عاش العالم على هلع وخوف شديدين لم يعرف لهما مثيل منذ المجزرة البشرية التي عرفها العالم بسبب الإنفلونزا الإسبانية، التي قتلت عشرات الملايين من البشر...فشلت كل السياسات الصحية آنذاك على الحد من تأثير جرثومتها ومنذ ذلك التاريخ، أدرك العلماء والباحثون أن هذا الفيروس قد لا يظهر بمثل هذا الإنتشار حتى فوجئوا بفيروس كوفيد 19 وهو يسافر ويتجول بحرية ونشاط وقوة وفي كل أرجاء الكرة الأرضية، بل سمعنا وتابعنا وقرأنا من نعت الفيروس بأنه مؤامرة مرضية عالمية، خرجت من أحد مختبرات ووهان الصينية، وإذا كانت الدول والحكومات لم تتعامل معه في البداية بالجدية والصرامة اللازمتين، إما بدعوى جهل مكوناته أو ندرة أجهزة التعقيم أو أجهزة الوقاية الأساسية، مما منح الفيروس فرصة مدهشة للإنتقال، وهذا ما أعطى الفرصة لعدوى معزولة في ووهان الصينية كي تصبح وباء وجائحة عالمية واسعة الإنتشار، هذا الفيروس تم تضخيمه وترويع الناس بقدرته على تدمير خلايا الإنسان، فهل هو من صنع الإنسان ؟ أم من نتيجة تدمير الإنسان للبيئة ؟ هذا السؤال هو الذي جعل العالم حائرا إلى اليوم، من أن منظومة الصحة العالمية أرسلت أخيرا فريقها العلمي إلى الصين لمعرفة مصدر نشوء هذا الفيروس وصعوبة السيطرة عليه إلّا باستعمال المحاقن... اليوم كما بالأمس لا حول لنا ولا قوة لوقف انتشاره إلّا بالحجر الصحي الصارم... ما يميز هذا الفيروس أنه لا يخص الفقراء فقط كما هو الشأن بالنسبة للأمراض المعدية الأخرى... كفيروس إيبولا..، فهو لا يميز بين الشعوب المتقدمة أو المتخلفة... لا يميز بين الناس ... لا تردعه الأسلحة المدمرة ولا الحدود المغلقة ولا الأجواء المغشوشة.... لا انتماء له سوى أنه فيروس قاتل يحوم حول العالم بسرعة فائقة، لذا تقوم كل الدول على حدة لوضع استراتيجيات وسياسات وتدابير صحية لوقف انتشاره لكن كيف.... ؟ حاليا الأمل والبعث في الحياة نراه في اللقاحات التي تعرضها علينا المختبرات الصحية العالمية، وإن كانت لم تقدر على هزمه بعد، وفي بلدنا وان كان قد تسلل إلى أجسادنا وسرق منا الأصدقاء والأحباب والأقارب إلّا أننا استطعنا بوسائلنا المتعددة استعمال الأعشاب الطبية والتزام التباعد، وارتداء الكمامة، واحترام البروتوكول الصحي.... وأخيرا التلقيح كفرصة للسيطرة على عدوى هذا الفيروس مما جعل الأرقام تتلاشى لتعطي لنا أملا في أن نشفى من الإصابة بهذا الفيروس، وإن كانت ما تزال هناك أسئلة محرقة تحيرنا وتثير فينا بلبلة وشكوكاً عن مآل أجسادنا التي دخل إليها محلول اللقاح، هل كان من المفروض أن لا يتم التلقيح إلا بإذن من الأطباء ؟ وذلك أضعف الإيمان ؟ أم أن نتائج التجارب السريرية والمخبرية لا تدعو للقلق عبر مراحلها المختلفة ؟ أم قد نعتبر حملة التلقيح والتطعيم الحالية مرحلة سريرية رابعة ؟ قد تفرز أعراضا أخرى تبدو حاليا أنها أعراض جانبية تنبه إليها الأطباء والباحثين في الشأن الوبائي والصحي، إن هاته الأعراض ليست ذات طبيعة خاصة أو محلية ما دام أنها نفس الأعراض التي تظهر عند نفس الملقحين في كل أرجاء العالم، وبالتالي فلا خوف الآن على المطعمين ما دام العلاج من نفس الفصيلة في كل أرجاء العام، سواء كان التلقيح صيني أو روسي أو إنجليزي أو ألماني أمريكي .
عن الوباء كان عالمياً والسيطرة عليه كانت عالمية، غير أن ما يثير الفضول الإعلامي هو لماذا تخلت المنظمات العالمية، وتركت الفرصة ضائعة للسيطرة على هذا المرض العالمي المعدي، فأين موقف صندوق النقد الدولي الذي لا يتقن إلّا لغة التوازنات المالية، لا التوازنات الإنسانية ؟ أين موقف الإتحادات الأوروبية والأمريكية والأسيوية للإتفاق على بروتوكول صحي عالمي للقضاء على هذا التهديد الوبائي للأمن الإنساني ؟ علماً أن الفيروس إما أنه من صنع بشري أو من صنع في محيط إنساني حيواني ؟
اليوم يمكن أن يتحول العالم إلى بؤرة موبوءة، بسبب هذا الإهمال العالمي لهذا الوباء المعدي الذي تجندت له المختبرات العالمية، وربما بطمع مادي محض، وكأن الجهود الصحية العالمية التي تقوم بها منظمات الصحة العالمية، ومنظمات الصحة القارية الأخر، تغطس في رمال بيروقراطية واقتصادية ناعمة، معيقة بذلك برامج التنمية في الدول الفقيرة، وكأنهم يضعون ثلاث أرباع سكان العالم يغرقون في بحر الإهمال يبحثون عن علاج منقذ للحياة من هذا الفيروس الذي صنع في مختبرات أو وجد في الدول المصنعة، ويزحف مهاجرا إلى الدول الفقيرة لا مآل لها إلّا التوسل لمنظمة الصحة العالمية أو للدول المالكة لقرار الإنتاج ؟
إن هاته الجائحة أظهرت لنا أن هناك هوة صحية بين الشمال والجنوب، لكن لا حل للقضاء على الوباء والسيطرة عليه، إلّا بتكاثف الجهود بين جميع الدول بغض النظر عن جنسها ولونها وتقدمها أو تأخرها، إن الأسئلة ما تزال متناسلة، وقد تظهر الأيام والشهور المقبلة ما خفي وأعظم .