عائشة عودة رواياتها صداً لتجربة حية نابضة\ عين

2016-07-14

 

عن كتاباتها تقول، "حين كتبت، لم أفكر أبدا كيف سيصنف ما أكتبه، كان حسبي أن تتحول تجربتي ورفيقاتي إلى نص يصلح للقراءة ويحمل رسالة التجربة ذاتها . أما البحث في خصوصية وسمات وتصنيف الأدب إلى أدب سجون وأدب مقاومة وأدب نسوي ...الخ، فهي من اختصاص النقاد والمشتغلين في الأدب . ويمكن الاستناد إلى كلمة الناقد صبحي الحديدي الذي قدم قراءة لكتبي في حفل تسليم الجائزة، حيث قدم له بالحديث عن أدب السجون وتصنيفاته وتاريخه . انا شخصيا أفضل أن يصنف ما كتبته ضمن "أدب المقاومة والحرية"، وليس خيارا لي أن يصنف ما كتبته ضمن أدب السجون".
 
مؤسسة 'ابن رشد للفكر الحر'، التي تتخذ من برلين مقراً لها،أعلنت فوزها  بجائزتها السنوية لعام 2015، التي خُصصت لأدب السجون. وحصلت، على الجائزة عن كتابيها 'أحلام بالحرية'، و'ثمنا للشمس'، اللذين سجلت فيهما تجربتها النضالية، ومعاناتها في سجون الاحتلال الإسرائيلي،  لأكثر من عشر سنوات .
واختيرت من قبل لجنة تحكيم شكّلتها مؤسسة ابن رشد لهذه المفاضلة بين ثمانية عشر ترشيحا من ست دول عربية، كانت في غالبيتها تتحدث عن تجارب مريرة عاشها مناضلون في سجون الأنظمة المختلفة، لكن هي تحدثت عن التجربة الفلسطينية وعن الاحتلال  ووحشية تعامله مع الأسرى الفلسطينيين، وجور أحكامه، وقسوة المعاملة داخل سجونه .
 //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/190c79dc-c845-44a1-a393-75710bb6cfda.jpeg
وكان الاتحاد العام للأدباء والكتاب الفلسطينيين قد رشحها، كعضو للاتحاد، ولأنه لمس صدق التعبير عن تجربتها النضالية من ناحية، وبلاغة التعبير الأدبي عن هذه التجربة، من ناحية أخرى، ما أهّلها للفوز بهذه الجائزة بكل جدارة . 
 

هي عائشة عودة، الكاتبة والمناضلة الفلسطينية التي ولدت في قرية دير جرير التابعة إدارياً لمحافظة رام الله في العام 1944، وانتظمت في صفوف المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني بعد انتهاء حرب العام 1967 مباشرة . وقد اعتقلت في 1 آذار ( مارس ) 1969 وحكمت عليها محكمة الاحتلال الصهيوني العسكرية بالسجن المؤبد . وأمضت عودة عشر سنوات من محكوميتها في الأسر، ثم حررت في عملية النورس لتبادل الأسرى بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في 14 آذار (مارس) 1979 . وقد اشترطت إسرائيل إبعادها خارج فلسطين، فأقامت في الأردن حتى عودتها إلى فلسطين بعد توقيع اتفاقية أوسلو وعودة كوارد منظمة التحرير الفلسطينية وتأسيس السلطة الفلسطينية في العام 1994. وهي عضو المجلس الوطني الفلسطيني منذ العام 1981 . 

 بدأ نشاطها السياسي السري في مرحلة الدراسة الثانوية من خلال انضمامها إلى صفوف حركة القوميين العرب، ثم انضمت إلى صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . وبذلك، تم اعتقالها من قبل قوات الاحتلال في الأول من آذار عام 1969، على أثر مشاركتها في وضع القنابل في السوبرسول في القدس الغربية في 22 شباط عام 1969، والذي قتل فيه اثنان وجرح 10 وتضرر المكان وتم أيضا نسف منزل أسرتها إثر اعتقالها .
 
 تعرضت المناضلة عائشة للتعذيب في سجون الاحتلال الإسرائيلي . وفي 21 كانون الأول عام 1970، صدرت عليها أحكاما بعدد من المؤبدات وفوقها عشر سنوات . ولكنها حولت السجن إلى ساحة نضالية . وبعد أكثر من عشر سنوات تم تحريرها ورفيقتها في عملية  تمت بين منظمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وذلك في 14/3/1979. حيث أفرج عن 76 مناضل ومناضلة مقابل جندي إسرائيلي .

أصبحت عائشة عضو مجلس وطني فلسطيني عام 1981 , ورئيس رابطة نساء أسر من أجل الحرية ( مسيرة )، لتوحيد جهود الأسيرات المحررات وتوثيق تجاربهن، وهي عضو مؤسس لمنتدى ( جذوة عسقلان الثقافية )، وقد أسست أيضا جمعية سيدات دير جرير للتنمية في قريتها أثناء الحصار عام 2002، وشاركت في منتدى الفنانين الصغار حيث أن لها اهتمامات فنية، وهي الآن متفرغة للعمل الإبداعي والإجتماعي والوطني .

من اقوالها :

* أنا لم أستهدف أبدا أدب السجون. مشروعي في الكتابة كان يستهدف تحويل تجربتي في الأسر إلى نص مكتوب، يستطيع أي فرد الاطلاع عليها متى شاء. في الحقيققة أنا أضع نصي ضمن أدب المقاومة أو أدب الحرية، فالسجن كان مرحلة في مسيرة نضالي . بمعنى أنّي لم أشغل نفسي في تصنيف ما أكتبه . هذه ليست مهمتي . وأنا لست سجينة أدب السجون، بدليل أني كتبت "يوم مختلف" بعيدا عن السجن وتجاربه . وقريبا سيصدر لي كتابان لا علاقة لهما بالسجن .وكتابيَّ اللذين استحقا الجائزة، هما يتناولان التجربة في مقاومة الاحتلال ..

* انني أشك في إمكانية تحرري من ضغط التاريخ والجغرافية، إذ لا مخرج لي منهما، إلا إذا أنجز حل عادل لقضيتنا وتحررنا من الاحتلال بشكل ناجز . أنا لا أستطيع ولا أريد، أن أنفصم عن واقعي وشعبي . ثم لماذا يصنف الأدب النابع من المعاناة واجتراح وسائل الصمود والنضال من أجل التحرر، بأنه خارج فضاء الأدب الفسيح ؟ رأيي أنه من صميم الأدب الإنساني الفسيح والعميق أيضا .

* إن سجّاني لم يأتِ ليتحكم في حياتي ومسارها لكونه معارضا أمكنه الوصول إلى السلطة بالانتخابات الديمقراطية . إنما سيطر علينا وعلى أرضنا ومائنا وسمائنا وبحرنا وتاريخنا بالقوة والحرب، مستخدما كل أشكال الأسلحة في القتل والتدمير. لذلك أنا لا أقف موقف المعارض له، وإنما المقاوم له . وكتابة تجربتي هي للكشف عن حقيقته . هي شكل من أشكال المقاومة . كما أن كتابة تجربتي واجب تاريخي، كي لا يأتي آخر ويسجلها على هواه . وأنا أقدم تجربتي وأؤرخها والتي هي جزء من نضال شعبي من أجل حريته . وهي بوح بما اختزن في الروح من ألم وتعذيب حد الخرافة .

* كنت أمينة بدرجة عالية في كل التفاصيل التي كتبتها، ذلك أنها محفورة بالوعي والذاكرة حفرا كما يحفر إزميل بصخر، لذلك لا أستطيع نسيانها حتى آخر يوم في حياتي. لكن الانفعال بها يقل مع الأيام، وتتعمق الرؤية والفهم لها، الذي مكنني من انتقادها وتقييمها. كما أن لغة التعبير عنها تطورت. وهكذا، فأنا أنا وأنا لست أنا .

* أنا لم أسمع عن أدب عبري تناول قضايا إنسانية فلسطينية، فالكتاب الاسرائيليون يتجاهلون وجودنا تماما. لقد ورد في كتاب "ثمنا للشمس" قصصا تؤكد هذا النكران التام. هناك بعض الكتاب الذين تجرؤوا وذكروا – مجرد أنهم ذكروا - أو جعلوا إحدى شخصياتهم فلسطيني، تمت محاصرتهم من قبل المؤسسة الصهيونية. ذلك أن الاشارة ومجرد الإشارة  إلى وجود فلسطيني واحد، تكذّب مقولتهم بأن فلسطين بلا شعب . الآن وبعد أن وصل بعض آباء الصهيونيين الأوائل إلى سن التسعين، أخذوا يبوحون بأسرارهم كيف قتلوا وهجروا ونسفوا قرى بكاملها، وكيف بنوا الكذبة الكبرى بأن فلسطين بلا شعب. وقال أحدهم إن الفلسطينيين هنا منذ أكثر من خمسة آلاف سنة، ان الأدب ( العبري ) ( الإنساني ) منطلق من هذه الخرافة الوقحة.

صدر لعودة مجموعة من الكتابات أهمها: أحلام بالحرية ( رام الله: مواطن-المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، 2004 )، وطبعة ثانية في العام 2007؛ "تجربة الكتابة" في: نوافذ في جدار الصمت: أصوات نساء في الانتفاضة ( رام الله: مؤسسة عبدالمحسن القطان ومؤسسة هنريش بل، 2005 ): 2027؛ يوم مختلف- قصص قصيرة ( رام الله: دار الشروق للنشر والتوزيع، 2007 )؛ "زمن العودة". Palestine - Rien Ne Nous Manque Ici فلسطين لا ينقصنا شيء هنا ( بروكسيل: روفو آه!، وباريس: سيركل دآر، 2008): 63-7؛ ثمناً للشمس ( رام الله: مواطن-المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، 2012 ) .

.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عالية كريم

رئيسة تحرير "معكم"

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved