عندما تنتهك كرامة المرأة مرتين

2021-02-04
 

قد لا آتي بأمرٍ جديد عندما أتحدث عن مظلومية المرأة العراقية، وعن الظروف الأمنية الصعبة، أو العادات الإجتماعية البالية التي تمس كرامتها وشموخها، لكنني سأتناول اليوم الطريقة التي يتعامل بها قانون العقوبات العراقي رقم (11) لسنة (1969) المعدل مع جريمة الإغتصاب .
فالمادة (398) توقف الإجراءآت القانونية بحق مغتصب الفتاة في حال تزوج المغتصب من ضحيته .أ ي الإجراءآت العقابية، من ملاحقة وتحريك الدعوى أو التحقيق فيها، فالمادة (398) تنص : إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المجني عليها، أوقف تحريك الدعوى، والتحقيق فيها والإجراءآت الاخرى . وإذا كان قد صدر حكم في الدعوى، أوقف تنفيذ الحكم . وتستانف إجراءآت الدعوى أو التنفيذ حسب الأحوال إذا انتهى الزواج بطلاق صادر من الزوج بغير سبب مشروع أو بطلاق حكمت به المحكمة لأسباب متعلقة بخلق الزوج وسوء تصرفه وذلك قبل انقضاء ثلاث سنوات على وقف الإجراءآت .
وبذلك تشكل المادة (398) واحدة من أخطر الإنتهاكات لحقوق المرأة، وكرامتها وآدميتها، حيث يتعرض جسمها للإنتهاك، مثلما تتعرض إرادتها في الزواج من شخص ما إلى الإنتهاك إيضا، وهكذ، فإن الإصلاح سيؤثر على المرتكب كما على الضحية، وعلى المغتصب أن يفهم ان من يرتكب الجريمة لن ينجو بفعلته . لقد أصدرت سلطة الإئتلاف الأمر رقم 31 لسنة 2003 الخاص بتعديل قانون العقوبات وقانون أُصول المحاكمات الجزائية الذي قرر في القسم الثالث منه فرض عقوبة السجن مدى الحياة لمرتكب الجريمة وفق المادة 393 وفرض عقوبة السجن 15 سنة لمرتكب الجريمة وفق المادة 396. إلّا أن هذا الأمر لم يلتفت إلى بشاعة وخطورة هذا الإنتهاك على حقوق المرأة . وقد جاء  في نص المادة 398 لمعالجة الأثار السلبية التي تنشأ عن جريمة الإغتصاب  بإيقاف إجراءآت التقاضي ضد الجاني، إذا ما عقد زواج صحيح بينه وبين ضحيته، وبذلك تتعرض الضحية إلى جنايتين الأولى الإعتداء على شرفها وأغتصابها، والأخرى تعرضها للقتل من قبل الأهل، وقد ترتكب جناية ثالثة فيما إذا نشأ في أحشائها جنين برئ بأجهاضها أو قتلها بجنينها .


لجنة المرأة والأسرة والطفولة
تفيد المعلومات التي استقيناها من لجنة المرأة النيابية، أن النائبة انتصار الجبوري قد جمعت تواقيع ل66 نائباً لإلغاء هذه المادة في الدورة النيابية السابقة، وتم رفع طلبها إلى اللجنة القانونية .. والجنة بصدد العمل على تشريع قانون ينصف المرأة العراقية من هذا الإنتهاك الصريح لحقوقها وإنسانيتها . وسبق أن نجحت عدداً من الدول العربية مثل المملكة الأُردنية الهاشمية وبيروت وفلسطين ومصر وتونس في الغاء الفقرة الخاصة بمغتصب الفتاة .
كما سبق لإئتلاف البرلمانيات من الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة أن أُعلن عن إنجاز صياغة اتفاقية عربية لمناهضة العنف ضد المرأة في المنطقة العربية  خلال مؤتمر رعته جامعة الدول العربية في شهر كانون الأول من عام 2016 في جمهورية مصر العربية، وتناولت الإتفاقية تنسيق الجهود على المستوى الإقليمي لوضع وتطوير التشريعات والسياسات التي تحمي النساء والفتيات من كافة أشكال العنف الممارس ضدهم .

إن  في حقيبة لجنة المرأة النيابية مشاريع لقوانين تنتظر البت فيها مثل قانون مناهضة العنف الأُسري، قانون الناجيات الأيزيديات، قانون حماية الطفولة، وتعديل بعض الفقرات الخاصة بأموال القاصرين، وقانون ختان الإناث وغيرها . ونأمل أن تنجح اللجنة في تشريع عدد منها قبل نهاية الدورة التشريعية الحالية .
إن حماية الأُسرة والطفولة العراقية أمانة في أعناق السلطة التشريعية، وإن تشريع القوانين في هذه الفترة العصيبة التي تشهد تصاعد وتيرة العنف الأُسري، بكافة أشكاله وصوره، أمرٌ ضروري لحماية الأجيال القادمة وضمانة نشوئها في بيئة سليمة تخلو من كافة أشكال العنف .

مها محمد

كاتبة من العراق

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved