حين اشتريتُ هذه الرواية في بغداد قبل سنتين توقفت أمام علامتين :
اللوحة الريفية الجميلة التي تحتوي ثلاث كائنات : امرأة ورجل بزي ريفي وخلفهما حصان، للفنان صاحب الركابي.. وثلاثية عنوان الرواية :
هم
نحن
القادمون
في (مقدمة) الرواية تقوم الروائية سافرة جميل حافظ، بتفكيك شفرة عنوان الرواية، فضمير الجماعة المذكر(هم) معني بتلك (المرحلة التاريخية تحية وفاء واعتزازا لقد كانوا مناضلين دون أن يعلموا وأبطالاً برغم بساطتهم، وكانوا وطنيين أفذاذاً يدفعهم حماسهم وحبهم لأهلهم ووطنهم وأرضهم بعيداً عن الطائفية والعنصرية التي لم تكن أبداً حاجزاً بين الناس الطيبين) ويبدو أن الرواية من أجزاء وما بين دفتيّ المطبوع هو فقط يخص الجيل التاريخي (هم) .
ذلك ما يؤكده قول مؤلفة الرواية : ( وآمل أن أضيف اليهم الجزء الثاني الذي هو (نحن) في تاريخنا الذي أشد اضطراباً والأخطر في تاريخ العراق) ربما تعني الروائية، أن الجزء الثاني يتناول الفترة التي انبثقت فيها الدولة العراقية مروراً بالحركة الوطنية العراقية وما جرى من حماس وطني وصولاً إلى ثورة 14 تموز 1958 وما بعدها .
ثم تنتقل الروائية متحدثة عن المفردة الأخيرة في العنوان (وأما القادمون فربما أفادوا من تجاربنا، نجاحاتنا، واحباطاتنا حزننا وسرورنا فيوفقون حيث فشلنا وينتصرون حيث خسرنا) وهذا يعني أن (القادمون) هم المستقبل المرتجى الذي لم يصل لنا بعد .
حين انتهيتُ من قراءة الرواية : تمنيتُ المكوث مع نساء العائلة ومشاركتهن فرحتهن بعودة البستان للعائلة، ذلك البستان الذي يحمل الكثير من المعاني الوطنية .
بدأتُ في قراءتي متوجسة أشبه بطرقات على باب لا أعرف من وراءه . لكن بمرور الوقت والقراءة صرتُ ضيفة ً عزيزة على عائلة بغدادية متفاهمون فيما بينهم.. يتحدثون في كل أمورهم وأمورهن أمامي فأحببت مزاح الجارة كميلة وتعلق حسيبة بقططها حد البكاء على قطة ماتت ولا يمكن لأحد في البيت الكبير لا يُصغي لما تقوله أم فهمي وازددت اعجاباً بموقف حسيبة مع ضرتها بعد وفاة زوجهما، فقد وقفت معها وناصرتها أمام القاضي في المحكمة.. كانت الروائية سافرة جميل حافظ ماهرة في تشكيل شخصيات روايتها المشوّقة، وبالشوق ذاته أتساءل هل طبعت المؤلفة الجزء الثاني من الرواية ؟ .
.........................................................
سافرة جميل حافظ/ هم ونحن والآخرون/ دار الشؤون الثقافية العامة/ ط1/ بغداد/ 2008