ضربةُ احتلالٍ ناجحة في معركة الثقافة

2015-04-26
لحيدر العبادي أن يتباهى أمام أسياده بأنه الأكثرُ طاعةً ووفاءً ، وأن يتباهى أمام الحثالة السياسية التي في الواجهة بأنه يحظى من لدُنِ أسياده الأميركان بالتأييد المطْلق ، مسانَدةً  ، وقذْفَ قنابل .
بل لقد فاق حتى تصوّرات الأسياد ، في الخراب الثقافي ، بأن أوكلَ وزارة الثقافة إلى فرياد ( أهذا هو اسمه ؟ ) راوندوزي .
ليس لي من موقف شخصيّ إزاء الرجلِ ، فأنا لا أعرفه ، وهو لا يعرفني  (مشكوراً ) بأيّ حال .
كما أن من سبقوه في وزارة الثقافة تحت الاحتلال ، ليسوا أكثر رداءةً منه ، إذ لم يكونوا مُمارسي ثقافة بإطلاق  ، شأنهم شأنه.
لكنّ ما حفّزَني على التعليق ، هو أن ما يجري في الساحة الثقافية ، من تدميرٍ واستهانةٍ ، يتطابقُ تماماً والمسارَ التقليدي للعلاقة بين المستعمِر والمستعمَر .
يرى فرانز فانون أن المستعمِر يريد تدمير الثقافة الوطنية ( الجوانب المتقدمة منها ) ويدفعُ إلى الواجهةِ الجوانبَ المتخلفةَ منها
مثل الطقوس القبيحة ، والخرافة ، والسحر والشعبذة ... إلخ .
كما أن هذا المستعمِر ، كما يرى ألبير مامي ، يحْرِم المستعمَر من التمتع بالحقوق التي تفرضُها قوانين المتروبول ، إذ أن هذا التمتّع يعني الاعتراف بأن المستعمَر هو ليس في مرتبةٍ أدنى من الناس في بلد المتروبول .
من هنا ، يُحْرَم العراقيون العرب من حقوقهم الثقافية ، ويتولّى شأنَهم كُرديٌّ مجهولٌ .
وهكذا نُصِح حيدر العبادي بأن يتولّى وزارة الثقافة ، شخصٌ كُرديٌّ مجهولٌ ، في بلدٍ ذي ثقافةٍ عربيةٍ عريقة شكّلَتْ ضميرَ أُمّةٍ على مدى العصور.
قد لا يدرك حيدر العبادي فداحةَ ما فعَلَ .
فهو يبدو ، غبيّاً ، على أي حال !
أو أن المستشار الأميركيّ الذي نصحه بهذا ، أشدُّ غباءً منه .


لندن   10.09.2014

سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved