تمر القضية الوطنية الفلسطينية في ظل مرحلة من أسوء وأخطر مراحلها من جراء سياسات الإحتلال وإجراآاته، والتي تتجسد بالمصادرة والإستيطان والضم والتهويد والأسرلة، ضاربة عرض الحائط بقواعد وأحكام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، معتبرة نفسها فوق المحاسبة والمساءلة الدولية بتعاون وتنسيق وشراكة كاملة مع الإدارة الأمريكية والتي انتقلت من الإنحياز إلى الشراكة بفعل الإجراءات التي أقدمت عليها مستهدفة المشروع الوطني بثوابته ومرتكزاته ( القدس ، اللاجئين، إنهاء حل الدولتين، تشريع الإستيطان ...الخ ) وطرحها للمشروع الإنهزامي والمسمى بصفقة القرن والذي يهدف إلى إنهاء وشطب القضية الفلسطينية وإعطاء الضوء الأخضر للعديد من المخططات الإستيطانية والتهويدية سواء محيط الحرم الإبراهيمي وضم الأغوار والكتل الإستيطانية .
نظراً لحساسية المشهد وتعقيداته وفي إطار صياغة رؤيا وخطة وطنية شاملة مرتكزها الأساسي كيف نعمل على استنهاض العامل الذاتي لما يشكله من أهمية بالغة في نضالنا الوطني وهذا ما سيتم تناوله في هذا المقال، حيث سنعمل على إبراز جملة من القضايا تشكل عوامل قوة تسهم في تعزيز الموقف الفلسطيني ورفع مستوى قدرته على الصمود في وجه التحديات، أرى أهمية العمل عليها في إطار الخطة وهي على النحو التالي :
- عدالة القضية الوطنية الفلسطينية والدعم الدولي لها من خلال العشرات من القرارات الصادرة عن مجلس الإمن والجمعية العامة والتي أكدت على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني والغير قابلة للتصرف مما يتطلب العمل عليها والتمسك باعتبارها عامل قوة، ومن هنا تكمن أهمية البعد الدولي وحمايته وتعزيزه ومواصلة القيادة الفلسطينية في جهودها السياسية والإنضمام لكل المواثيق والمعاهدات والمنظمات الدولية تعزيزاً لمكانة دولة فلسطين ومركزها القانوني، ومتابعة الجهود للحصول على العضوية الكاملة .
- البعد العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية وأهمية الحفاظ عليه وحمايته وتعزيزه لما يشكله من موقف إسناد ودعم للموقف الفلسطيني على قاعدة الإنطلاق من المواقف المبدئية تجاه الشعب الفلسطيني وباعتبار قضيته قضية العرب الأُولى والمركزية .
- ونود التركيز هنا على ما تعانيه الساحة الفلسطينية من انقسام كارثي ومدمر لم تعهده الساحة من قبل انعكس مباشرة على وحدة الأرض والشعب والقضية وعلى كل مناحي حياة شعبنا الفلسطيني، ومما أدى إلى تراجع مكانة القضية على الصعيد الدولي، حيث أن الإحتلال هو المستفيد من ذلك، مما يتطلب الوقوف وبمسؤولية وطنية عالية لإنهاء هذا الإنقسام واتمام المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية الحقيقية القائمة على الشراكة والمسؤولية في تحمل الأعباء ومستندة إلى المصالح الوطنية العليا لشعبنا الفلسطيني، باعتبارها صمام الأمان لقضيتنا ومرتكز أساس من مرتكزات المشروع الوطني، وهي أقصر الطرق لتحقيق أهداف شعبنا في الحرية والإستقلال ويتأتى هذا من خلال التوجه الحقيقي والجدي لتنفيذ الإتفاقيات الموقعة، والتي جاءت نتاج سلسلة من الحوارات والتي كان آخرها اتفاق 12\10\2017 والذي أكد على تمكين الحكومة وأخذ دورها وصلاحياتها في غزة كما في الضفة باعتبارها حكومة الشعب الفلسطيني والتحضير للإنتخابات العامة والتوجه للشعب باعتباره مصدر للسلطات وأهمية ذلك في تجديد وتصليب النظام السياسي الفلسطيني، وهذا احد أهم عوامل القوة .
- وفي هذا المجال نود التأكيد هنا على أهمية البعد القانوني للقضية الفلسطينية من خلال الملاحقة والمتابعة مع الجنائية الدولية لجملة الملفات التي تم احالتها وكذلك مع مجلس حقوق الانسان وكافة المنظمات الدولية باعتبار ما يقوم به الاحتلال من سياسات عنصرية واجراءآت بحق شعبنا ترتقي الى مستوى جرائم حرب يحاسب عليها القانون الدولي وتدخل ضمن اختصاصات الجنائية الدولية ، ونؤكد على مواصلة جهد القيادة للحصول علي الحماية الدولية لشعبنا .
- أهمية توحيد الجهد النضالي والكفاحي، وعلى قاعدة التكامل لشعبنا في كافة أماكن تواجده وهذا من خلال تعزيز دور منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل وتطوير دوائرها ومؤسساتها وانتظام اجتماعاتها والحفاظ على دوريتها من مجلس وطني ومركزي ...الخ وتفعيل كافة اللجان المنبثقة عنها، ومن هنا نؤكد على أهمية وضع مخرجات المجلسين الوطني والمركزي موضع التطبيق وما تضمنه من تعليق الإعتراف بدولة الإحتلال ووقف التنسيق الأمني ووقف العمل بكل الإتفاقيات الموقعة وإعادة النظر باتفاقية باريس الإقتصادية والمكبلة للإقتصاد الفلسطيني والخلاص من المرحلة الإنتقالية، والتي أفرغتها إسرائيل من مضمونها وصولاً إلى سلطة بلا سلطة واحتلال بلا كلفة من خلال فرضها الوقائع على الأرض من مصادرة واستيطان وضم .
- النضال والمقاومة ضد الإحتلال حق أقرته المواثيق والأعراف الدولية للشعوب الخاضعة للإحتلال، وطبيعة المرحلة وظروفها هي التي تحدد الشكل الأنسب لها، ونحن نعتقد أن المقاومة الشعبية الشكل الملائم لهذه المرحلة مما يتطلب العمل على مأسستها من أجل استمراريتها وديمومتها والحفاظ على بعدها الشعبي والجماهيري وتوسيع دائرة الإشتباك مع الإحتلال تتوج بانتفاضة شعبية عامة بقيادة واحدة وموحدة وبخطاب أيضاً موحد، تضع على أجندتها تفعيل كل أشكال المقاطعة مع هذا الإحتلال، السياسية والأكاديمية والثقافية والإقتصادية ...الخ باعتبارها شكلاً نضالياً مهماً .
واعتقد أن هذا يتأتى من خلال استنفار كل قطاعات شعبنا على كل المستويات، وهذه مسؤولية تقع على عاتق فصائل العمل الوطني، وعلى أن يتكامل هذا مع جهود القيادة الفلسطينية على الساحة الدولية .
أعتقد أن هذه أبرز نقاط وعوامل القوة الذاتية والتي تشكل رافد أساس ومهم على كافة المستويات الرسمية والشعبية والتي تسهم في تمتين الموقف الفلسطيني وتصليبه .