمستوصف وقاعة للاجتماعات وغيرها بنوها بشكل مربع وكأنهم يعبّرون بذلك عن اختلاف عقليتهم وثقافتهم وخططهم عن سجانيهم.
السجن الأول الذي عُرف بالسجن القديم كان مظلما ومبنياً من الحجر الصلد، تظهر فيه من أول لحظة مقاصده المتوحشة في قطع صلة النزيل عن الحياة والتصرف العمد بحجب نور الشمس عنه وتضييق دورة الهواء في داخله، فلا شبابيك ولا فتحات تسمح بدورة سهلة للهواء هناك، ما عدا فتحات صغيرة خجولة في أعلى كل قاعة.
السجين هناك كان يشعر برتابة الوقت مع وحشة السجن، لهذا لجأ العديد منهم إلى تحدي هذه القسوة بالنهم من الثقافة واستثمار فرص التعليم المجاني، فالأمي لجأ إلى القضاء على أميته، وآخرون بدراسة اللغات أو دراسة الاقتصاد السياسي، أو قراءة الأدب والفلسفة وغيرها من وسائل التعليم. كما لجأ البعض الآخر إلى تنظيم دورات رياضية في العديد من الألعاب.
أما علاقة السجانين بالسجناء فقد وصفها جاسم المطير في كتابه " نقرة السلمان " قائلا:" من جانب السجانين فإنهم في أعماق غالبيتهم يحملون طبيعة إنسانية، طيبة لم أكن أتصور وجودها بمثل هذا الحد. " ويضيف:" السجانون يعرفون أن السجناء أرادوا أن يواصلوا إشادة حضارة لبلادهم متجددة بفعالية الأفكار المتجددة، غير أن الحكومات ردتهم إلى الأبجدية الإنسانية الأولى بالعيش داخل مساحة محدودة في عمق الصحراء. "
وتحدث جاسم المطير عن الفوارق بين السجانين والسجناء قائلا:" الفرق الوحيد بيننا وبينهم أنهم يطيعون أوامر الدولة طاعة عمياء بينما نحن نطيع المبادئ الإنسانية والحرية الإنسانية والعدالة الإنسانية طاعة واعية. " ويقارن جاسم المطير العلاقة بين السجانين والسجناء في نقرة السلمان عن غيرها من الأماكن قائلا:" اجتمعنا، سجانين ومسجونين في مكان واحد على اختلاف مذاهبنا وتعدد ألواننا. ربما هناك تدرج في مستوى هذا السجان أو ذاك من الخطيئة إلى الطيبة أو العكس، لكننا بصورة عامة لا نجد هنا تباين الألسنة بين السجناء وسجانيهم كما هو الحال في أماكن أخرى، مقرات تعذيب أو مقرات الحرس القومي، حيث كلمة السجان بالتهديد والشتيمة مرتبطة مع صوت السياط . " ومع كل هذا وذاك فإن السجان هناك يشتم الحكومة مثله مثل السجين، ويشتم رئيس الجمهورية الذي أجبره أن يكون هناك، لأنه يشعر أن واقعه شبيه بالسجين. وفي موضع آخر قال:" السجناء يعرفون أن الزمان والمكان، هنا، هما ليسا من صنع السجانين. " هكذا وجد:" السجناء والسجانون يتقاسمون أزمات ونوائب العيش الصحراوي المر. " فكلاهما سجين، ولكن حسب واقعه الخاص! وكأنهم يرددون قول الشاعر أحمد مطر:
أسير حيث أشتهي لكنني أسير
نصف دمي بلازما، ونصفه خفير
مع الشهيق دائما يدخلني
ويرسل التقرير في الزفير
وكل ذنبي أنني آمنت بالشعر
وما آمنت بالشعير
في زمن الحمير
ويبسّط جاسم المطير تلك العلاقة بين السجانين والسجناء قائلا:" بهذا الواقع وجد كل منهما أن له صلة بالآخر. صار كل واحد منهما يريد تعميق وشائجه بالآخر. ولئن كان السجانون أغلبهم من البدو إلا أنهم أوفوا غايتهم في صداقة السجناء وما تبعها من حقوق وواجبات للطرفين. السجان يحمل مسدسا لحماية نفسه من تمرد السجناء إذا كان في داخل السجن أو حواليه. بدل المسدس حلت الأصالة البدوية في علاقة السجناء الحضريين مع السجانة الهجانة من شرطة البادية. "
الأهم أن قرار حالة السجان والسجين يكمن هناك بعيدا عن مكان السجن، في بغداد. حيث أمرٌ بإبعاد هؤلاء السجناء إلى عمق الصحراء درءا لخطرهم وخطر أفكارهم عليه. فهو يعلم أن طرحهم الفكري، مجرد طرحهم الفكري، كفيل بأن يقلب عليه الطاولة ويغير الموازين، خاصة أمام تصرفاته الرعناء التي ترفضها الأعراف والقوانين الوضعية والسماوية الصحيحة. ولهذا فهو أراد أن يحشرهم ضمن بقعة جغرافية ضيقة ومحدودة يسهل عليه فيها مراقبتهم وكتم أصواتهم. وهو يعلم أنهم هناك يعانون أيضا من شظف العيش، وحر الصحراء صيفا، وعواصف رمالها المتكررة، فضلا عن بردها القارس شتاءً وما يدب على سطحها من كائنات تشكل خطرا على حياة الإنسان.
على الرغم من كل هذا وذاك الذي أسلفنا، فإنه لا يريد لتلك الكوكبة من الرجال أن تنظم حياتها بشكل يفضحه، ويتحسس خطرهم عليه حتى في تلك الظروف. ولهذا فإن سعيه الدائم كان نحو التخلص منهم، فهو دائم الخوف والقلق منهم ومن أفكارهم. ويشعر بالرغبة الجامحة إلى تغييبهم، فالكثير من أؤلئك السجناء شحنهم في قطار الموت. وهي حادثة يندى لها جبين الإنسانية إلى اليوم وبعد مرور نصف قرن عليها. فقد حشرهم داخل مقطورات "عربات " قطار الشحن الحديدي في الرابع من تموز سنة 1963، بعد أن دهن أرضيته وجدرانه الداخلية بالقار، وأحكم غلق الأبواب، وأمر سائق القطار أن يسير الهوينى في رحلة شاقة عليهم، تنتهي بموتهم البطيء قبل أن يصلوا نهاية الرحلة في مدينة السماوة. غير أن العناية الإلهية وشهامة سائق القطار وهبّة الشرفاء الذين فضحوا ذلك الفعل الشائن والجبان أنقذتهم، فمع انطلاق الرحلة، كانت هناك عيون شريفة ونظيفة تتابعها، وقبل أن يحل الموت البطيء على الركاب جميعا، ومع اشتداد الحرارة في تموز، أكثر شهور السنة حرارة في العراق، ووسط القلق والترقب والآهات والزفرات بعد المعاناة صعد أحدهم في إحدى المحطات ليهمس بأذن سائق القطار الغافل عن ماهية حمولته وجهله بالمراد لهذه الحمولة لحظة وصولها إلى مدينة السماوة. وما إن علم سائق القطار عبد عباس المفرجي بأن حمولته بشر وبعد تأكده من الحمولة حتى أيقن أن حياة المئات مرهونة بقراره هو لحظتها، فقرر بكل شهامة وتضحية انقاذ خيرة الرجال الذين أصبح العرق ينز من خلايا أجسامهم منذرا بقرب الموت، فانطلق بالقطار بأقصى ما يستطيع ودون أن يتوقف في أي من محطات القطار اللاحقة حتى وصوله مدينة السماوة. ومن خلال سرعة القطار واختصار الوقت للوصول إلى محطة السماوة ودخول نسمات من الهواء إلى داخل العربات من فتحات شقوق الأبواب الموصدة التي ساعدت ركاب القطار على الصمود. وقد هب أهالي السماوة لإكمال المهمة وإنقاذ الركاب من موت محقق بما قدموه لهم من اسعافات ونجدة منذ لحظة وصولهم وحتى توديعهم ليودعوا سجن نقرة السلمان. ومع ذلك فقد فـَـقـَـد أحد ركاب قطار الموت حياته ـ الشهيد يحيى نادر ـ لأنه لم يحتمل أن يوضع في صندوق حديدي ساخن، مزفت حتى يحرق أجساد ركابه، وكان شاهدا على وحشية السجان. وشاعت بعد ذلك تسمية هذه الرحلة بـ " قطار الموت ."
وكان من نتائج هذه الرحلة أن ضمر المجرمون لسائق القطار فعلته فانتقموا منه بعد مرور أكثر من عقدين على الحادثة، فبعد أن اعتقلوه دسوا له السم ليموت في منتصف الثمانينات شهيدا. كما كان من نتائج هذه الرحلة أن الأطباء الذين كانوا في قطار الموت وبعد سلامتهم وقضائهم مددا مختلفة في السجن أن عبروا عن شكرهم لأهالي مدينة السماوة، فإذا راجعهم مريض من أهالي السماوة للمعالجة فإنهم لا يتقاضون أجور المعالجة منه وبإصرار، بل إن البعض منهم كان ييسر أمر الدواء لهم اكراما لموقف أهالي السماوة في إنقاذ ركاب قطار الموت.
لم يكتفِ ذلك السجان بما قام به في حادثة قطار الموت، تلك الحادثة التي تدينه في كل الشرائع والقوانين، وهي الحادثة التي كتب عن تفاصيلها كثيرون، وعبروا عن استنكارهم لذلك الفعل الوحشي والهمجي الشائن الذي سعى فيه قادة بغداد يومها إلى القيام بمجزرة جماعية، ومن ثم البحث عن كبش فداء يحمّلونه المسؤولية. ولكن العناية الإلهية وإرادته كانت فوق إرادتهم. كان القطار يضم حسب واحد من أهم المصادر 520 شخصية عراقية، جلـّـهم من رجالات السياسة والعسكر والوطنيين الأحرار الذين كانوا يمثلون أساس الحكم والجيش في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم.
ومع كل هذا وذاك فإن الجلاد الذي أمر بسجن كل هؤلاء وأولئك في سجن نقرة السلمان كان يتشوق ويسعى لمجزرة ينفذها بيده القذرة مباشرة. فقرر إرسال واحد من أعتى مجرميه عبد الغني الراوي ( 1919 ـ 2011 ) وهو واحد من أهم الضباط الذين نفذوا انقلاب 8 شباط 1963 الذي أطاح بالزعيم عبد الكريم قاسم. قرروا إرساله نظرا لشغفه بالإجرام إلى هناك لتنفيذ حملة إعدامات مباشرة دون محاكمات في نفس السجن. كان العدد المقترح لتنفيذ أحكام الإعدام بهم هو 500 سجين من سجناء رقم 1 والذين رُحّل جلـّـهم في قطار الموت. فكانت مشيئة الله أيضا فوق مشيئتهم، فقد دبت الخلافات بين قادة بغداد يومها حول ذلك الرقم الذي سيثير عليهم غضب القاصي والداني من الناس في حالة تنفيذه، فقرروا تخفيض العدد إلى 300 سجين، ونشب الصراع من جديد حول ذلك الرقم أيضا وخفض إلى 150 سجين، وحين خفض الرقم إلى 30 سجينا رفض المجرم عبد الغني الراوي المناط به تنفيذ أحكام الإعدام بهذا العدد الضئيل الذي لا يستحق منه أن يهز طوله ويسافر إلى عمق الصحراء لتنفيذ أحكام الإعدام محتجا أن العدد قليل حسب رأيه. وهكذا شاءت مقدرة الباري إنقاذ تلك الكوكبة من السجناء.
عن ذلك السجن الذي يذكـّـر السجناء يومها بسجن أبو زعبل في مصر، ولاحقا بسجون من مثل سجن أبو غريب وبوكا وتازمامارت وسجن آكل الرجال في غويانا الفرنسية الذي كتب عنه هنري شارير في روايته الفراشة ، وسجن غوانتانامو وسجون كثيرة أزهقت فيها أرواح بريئة. عن ذلك السجن، سجن نقرة السلمان كتب جاسم المطير قائلا:" مَنْ يدري فقد تضيع أهم سنوات حياتنا بين هذه الأسوار. الأسر يكوينا بنيرانه كلما حلّ الظلام في ساحة الحقيقة التي تمثل كابوس القرون الوسطى في نقرة السلمان. " وهو ما كان فقد ضاعت سنوات عديدة لشخصيات عراقية وطنية بينهم الشاعر مظفر النواب، والشاعر ألفريد سمعان، والشاعر زهير الدجيلي، والشاعر ناظم السماوي، والأديب والمترجم فاضل ثامر، وكثيرون رفدوا الساحة الأدبية والفنية والفكرية العراقية بإبداعاتهم أمثال، الفنان الدكتور سعدي الحديثي، وجمعة اللامي، وهاشم الطعان، وجاسم المطير، ونصيف الحجاج، ومكرم الطالباني، ومحمد الملا عبد الكريم، وفيصل السعد، وصادق جعفر الفلاحي، ونصيف الحجاج، وصالح الشايجي، ويوسف الصائغ، وصلاح الخزرجي، وعبد الوهاب طاهر، وبديع عمر نظمي، وعباس سكران، وسامي أحمد العامري. هذا فضلا عن عسكريين وطنيين أمثال العقيد غضبان السعد، الدكتور رافد صبحي أديب بابان، الطبيب فاضل الطائي، الطيار خالد حبيب ، الضابط البحار صلاح الدين أحمد، المقدم الركن عريبي فرحان وغيرهم كثير فالقائمة طويلة.. طويلة جدا. وبعض هؤلاء السجناء سنتحدث عنهم في بحوثنا اللاحقة .. هؤلاء وغيرهم حتى وصل عددهم في يوم من الأيام إلى أكثر من 4000 سجين مكتظين في مكان واحد في عمق الصحراء اسمه سجن " نقرة السلمان ". سجن يقول عنه جاسم المطير:" سجن كان فيه السجين والسجان مسجونين ولا أحد منهما يعرف متى تنتهي مأساته. فهناك يعرف الإنسان قسوة الصحراء بحق. " وسجناء يقول عنهم جاسم المطير في كتابه:" رغم أن آراءهم وأفكارهم التي يجهرون بها تبدو كصيحة في صحراء .. " وحتى بلغ من شدة ازدحام السجن بالسجناء أن نصبوا الخيم في السجن بين القواويش .. ولكن الأهم من كل هذا وذاك هو أن السجناء خرجوا من سجنهم أقوياء منتصرين ومعتزين بأنفسهم وبوطنيتهم وبمعتقداتهم التي آمنوا به أو كما قال جاسم المطير:" السجن مكان صلب ومتصلب قادر على تغيير تصورات الإنسان عن نفسه وعن المحيط العائش فيه وعن البيئة المتفاعل معها... "
كــــــــــــــــــــريم السمـــــــــــــــــاوي
Kareem.alsamawi@yahoo.com

