بين الثامن من حزيران ( يونيو ) والعاشر منه ، احتفتْ بلباو ( حاضرة الباسكيّين ) بالمهرجان الشِعريّ الأول ، لمناسبة إحياء ذكرى غرنيكا.
كنت العربيّ الوحيد.
لكنّ الناس أعدّوا واستعدّوا لمهرجانهم الشِعريّ الأول ، خير إعداد واستعداد ، حتى أن نصوصي تُرجِمتْ إلى الإسبانية قبل أربعة أشهر من المهرجان !
" أميركا ، أميركا " من بين نصوصي المترجَمة ، وهي التي حظيتْ بالاهتمام !
من أرجاء العالَم الوسيع جاء الشعراء ، والشاعرات ( لا أحبّ استعمال الشواعر! ) : من أميركا اللاتينية، والولايات المتحدة ( جاك هيرشمان الصديق ) ، وأوربا ، ومن فييتنام أيضاً ( نيغوين كوانغ ثيو ).
في بلباو لا يكاد المرء يلحظُ الأزمة الاقتصادية التي تعصف بإسبانيا .
قيل لي إن الباسكيّين يدبّرون أمورهم أفضل .
لكأنهم أقربُ إلى الشمال الأوربي منهم إلى الجنوب اللاتينيّ .
معروفٌ أن اللغة الباسكيّة فريدةٌ بين اللغات . لا تنتمي إلى مجموعة لغوية ، وإنْ كانت مفرداتٌ فيها ذات طبيعة قوقازيّة .
حفظتُ من الباسكيّة تعبيراً واحداً : أوجو أوندو ( جيد جداً )
Oso ondo
لكنه يُنطَق :
Ocho ondo!
سبحان الله!
في الكافتيريا ، كنتُ أتباهى بأنني أعرفُ الباسكيّة : أوجو أوندو!
*
بين فندق النجوم الأربع ، والمجمّع الثقافيّ الواسع المتشعّب ، مثل متاهةٍ حقيقية ، وحديقة البرغولا العامّة ، كان يدور مهرجان الشِعر.
الحضور كثيف فعلاً .
استلفتَ انتباهي أن أداء الشِعر صار يميل أكثر فأكثر إلى الصوتيّة ، مع عوامل مساعدة أخرى :
الغناء
البانتوميم
الموسيقى الألكترونية ( بمساعدة الحاسوب )
كما استلفتَ انتباهي أن الشعراء ، من أطراف العالَم المختلفة ، كانوا معْنيّين بالشأن العام ، بقضايا الحرية ، والإضرابات ، والتظاهرات ، وبالوقوف ضد الرأسمالية الجامحة ، والاستعمار.
وانتابني شعورٌ بالمرارة ، إزاء حال الشِعر العربي ، الذي فصلَه " الشعراءُ الكتّابُ " ممّن يحترفون الصحافة المأجورة ، عن أي علاقة بالحياة وإشكالاتها ، عن أي علاقة بالشعب.
لم يَعُدْ لنا شِعرٌ.
الألسُنُ قُطِعتْ طوعاً.
*
تحت الثرى ، تفعلُ جذورُ الشجرةِ ، الحـُُبَّ
الحبُّ خِصْبٌ
الـحُبُّ أوراقٌ مُسّاقطةٌ
نحن ننكشفُ في نومٍ غبيّ :
كلّما حلمْنا أكثرَ ، زادَ تعثُّرُ خطواتِنا.
ليس لي من عتَبةٍ أزحفُ عبرَها .
الشاعر الفييتنامي نغوين كوانغ ثيو
Nguyen Quang Thieu
لندن 17.06.2012