بعض دعوات الإستشهاد في سبيل ألله, كيف فهمها وأدّاها السلفيون في القرن الماضي/2

2015-06-26
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/d7ee1bde-80fe-4547-a123-e098d361ca44.jpeg
 يعود الفضلُ في كتابة هذا التقرير إلى الوثائق والدراسات والمجلات التي وفرها لي مشكوراً المركز الثقافي في مدينة (الخُمس) بليبيا طوال فترة إقامتي في ذلك البلد العزيز علي, هاشم.
 
الحلقة الثانية
من الطبيعي أن يكون لكل تنظيم من التنظيمات الدينية السياسية المعارضة طرقه الخاصة في تجنيد الأعضاء، تلك التي تختلف عنها في التنظيمات الأخرى، والتي تتشكل متأثرة بالظروف المستجدة وبتقاليد التنظيم ذاته. فعلى سبيل المثال, تنصح الوثائق الداخلية لتنظيم "الاخوان المسلمون" في السودان، بتكثيف الجهود لتجنيد أعضاء جُدد من أوساط الأشخاص الموهوبين والشخصيات المشهورة, ومن أولئك الذين يشغلون مناصب عليا وقيادية. ويجري تنشيط وتوسيع أعمال التجنيد عن طريق "تنشيط العمل الثقافي في النوادي والمساجد والمؤسسات التعليمية والرحلات المنظمة والأسفار, التي يدعى إليها الأعضاء الجدد والمرشحين". ويجب أن يُحاط الأعضاء الجدد بجوٍ من الاهتمام لكي (حسب تعبير إحدى الوثاثق الداخلية) لا يُفسح لهم مجال للراحة, وتزويدهم المستمر بالأدبيات.
هنالك بعض التنظيمات الدينية السياسية المعارضة تسعى لزيادة أعداد صفوفها، الأمر الذي يؤدي إلى عدم القدرة على الاهتمام الكافي بالمرشحين. وبهدف توسيع التنظيم عددياً، وجهت قيادة "الاخوان المسلمون" في السودان أمراً عاماً بخصوص التروي في التعامل مع الوسط الشبيبي، وعدم الاستعجال في مكافحة الظواهر السائدة فيه كالتدخين وتناول الكحول والرقص والغناء على الطريقة الغربية. فالإخوان في السودان, وانطلاقاً من هذه التصورات, لا يقفون ضد التعليم المختلط، ولا يعزلون الجنسين في تنظيمهم. كما قدمت نصائح بخصوص العمل مع الشبيبة المتعلمة وطرق تجنيد الأعضاء في أوساطها، كما يتم اختيار عناصر التنظيم البشوشة والمرحة للعمل في هذا المجال. 
 
ونظرا لأن التنظيمات الإسلامية السياسية المعارضة هي في توسع وانتشار مستمرين، وأصبحت تستخدم أعمال العنف لتحقيق أهدافها على المستوى العالمي، لهذا السبب توسعت أيضاً جغرافيا التجنيد. ومثل هذه الأنشطة تخطت حدود البلدان العربية وأصبحت واسعة الانتشار, لا سيما في عواصم الدول الأوروبية. 
 
(لهذا, أصبحت إمكانيات اختراق أجهزة المخابرات الغربية لهذه التنظيمات، من الأمور السهلة جداً). 
ومن بين التنظيمات الدينية السياسية المعارضة العاملة في البلدان العربية والتي تمتلك مراكز تجنيد خارج حدود الشرق الأوسط _ حزب التحرير الإسلامي, الذي يهدف إلى إقامة نظام الخلافة. ففي صيف 1983، اعتُقِل في تونس 29 شخصاً، من بينهم 18 عسكرياً، اتهموا بالانتماء إلى هذا التنظيم السياسي غير المعترف به. وفي نهاية شهر آب/أغسطس عام 1983 حُكم على أعضاء هذه المجموعة بأحكام سجن مختلفة (من 2 إلى 8 سنة). وهؤلاء الذين هم من أعضاء فرع حزب التحرير الاسلامي التونسي، كان قد تم تجنيدهم في أوروبا, حيث تقيم القيادة العملياتية لهذا الحزب، الذي هو على اتصال مستمر مع مثقفي الوطن العربي، الذين يتواجدون من حين لآخر في أوروبا لأغراضٍ متنوعة (دراسة، مهمة، بعثة علمية وغيرها). ويتوجه هذا الحزب إليهم بهدف إقناعهم لتشكيل فروع لهذا الحزب في أماكن تواجدهم الدائم. والكثير من العسكريين التونسيين الذين حوكموا في هذه القضية، كانوا عائدين عشية الاعتقال من المانيا الغربية, وأحد الضباط، كان مكلفاً بمهمة رسمية في اليونان حيث تم تجنيده.
تشير مصادر المعلومات ( وزارة الداخلية المصرية، على سبيل المثال ) إلى أن فيينا تعتبر من مراكز التجنيد، حيث تم فيها تجنيد رئيس فرع مصر لحزب التحرير الإسلامي ( صُفي هذا التنظيم من قبل‌ السلطات المصريه عام 1983 ) علاء الدين الزناتي . 
بعد عام 1981, أقدم 3/4 من أعضاء جماعة التكفير والهجرة في مصر، بما فيهم قائد هذا التنظيم محمد الأمين عبد الفتاح، على الفرار خارج البلاد.
وهنالك قسم من قادة تنظيم "الاخوان المسلمون" المصريين عاشوا في سويسرا، أما قادة تنظيم "الاخوان المسلمون" في سوريا فقد قطنوا ألمانيا لفترةٍ طويلة.
في النصف الأول من الثمانينات, وَسَّعت التنظيمات الشيعية العاملة في الوطن العربي والمشايعة للإيرانيين وعدد من رجال الدين الايرانيين، نشاطاتها ورفعت من فاعليتها في تجنيد الأعضاء في عواصم الدول الأوروبية وغيرها من المدن الكبرى. وأصبحت مساجد الشيعة في باريس ونانت وغرينوبلييه، ومونبيلييه ونانس وسواها من مدن فرنسا, مراكزاً للدعوة الخمينية. كما كانت تقام نشاطات دينية سياسية في المركز الثقافي الإسلامي الواقع في شارع جان بار في باريس، الذي تم إغلاقه في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1983 بأمرٍ من السلطات الفرنسية. وقد اعتُبِرَت هذه النقاط وسواها مراكز للتجنيد لصاح الدعوة الخمينية، التي يقوم بها أنصارها الإيرانيون واللبنانيون. وكانت أهدافها تجنيد الشبيبة المنحدرة من مهاجري شمال أفريقيا (حوالي 1.5 مليون), وأولئك الذين حصلوا منهم على الجنسية الفرنسية (حوالي 400 ألف), والفرنسيين الذين أسلموا (حوالي 35 ألف)، والطلاب الإيرانيين الذين يدرسون في فرنسا (5611 طالب في العام الدراسي 1982/1983، وهم يأتون في المرتبة الثالثة بعد الطلاب المغاربة -حوالي 22 ألف طالب، والجزائريين - حوالي 10 آلاف طالب). والأمر الذي يثير الدهشة, هو أن يصبح القبائليون() الذين يعيشون بصورة مؤقتة أو دائمة في فرنسا أهدافاً لهذه الدعوات، على الرغم من أن هؤلاء لا يميلون لدعوات "الإخوان المسلمون". كما يسعى الشباب إلى الانتظام في صفوف تنظيمات مرحلية كتنظيم الطلاب المسلمين في فرنسا وتنظيم الطلاب الإيرانيين المسلمين في فرنسا وتنظيم الطلاب المسلمين في باريس، وسواها.
وكان الدُعاة (50 – 100 شخص)، الذين خضعوا لدورات تدريبية في إيران، يقيمون الاحتفالات الدينية ويوزعون الأدبيات والكاسيتات ويعلقون الشعارات في أيام الخميس والسبت وذلك في المدن الطلابية وبيوت الطلبة وسواها. كما كانت تتم تجنيدات فردية أيضاً.
تخبرنا صحيفة تايمز اللندنية الأسبوعية بأن مثل هكذا نشاطات كان يتم في العاصمة اللندنية, أما مركز التجنيد فكان يقع في روما.
وكان الذين يتم تجنيدهم من الشباب في الخارج ينضوون إلى فصائل التنظيمات الخمينية، على اختلاف أنواعها. وفي فرنسا بالذات تم تجنيد. المغاربة والتوانسة والجزائريين الذين اشتهر عنهم عضويتهم في تنظيم العمل الإسلامي، الذي كان يتزعمه محمد المدرسي، الايراني المنبت.
 
ولكي تكتمل الصورة، على الرغم من خروجنا عن حدود المنطقة العربية، لا بد من الإشارة إلى النقطة الخطرة _ حينما أصبح النظام الايراني يستخدم المهاجرين والفارين الأفغان، الذين وصل عددهم الإجمالي, حسب مصادر مختلفة, ما بين (40-50) ألف إلى (600-800) ألف إنسان، والذين كانت غالبيتهم العظمى من الشيعة الخزر، ومنهم من كان معداً من قبل الأحزاب الخمينية المختلفة، كتنظيم النصر و"حركات إسلامي". وحسب معلومات مسعود رجوي، أحد قادة المعارضة الايرانية: إستخدم نظام الخميي في إيران الأفغان الفارين من وطنهم والمنتسبين للتنظيمات الخمينية المختلفة، في معاركهِ على الجبهة الإيرانية العراقية في الحرب الدائرة بين الطرفين. وأشارات صحيفة "البرافدا" إلى أنه جرى تأسيس عدة مراكز في منطقة مدينة مشهد الواقعة في الأطراف الشرقية الإيرانية، وذلك لإعداد وتدريب المقاتلين المسلمين وللقيام بالنشاط المعادي للثورة على أراضي الجارة أفغانستان.
وإذا لم تكن مهمة الإعداد النفسي والعسكري للأعضاء، في التنظيمات الدينية السياسية المعارضة, هي المهمة الرئيسية، فإنها تعتبر الأولى في الحد الأدنى. كما نصح "الأخوان المسلمون"، بهدف "تشكيل جيش إسلامي لخوض الجهاد"، تخصيص يوم في الأسبوع للقيام بالتربية البدنية والإعداد العسكري. ويتميز هذا التنظيم بتقليد تشكيل مجموعات متنقلة أو وحدات مسير.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved