الضجة المفتعلة حالياً حول إقالة أو استقالة وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، على خلفية تصريحات قديمة له قبيل توليه المنصب الوزاري، بخصوص الحرب السعودية على اليمن، لا تخرج عن كونها عاصفة في فنجان، وتأتي في إطار المخطط الأمريكي الإسرائيلي لترهيب إيران وأذرعها العسكرية في المنطقة وفي مقدمتها سورية وحزب اللـه . ومن المؤكد أن السعودية والدول الخليجية الثلاث التي تضامنت مع السعودية وطردت سفراء لبنان من عواصمها، تمثل طرفاً رئيسياً في هذا المخطط القذر .
إن قرداحي العروبي التفكير الذي يرى في الحرب ضد اليمن بأنها عبثية، وهي فعلاً عبثية، وفي الحوثي انه يدافع عن نفسه، وهو كذلك، مثله مثل الكثيرين الذي أدلوا بمثل هذه الأقوال، ولكن لم تثر مثل هذه التصريحات والأقوال الرد السعودي تجاه قرداحي . ولذلك فالمسألة لا تتعلق بتصريحات قرداحي، بل هي أبعد وأعمق من ذلك بكثير، ومرتبطة بما حدث في لبنان من فشل تفجير الوضع اللبناني الداخلي عبر مجزرة الطيونة، وتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، ورفض لبنان الإبتزاز الأمريكي والصهيوني بالترسيم البحري للحدود . والغريب أن من أوصلوا لبنان إلى حافة الإنهيار يتذرعون بالحرص عليه والدفاع عنه .
السعودية لا تريد أن يكون في لبنان لا حكومة ولا استقرار أمني، والدول التي أعلنت تضامنها معها، وطردت السفراء من أراضيها دعماً للموقف السعودي، هذه الدول لم تتضامن مع سورية بوجه المؤامرة ضد جماعات الإرهاب، بل وقفت وراء هذه المؤامرة التي استهدفت تجزئة وتفكيك سورية، وقدمت الدعم العسكري واللوجستي للقوى التكفيرية، ولم تتضامن مع فلسطين والقدس والأقصى ضد العدوان الإحتلالي المتواصل على الشعب الفلسطيني .
إن لبنان في قلب الإستهداف لأنه يرفض الخضوع والخنوع والإبتزاز والسير في ركب وموكب الدول العربية التي هرولت للتطبيع مع دولة الإحتلال والعدوان .
ولا ريب أن افتعال السعودية أزمة تصريحات الوزير جورج قرداحي، هو بمثابة تطور خطير قد ينعكس سلباً على أمنها واستقرارها، وربما سيأتي الرد من تحالف أنصار اللـه الحوثي في اليمن، وذلك من خلال تكثيف الضربات العسكرية في العمق السعودي .
التهديدات ليست جديدة وتستهدف بالأساس أيران ومحور المقاومة واستهداف لبنان الخاصرة الضعيفة، وسورية المحاصرة، التي عاشت حرباً متواصلة على مدار 10 سنوات ونيف، والأزمة السياسية والإقتصادية والمعيشية لن تقتصر على لبنان وحده، والقيادة في السعودية لن تنجح بعزل القطر اللبناني، بل في عزل نفسها عربيًا، إذ أنه لم يؤيدها ويقف معها سوى ثلاث دول خليجية، في الوقت الذي يؤيد لبنان وتصريحات قرداحي ويتضامن مع الشعب اللبناني في أزمته الحالية الملايين من أبناء الشعب العربي .