ها هي الحرب على غزة وضعت أوزارها، وانقشع ضباب المعارك، وتوقف العدوان، ودخلت الهدنة حيز التنفيذ، وسوف يكتب ويقال عنها الكثير .
لقد ارتكبت حكومة الإحتلال وبتوجيه مباشر من بنيامين نتنياهو، جرائم حرب دموية خلال عدوانها المجنون والمسعور على أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، على امتداد 11 يومًا، واستهدف المدنيين العزل والبنايات والأبراج السكنية وتخريب البنى التحتية، والذي خلف ألآف الجرحى ومئات الشهداء بمن فيهم عدد كبير من الأطفال، فضلًا عن تشريد ونزوح كثير من العائلات والأسر الغزية من منازلها التي طالها القصف .
وفي الحقيقة أن اسرائيل فشلت وأخفقت في تحقيق أهدافها المرجوة، وهذا باعتراف العديد من المحللين والمراقبين والصحفيين وعلى رأسهم رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، فهدف هذا العدوان كان بالأساس ضرب قوى وفصائل المقاومة الفلسطينية وتصفيه قياداتها العسكرية وتركيع غزة، ولكن هذا الأمر لم يتحقق، حيث أبدت فصائل المقاومة صموداً ومنازلة شرسة لم تتوقعها الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية بل وفاجأتها القدرات العسكرية لحماس وقوى المقاومة .
إن ما أنجزته وحققته المقاومة الفلسطينية وكفاح شعبنا الفلسطيني ما قبل العدوان وخلاله، في القدس وغزة وبعض مناطق الضفة الغربية وفي الداخل الفلسطيني عام 1948، غير مسبوق، ولربما يتفوق ويفوق ما أنجزته الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الممتدة من العام 1987 وحتى توقيع اتفاق أُوسلو، وسيكون لنتائج هذه الحرب العدوانية تداعيات سياسية في المستقبل المنظور .
المطلوب بعد هذا العدوان البدء بإعمار غزة، وتقديم حكومة الإحتلال للمحاكمات الدولية على جرائمها الدموية التي ارتكبتها بحق شعبنا الفلسطيني، وفلسطينياً يجب استثمار الإنتصار ومراكمة الإنجازات، بتحقيق الوحدة الوطنية والميدانية في أبهى صورها، وصيانة هذه الوحدة والحفاظ عليها في كل الهيئات ومؤسسات العمل الوطني والكفاح التحرري، وتجاوز حالة الإنقسام والتشرذم، والعمل على إقامة حكومة وطنية من جميع الألوان والأطياف السياسية الفلسطينية، في ظل تعطيل الإنتخابات التشريعية والرئاسية، ولا يكتمل الإنتصار لشعبنا الفلسطيني إلّا بالخلاص من الإحتلال وتوابعه، وإقامة دولته الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .