هل كُنّ نسوة هاربات لجأن لأحد الكهوف ليلحقهن الموت هناك ؟
هل نجا منهن أحد ؟
هل كُن خائفات ؟
وتلك التي تصرخ؛ لماذا كان عليها التوقف عن بعث صوتها في جدار أملس ؟
هل كان جدار الكهف أملس حقا ؟
هل أولئك النسوة عراقيات ؟ هل هن من البصرة أم تكريت أو من أين بالضبط ؟
هل هن إيزيديات أو مسلمات ؟ أم ما هي ديانتهن بالضبط ؟
لا إجابة؛ لأن الكل محصور كرسم على ذات الكهف .
هل هن ممن أخرجهن أولئك الباحثون عن الحور العين قبل الموت وبعده ؟
هل هربن حقا ؟
هل ما زلن على قيد الحياة ؟ أم مِتن في الكهف ؟ هل نجا منهن أحد ؟
هل كُنّ نساء حقيقيات ؟
هل يملكن أصوات ؟
أم مجرد رسوم في كهف تتحدث عنه أُمُّ إحداهن ؟
إحداهن تلك التي أصبحت واحدة من الحور العين، أو نسوة الكهف – لا فرق -
الكهف ؟
هل كان كهف حقا ؟
أم مجرد فنجان قهوة سوداء قاتمة ؟
والنسوة لسن سوى كائنات رسمهن البن على جدرانه ؟
حقا ؟
ألم يكن حقيقيات أولئك النسوة ؟
ذلك ما ستبقى تبحث عن إجابة له طوال فترة قراءتك لرواية ” كائنات البن” للكاتبة العراقية بلقيس خالد .
الرواية كُتبت بلغة جميلة أقرب للشعر السردي منه للسرد الشعري، ربما لأن الكاتبة شاعرة فانتصرت للشعر في سرديتها .
في أقل من ١٠٠ صفحة
قالت كل شيء وكأنها لم تقل شيئا، لا يمكن الجزم حقا بما قالت لأن عليك كقارئ أن تقرأ ما لم تكتبه .
الجمل كانت قصيرة غالباً، مقاطع تأخذك بعيدا وتعيدك، تتركك مرتبكا لا تدري هل اتضح كل شيء أم ثمة حديث لم تستطع قارئة الفنجان فك شفرته .
هذا الغموض في الرواية، جعلني كقارئ أركض وراء السر، وأبحث عن الحقيقة، مما ألهاني عن الإحساس بالحزن والإحباط والألم والموت، لأن كل ذلك حدث وكأني أحل الكلمات المتقاطعة للوصول إلى السر، ولكني أخيراً انكسرت وكدت أصرخ :
- تباً، لماذا يحدث كل هذا ؟
تنضم رواية كائنات البن إلى الروايات التي تتحدث عن داعش والدولة الإسلامية والموت الذي ينهش جسد الوطن العربي، متمثّلاً في العراق في هذه الرواية، ولكن يبقى لها حضورها الإستثنائي في هذا الجانب .
صدرت هذه الرواية عن دار المكتبة الأهلية، في البصرة، عام 2017م، ولا أجد أدلّ عليها من المقطع الذي تمنّته الكاتبة لهذا العالم، وتركته شاهداً لها على غلاف روايتها :
(- انظري..
شقٌّ في عباءة الليل .
هل كان ضوء من نهار الغد ذلك الشهاب ؟!
- أخفض إصبعك
وتمنّ للغد نهارا خاليا من الشقوق .