ديــوانُ طَــنْــجـــة

2012-07-19


من نافذةٍ بفندق ريتز ( طنجة ) - فوتوغراف سعدي يوسف

//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/b94f1fbc-d6ed-4e23-a0a1-34a4cbd252cc.jpeg

 

طـنجــة

أجلسُ في المقهى
مقهى القدّيسةِ باولا
Cafe' Santa Paola
منذ الصّبحِ الباكرِ أجلسُ في المقهى :
طنجةُ تستيقظُ .
لستُ أنا مَن يُوقِظُ طنجــةَ ...
مَن قالَ : الـحُـلـمُ ينام ؟
.............
.............
.............
طنجةُ سيّدةُ الأنوارِ السبعةِ
أغنيةُ البَـحّــار !

طنجة 16.06.2011

 

كيسُ الخَيشِ

لستُ أدري إلى أين تذهبُ بي كلُّ هذي الأغاني ؟
أحملُ الوردَ في كيسِ خَيشٍ
وأمضي به نحوَ مَن لايريدون أن يسمعوا أنّةَ الوردِ
أمضي به نحوَ نفسي التي سئِمَتْ دورةَ الحُلُمِ المستحيلِ
بفردوسِنا :
الإشتراكيّةِ
الجسدِ الـحُــرِّ
كأسِ النبيذِ مع الخُبزِ والجُبْنِ ...
.............
.............
.............
هاأنذا أحملُ الوردَ في كيسِ خَيشٍ
وأُلقِيهِ ...
موجةُ بحرٍ ستحملُهُ نحوَ ساحرةٍ من زمانٍ جديـــد .

طنجة 18.06.2011

 

حــانــــةُ الـــبِـِرْغُــــولا

ليس في " البرغولا " ما تنَفّسَ فيه اسمُــها :
مثلاً
ليس في " البرغولا " قشّــةٌ
أو مظلّــةُ قشٍّ ...
هي ، فعلاً ، على البحرِ
لكنها رضِيَتْ بالحياةِ بعيداً عن البحرِ .
هذا النبيذُ
وأطباقُهُ من خُضارٍ ومن سَمَـكٍ
ورِئاتٍ
سَــيُغْمِضُ عينيكَ :
لن تُبصِرَ البحرَ ...
فاهدأْ
ولن تبصرَ البَــرَّ
فاهدأْ
...............
...............
...............
ومِن بَعدِ قنّينــةٍ من مَـنـابذِ مكناسَ
لن تبصرَ " البِـرغولا " !

طنجة 19.06.2011

 

وَشْـــــمُ القرنـــفُــــلِ


بالأمسِ
حينَ دخلتُ طنجةَ ، طائراً ، للمرّةِ الأولى
حسِبْتُ الأمرَ حُـلْـماً :
هل دخلتُ حديقةً ؟
بيتاً من الزُّلَّــيجِ والنارَنْجِ ؟
غيمةَ سُـنْـدُسٍ ؟
وسألتُ عائشةَ الجميلةَ :
هل سأبني هَهُنا بيتي ، صغيراً ، بين رملِ البحرِ والأعنابِ ؟
هل سيكونُ لي أن أجمعَ الأصدافَ والأعشابَ ...
هل سأُحِبُّ ؟
هل أمضي ، فأُمْضِي الليلَ من حانٍ إلى حانٍ ؟
وهل سأكونُ مجنوناً بِحُـبٍّ ، مثل حُبِّكِ ...
أنتِ عائشةُ الجميلةُ
لا تقولي ، الآنَ ، شيئاً !
واترُكي لي قُدْسَ هذي اللحظةِ ...
اتَّـرِكي على شفتَيَّ وشماً من قرنفلةٍ ووردٍ
ثـمّ نامي ...


طـنجة 2011 19.06

 

مَــــرْتِــيْـــــل

لا بأسَ أن تميلَ عن تَـطـوانَ
أن تأبقَ
أن تخرجَ من كمّاشةٍ ، من جبلَينِ أطْـبَـقــا على تَـطـوانَ
منذُ ارتفعَتْ تطوانُ
بيضاءَ
حمامــةً
في قفصٍ من جبلَينِ ...
الآنَ ، لا مَنجاةَ إلاّ في انفتاحِ البحرِ
في الرملِ الذي ينقذُنا من ملمَسِ الصخرِ
في الماءِ الذي نهبطُ فيه مثل ما نهبِطُ في السَــرِّ ...
لقد غابت ، مع الهدأةِ ، أطلانطسُ
نحن الآنَ في مَـرْتِـيل
بينَ الأزرقِ الأزرقِ والأبيضِ
بين البحرِ والرملِ ،
وبينَ الكأسِ والأخرى ...
حُـفـاةٌ نحنُ في بارٍ قديمٍ ،
شِـبْـهِ مهجورٍ لهُ طلعةُ إسبانيّةٍ من زمنٍ أغبرَ :
تأتي قطّــةٌ
لا بُدَّ أن تأتي إلينا قطّةٌ
كي يستمرَّ الحقـلُ في دورتِهِ حتى المســاء !

 

طـنـجــة 24.06.2011

 

صباح الأحد في طنجة


في الهواء قواقعُ بحريــةٌ
رَخَويّاتُ ماءَينِ أسماهُما قومُنا الـمتوسِّطَ والأطلسيّ ...
كأنّ قماشاً نقيعاً يلفُّ المدينةَ ،
والناسُ شِبْهُ سكارى
وما هُم سكارى ...
يقولُ ليَ الفندقيُّ : المدينةُ مخنوقةٌ .
قلتُ : طنجةُ قد أحيَت الليلَ ،
والآنَ يحلو لها أن تنام ...
ولكنني سوف أمضي إلى الشاطىء المتطاوِلِ حيثُ الـمـدافعُ ،
لن تتبدّى ليَ أندلُسٌ في البعيدِ :
الهواءُ قواقعُ
أمّا النوارسُ فهي التي تجعلُ الأحدَ الجـهْـمَ أضغاثَ عِــيـــد ...

طنجة 26.06.2011

 

فندق رِتْـــز
Ritz Hotel

27 شارع موسى بنِ نُـصَير
حيثُ متاهةُ طنجةَ تبدأُ
حيثُ يضيقُ الشارعُ والعَيشُ
وحيثُ تَضيقُ الفتَياتُ بِـما قُدِّرَ ...
في 27 شارع موسى بنِ نُصَيرٍ
صارتْ لي الغُرفةُ 15 !
لا أدري كيفَ وصلتُ إلى هذي الغرفةِ
مَن أوصلَني ؟
مَن قالَ : هي المأوى والجنّـةُ ؟
مَنْ أغلَقَ بابَ الغرفةِ ثم مضى دونَ سلامٍ وكلامٍ ؟
لكني أتذكَّرُ أمراً :
أتذكّرُ أنّ محمد شكري كان هنا ...
في الغرفةِ !
غرفتُـهُ في طابقِها الأوّلِ
وأنا أيضاً ...
أتكونُ الغرفةُ 15 ؟
الآنَ سأسألُ :
مَن يسكنُ في الغرفةِ 15؟

طـنـجـة 26.06.2011

 

مـقـهى بورت

Porte Cafe'


شــيءٌ في هذا المقهى يجعلُـهُ مختلفـاً
مثلاً :
لن يدخلَ فيه مَـغاربـةُ الجـلاّبةِ
والباعةُ
والعمّالُ
ولن تدخلَه امرأةٌ في الخمســين !
هذا المقهى تدخله فتياتُ اللابتوب ( الحاسوبِ الـمُحـتَـضَـنِ )
الفِتيانُ ، أحِـبّاءُ الفتَياتِ ذواتِ الحاسوبِ المحتضَنِ
الغرَباءُ بِـطنجــةَ ، مثلي
والماضونَ إلى غيرِ مكــانٍ ...
في المقهى صُحُفٌ لن يقرأَها أحدٌ
ونباتاتٌ لن يهتَمَّ بها أحدٌ
ومَـنـاظرُ من إسبانيا ، وأغان .
................
سوف أجيء إلى المقهى كلَّ صباحٍ
فلَـعَـلَّ العصفورةَ تأتي
وتحطُّ على طاولتي ذاتَ صــبــاح !
طـنـجــة 28.06.2011

 

حــانةُ البــريد
Café' de La Poste


تماماً
حين تكون الساعةُ في طنجةَ 12
أي في الظُّهرِ تماماً
أدخلُ في الحانةِ ...
( كنتُ تعلّمتُ أكيداً من سركون بولص أنّ دخول الحانةِ قبل الساعةِ 12
خطِرٌ جداً . أي أنك سوف تكونُ الـمُـدْمِنَ ! )
أثمّتَ ما يُغْريكَ هنا؟
أثمّتَ مَن يلقاكَ هنا ؟
قِنّينةُ مِكناسَ الحمراءُ ... أكيداً
وجهُكَ في المِِـرآةِ ،
وجوهُ نساءٍ كُنَّ هجرْنَكَ ...
لا بأسَ !
العالَمُ يلتفُّ ، وحيداً ، بعباءتِهِ
والحانةُ تلتفُّ :
زبائنُها هُمْ هُمْ
والأطباقُ كما كانت منذُ ســنينَ
ومحمد شُكري لم يَعُدِ ...
*
الحانةُ باقيةٌ
تُشْـرِعُ باباً ظلَّ يضيقُ مع الأيامِ
هـل الحانةُ باقيةٌ ؟

طنجة 28.06.2011

 

القصيدة العاشــرة

نحن في ليلِ طنجةَ
ندخلُ ...
لكننا سوف نسألُ أنفُسَـنا : كيف نخرجُ ؟
مثل الدروبِ التي لا تؤدِّي إلى البحرِ ، طنجةُ في الليلِ ...
ليست لديكَ خرائطُ كي تقرأَ الليلَ
أو أنّ ثَمَّ خرائطَ جاهزةً للضّياعِ :
أَقِمْ حيثما شِئتَ
قُلْ مثلَ ما شِئتَ
كُلْ مثلَ ما شئتَ
واشرَبْ كما شِئتَ ...
لن ينفعَ الأمرُ :
سوفَ تظلُّ الـمُـضَـيَّــعَ ؛
لن تهتدي بالسؤالِ عن البابِ
حتى ولو كانت البابُ أنتَ ...
ومَنْ أنتَ ؟
..................
..................
..................
طنجةُ قادرةٌ أن تُـذِيقَكَ كأسَ النُّعاسِ الألـيــم !


طـنـجــة 29.06.2011

 

لى دوسـْـتَـيـنـا لافَرْن

 

A Dostena Lavergn


إن مضينا عميقاً مع البحرِ
في الفجرِ ...
ماذا سنخســرُ غيرَ الذي قد ينوءُ به البحرُ من هولِ أغلالِــنا ؟
فلْـنكُـنْ في شواطيء إيجــــةَ
ليلاً
نهاراً
لِـنُغْـرِقْ أصابعَنا في نبيذِ الأغارقةِ ...
الليلُ حُــرٌّ
نذوقُ انكساراتِهِ بالأصابعِ ...
قلتُ : أُحِـبُّـكِ !
لم تضحكي
لم تقولي : أُحِـبُّكَ ...
.............
.............
.............
صـدَّقْتُ أنّا مضَــيـنـا عميقاً !

لندن 01.08.2011

 

To Dostena Lavergn

If we went deep in the sea
At dawn
What we will loose but our heavy fetters?
Let us be along Aegean shores
Night
And day.
So to dip our fingers in the Greek wine
Night is free
We tasted it with our fingers.
I said: I love you!
You didn't laugh.
You didn't say: I love you.
*
Then, I believed that went so deep!

London 01.08.2011

 

سـَـتراني في لندن


قالت لي دوستَينا ( كنّا معتنقَينِ مع البحرِ الإغريقيّ ) :
سـآتي
حتماً ...
ستراني لِصْقَكَ في لندنَ ذاتَ مساءٍ
( ألسْنا ملتصقَينِ الآنَ ؟ )
*
لكني أعرفُ أوربّــا
أعرفُ أن كلامَ البحرِ ستمحوه اليابسةُ ...
طبعاً !
لكني سأصدِّقُ دوستَينا
ليس لأنّ البلغاريّةَ من ستراسبورغ هي الصادقةُ ...
سأصدِّقُ دوستَينا
سأصَدِّقُها !
طبعاً !
والسببُ الأوّلُ والآخِرُ : أنّا كنّا معتنقَينِ مع البحرِ الإغريقيّ !
*
سأراها لِصْقي في لندنَ ذاتَ مساء !

لندن 08.08.2011

 

 

ترتدي مَـلْـحَــفــاً


ستكون دوستَينا معي في ليل طنجةَ
سوف تحملُ ماءَ سِتراسبورغ في قنّينةٍ حتى المطارِ
وسوف تتركُه هناك
لأنها ستظلُّ تشربني
بـفُـندقِ رِتْز ...
موسيقى الأزقّةِ في ليالي طنجةَ الدبِقاتِ تجعلُ ليلَـنا فجراً مديداً
ليس من سببٍ لنكتمَ رغبةً في أن نقيمَ بطنجةَ البيتَ المؤجَّجَ بالرياحِ
وبالضجيجِ ونكهةِ الأسماكِ ...
قالت وهي تدخلُ في ذراعي :
لا تَخَفْ !
إني التففتُ بِــمَـلْـحَفِ الخفِراتِ من فتياتِ طنجةَ
فاغْـتَـنِمْـني !


لندن 09.08.2011

 

أغنيةُ البحار الثلاثة


في البحارِ الثلاثةِ أغمضْتُ عينَيَّ
تحتَ المياهِ التي تنضحُ الملحَ واليودَ والساحراتِ .
وفي أوّلِ الصيفِ هذا
كنتُ في المتوسِّطِ : في الـمَـضْـيَـقِ المغربيّ
كنتُ في الأطلسيّ : أصيلــةَ
في بحرِ إيجةَ : تِينوس ...
لو قالَ لي أحدٌ إنني سوف أفعلُ هذا لَما كنتُ صدّقـتُـهُ !
أنتَ أيضاً ترى عجَباً :
هل أُصَدِّقُ هذا الـمُـخبَّلَ ؟
صدِّقْــهُ ، أرجوكَ !
............
............
............
هذي البحارُ الثلاثةُ
كانت سواقيَ صيفٍ ثلاثاً
ربّما أوصلتْــنــا إلى منبعٍ في القرارِ
يُهدهدُنا ، أبدَ الآبدين ...

لندن 07.08.2011

 

تغييرُ عاداتٍ

ليس من حاجةٍ لزهورٍ على المائدةْ
ليس من حاجةٍ للشموعِ إذا ما دجا الليلُ ...
لا حاجةٌ للحديثِ المنمّقِ
لا حاجةٌ للقميصِ الـمُـنَشّى
ولا حاجةٌ للفخارِ بِعَضِّ الأصابعِ :
مَن كسبَ الجولةَ اليومَ ؟
مَن سوف يكسبُ في الغدِ ...
لا حاجةٌ للطوارىءِ قبلَ الســفرْ
ليس من حاجةٍ للتلهِّي بمضغِ الحديثِ عن الجوِّ :
عن مطرٍ
أو رياحٍ شماليّةٍ ...
ليس من حاجةٍ للفراشِ المـعطَّـرِ
لاحاجةٌ لأقولَ لها : تصبحينَ على الخيرِ
لا حاجةٌ للمجاملةِ ...
..............
..............
..............
الشقّةُ اللندنيّةُ لم تَـعُــد البيتَ
لم تَـعُـد الجنّةَ ...
الطيرُ طـــار !

لندن 06.06.2011

 


العـاليـة

باريسُ في أيلولَ :
ثَمّ سحائبٌ بِيضٌ ، وأوراقٌ مبكَـــرةٌ تَساقَطُ
لم تكنْ ذهّـباً
ولكنْ كان شــيءٌ مُتْرَفٌ فيها يقولُ بأنها ستكونُ يومـاً
رفّةً ذهباً ...
وآهٍ للشــوارعِ !
كم مشَيتُ بها ، وكم طوّفتُ
مضنىً
جائعاً ...
لا بابَ يُفتَحُ لي ، و لا محرابَ
كنتُ أسيرُ حتى الفجرِ أحياناً لأنّ مُضَيّـفي لم يحتملْني ليلةً ضيفاً!
وآهٍ للمطاعمِ !
كم مررتُ بها ، خميصاً ، شاحباً ...
ماذا أقولُ الآنَ ؟
*
لي في شارعِ الأزهارِ
حُبٌّ ...
لي من الـمِـنَــنِ العراقيّاتِ عاليةٌ
ودُنْــيــا !

باريس 10.09.2011

 

مطرٌ خفيفٌ

مطرٌ باريسيٌ يَسّـاقَطُ أهونَ من ريشٍ
لا وقْعَ
ولا سـمْـعَ ...
ولكنَ النبتةَ في الغرفةِ تهتزُّ قليلاً قربَ النافذةِ .
النبتةُ تعرفُ ، مثلي ، أن المطرَ الأوّلَ يأتي بملائكةٍ :
لا وقْعَ
ولا سـمْعَ
إذاً ، فَـلأُرهِفْ أُذُنَـيَ
لعلِّي أحظى بالموسيقا السِّــرّيّـةِ
أحظى برفيفِ النُّــسْــغِ من النبتةِ عند النافذةِ ...
الساعةُ تقتربُ الآنَ من الظُّـهْــرِ
وهذا المطرُ الباريسيّ يواصلُ رِحلتَهُ السرّيّــةَ
بين النبتةِ
و المرْءِ الجالسِ عند الشبّاك .

باريس 11.09.2011

 

لي بيتٌ لطيفٌ


تكونينَ بيتي ...
كلّما ضِقتُ بالسُّــرى
دخلتُ ســريعاً فيكِ .
بابُكِ ضيِّقٌ
صقيلٌ
ورطْبٌ ...
غيرَ أني أريدُهُ على ضِيقِهِ .
تلك الرطوبةُ نعمةٌ من اللهِ .
إنْ جئتُ العشيّةَ لاهثاً
زلِقتُ بها ...
ما ألطَـفَ البيتَ ، جُـنّتــي !

لندن 17.09.2011

 

بُــولِــيــرو تُغَـنِّـيـها امرأةٌ
El bolero es mujer


أغاني البوليرو الكولومبيّةُ حين تُـغَـنِّـيها المرأةُ
تُمسي غرفةَ نومٍ زرقاءَ .
وددتُ لو اتَّـسَــعَ العالَمُ
لي
ولكِ ،
حتى ندخلَ تلكَ الغرفةَ ...
رُبّـتَـما فكّرتِ طويلاً
رُبّـتَـما أنكرتِ عليَّ الدعوةَ
واستنكرتِ.
لكِ الحقُّ ،
ولكنّ أغاني البوليرو الكولومبيةَ سوف تلاحقُني
ليلَ نهارَ
إلى أن أدخلَ تلك الغرفةَ
حتى لو كنتُ وحيداً ...
..............
..............
..............
مَن َيدري ...
قد تأتين !


لندن 17.09.2011

 

الخريف الإنجليزيّ


هل أقولُ : الخريفُ ؟
أقولُ ... ولكنّه : الإنجليزيُّ !
لا شجرٌ سوف تسقطُ منه الفراشاتُ صُـفراً تموجُ مع الريحِ
لا ريحَ تَـصْـفِــرُ في الليلِ ...
والبيرةُ البلديّةُ لن تستحيلَ نبيذاً.
لقد عَرِيَتْ فتياتُ المدينةِ في الصيفِ
والآنَ يدخُلْنَ في الصوفِ .
أغنامُ وَيْـلْـز ستدخلُ في الصوفِ .
تلك الحديقةُ تَـبْـهَتُ خُضرةُ أعشابِها حيثُ تَسّاقَطُ الكستناءُ .
وفي الـبُعْدِ تبدو الـمَـراكبُ بيضاءَ تحتَ مَـداخنِـها.
والطيورُ تهاجرُ .
والبردُ يلمُسُ أضلاعَنا بعظامٍ من المقبرةْ .
لن تكونَ الكنيسةُ مكتظّةً عندَ آحادِها ...
والعجائزُ يمضينَ
واحدةً
إثْــرَ أخرى
إلى المقبرةْ .

لندن 21.09.2011

 

بــعدَ قصفِ طرابلُس

 

السماءُ الرّصاصُ الخفيضةُ
تهبطُ أكثرَ
حتى تكاد الغصون التي نتأتْ تتقصّفُ .
قد همدَ الحقلُ
والساحةُ امتلأت بسَقـيطِ العناكبِ.
لا ضوءَ يومِضُ في الـبُـعْـدِ :
قد راحَ أهلُ الـمَـراكبِ ...
هذي السماءُ الرّصاصُ الخفيضةُ
تهبِطُ أكثرَ
سورُ الحديقةِ يهبطُ أكثرَ
والعشبُ
والسّـروةُ ...
الطائراتُ التي هبطتْ بعدَ قصفِ طرابُـلُسٍ
تستريحُ هنا ...
.................
.................
.................
الآنَ يُطْـبِـقُ نِصـفي عَـلَـيّْ !

25.09.2011 لندن

 

صباحٌ باريسيٌّ خفيفٌ

غادرتُ باريسَ صُبحاً ...
كان مُنعقَدٌ من السحابِ شفيفٌ .
كان في شفتي برْدٌ ،
وبُقْـيـا نبيذِ الليلِ
ألْـعَـقُـها
تيناً
قرنفلةً
ضوعاً من امرأةًٍ تعبى من الليلِ
والـنُّعْمى ،
وتحتَ قميصي النحلُ والعسَلُ .
أهو الخريفُ ؟
الممرّاتُ اكتستْ ذهَباًًّ يرِفُّ في الريحِ.
باريسُ التي شــرعَتْ تنأى
أُراقبُها من نافذاتِ قطارٍ :
قطرةُ الـمطرِ الأولى ...
.....................
.....................
.....................
تَـغِـيـمُ باريسُ !

Eurostar Train Paris - London
04.10.2011

 

في مُـحْـتَـرَفِ نُعمان هادي بالضاحية الباريسية

سوف آتي إليكَ ، نُعمانُ ، مستنفِداً قطارَ الضواحي
ومحطّاتِهِ ...
وقفَ الخطُّ عندكَ .
الآنَ ، هذي محطّـتُنا القصوى
ومِنْ بعدِها : أينَ ؟
القطاراتُ تمضي بهم ... تعودُ
ولكنّ قطاراتِنا توقّفَت :
الليلُ مُقيمٌ ، وهائمٌ بالســوادِ .
الليلُ أعمى
وأنتَ لم تجد اللونَ الذي ترتضيهِ أكثرَ :
أهوَ السوادُ ؟
أهوَ البياضُ ؟
أهو ما هيّأتْ كوابيسُـنا ، ضِـغْـثاً فضِـغْـثاً
أم الرحيلُ الـمِــدادُ ؟
يا صديقي ، أظلُّ أسألُ :
مَن يلقي بنا ، دائماً ، إلى آخرِ الخطِّ ؟
إلى آخرِ القطاراتِ
حيث الظلامُ ، حيثُ الضواحي ...
لفَظَـتْـنـا مدينةُ الأغنياءِ : الجرَبُ المحضُ نحنُ
نحنُ الخرابُ ...
نحنُ مَنْ لم نُطِقْ ملاءَمةَ الأبيضِ بالأسوَدِ
نحنُ الشُّــراةُ
نحنُ الجوابُ !
*
نهبِطُ الدّرْجاتِ القليلةَ :
كان الضوءُ يخبو
والبردُ يلسَعُ أطرافَنا ...
تقولُ : زمانٌ مَـرَّ مُذْ كنتُ ههنا ...
.................
..................
.................
الآنَ أذكرُ أيّاماً وعشرينَ عاماً مضتْ ...
آنَ الشواءُ
الفتَياتُ الـمُغَنِّياتُ ،
نبيذُ القٌرى وغرغرةُ الفودكــا
لقد كان في الأفْـقِ الـمُـلَــبَّــدِ ، الـجَـهْـمِ ، نجمٌ .
هل هوى ، من سمائكَ النجمُ ، يا نُعمانُ ؟
أمْ من سماواتِنا ، كلِّــنــا ؟
نحن سواءٌ .
لاتُغْلِقِ البابَ يا نُعمانُ
دعْ حُزمةً من الضوءِ تنْـسَــلُّ ولو خِـلْــســةً
ألستَ الـمُـغَــنِّــي ؟


لندن 11.10.2011

 

كنتُ أتمشّى ظُهراً

 


أمسِ ، قرّرتُ أن أتمشّى على طولِ تلك القناةِ العجيبةِ
تلك القناةِ التي شهدتْ بدءَ حُبَّـيـنِ
ثمّ نهايةَ حُبَّـينِ ...
تلكَ القناةِ التي قسمتْنيَ نصفَينِ
تلك القناةِ التي أغرقتْني ...
قلتُ : فَـلْـيَكُنِ !
اليومَ أمشي على ضفة ٍمثلَ حدِّ الصراطِ :
أحاولُ أن أتصالحَ
والماءَ
والعشبَ
والطيرَ ...
كانت سماءُ الخريفِ ، على غيرِ عادتها ، شبهَ زرقاءَ
والماءُ أخضرَ
والطيرُ أخضرَ
والعشبُ عند الضفافِ الخفيضةِ أخضرَ ...
مَن كانَ في الـبُــعْــدِ ؟
مَن كان يوشكُ أن يعبرَ الجسرَ ؟
.................
.................
.................
هل تلكُما ... المرأتان ؟


لندن 11.10.2011

 

دُعـــابــــةٌ


في " شارع الأزهار"
في باريس ،
فجراً أستفيقُ على روائحَ :
شَعرِ مَن أحببتُ
خُبْزِ أهِلّـــةٍ من مخبزِ الحيّ الـمجاوِرِ لي
ويُدْعى في لسانِ الغالِ
Croissant
وطاسةِ قهوةٍ مُزِجَتْ حليباً .
سأُقَبِّلُ البنتَ التي أحببْتُ
سوف نكونُ كالعشّاقِ معتنقَينِ .
سوف تقول لي حتماً : صباح الخير!
سوف أرُدُّ مبتسماً : صباح الخير ، ياحُبِّــي !
وأضحكُ ...
هل نُمَــثِّــلُ ؟
لا !
ولكنّ الصباحَ بِـ" شارع الأزهارِ " يبدأُ هكذا ...
................
................
................

هل أعجبتْكَ الحالُ ؟
لم تُعجِبْكَ ؟
لا تحزَنْ ...
فَـثَــمَّ شوارعٌ أخرى بآخِرِ بلدةٍ غادرتَها ...
غادِرْ إليها الآنَ
واترُكْ " شارعَ الأزهارِ " يرفـلُ في مُلاءتِهِ الحريــر !
لندن 12.10.2011

 

يا نبعةَ الرّيحان

 

يا نبعةَ الريحانِ ...
حِـنِّــي !
إنني أمسَيتُ في الوادِ المقدَّسِ ، في طُوىً
لكنني أرنو إلى غيرِ المقدّسِ
إنني أرنو إلى مَن جاورَتْني في دمي
أرنو إليكِ .
إليكِ وحدكِ: لا شــريكَ و لا شــريكةَ
إنني أرنو إليكِ
بكل ذُلّي
كلِّ حٌبّي
كلِّ ما يسَعُ الأذى
يا نبعةَ الريحان ...
..................
.................
.................
يا نبعةَ الريحانِ :
حِــنِّـي ...
إنني الولهانُ
حِنِّي !
الليلُ أقسى ، والحياةُ أشَـقُّ إنْ لم تصطفيني
أو تَحِــنّي !
يا نبعةَ الريحان !


لندن 14.10.2011

 

هل نتعلّــمُ؟

ماذا ترى من كوّةٍ في جسمِ طائرةٍ تحَـــلِّقُ عالياً ، أعلى من النجمِ ؟

الغيومُ تكادُ تعرفُها لأنك ساكنٌ فيها
وما يبدو من البحرِ انعكاساً ، أنتَ تفهمُهُ من الفيزياءِ
أمّا لُعبةُ الأشجارِ فهي من الأعالي غيرُ واضحةٍ ...
لقد فعَلَ الـعُـلُــوُّ الفِعلةَ الشنعاءَ
ليتكَ لم تُحَـلِّقْ
لم تَطِرْ
لم تمتلكْ يوماً جناحَينِ ...


الغيومُ جميلةٌ
والبحرُ
والأشجارُ .
فافهَمْ يا بُنَيّ ...
افهَمْ
ولا تذهبْ بعيداً في العمــاء !

 

طنجة 19.10.2011

 

لستُ أدري ما سأقول ...

أوَ ليسَ خيراً أن يقولَ المرءُ :
إني لستُ أدري ما أقولُ ؟
وكأنّ ما قد قيلَ إنْ صدقاً وإنْ كذِباً ...
سبيلٌ آنَ يلتاثُ السبيلُ .
فلْـتفتحِ العينينِ واسعتَينِ
ولْتُرهِف مسامعكَ الرخيّةَ
ولْـتُجَرِّبْ ، مرّةً ، لغةَ الأصابعِ ...
ثمّ حاوِلْ
مرّةً أخرى
وحاوِلْ
سوفَ يتّضحُ السبيلُ !


طنجة 20.10.2011

 

غيرَ بعيدٍ عن البحر

طيورُ السنونو تَـخاطَفُ فوقَ سطوحِ البناياتِ
في الفجرِ .
أفتحُ نافذتي :
صرَخاتُ النوارسِ تأتي مُـكَـتّـمةً .
أوّلُ العابرين إلى السوقِ
أولى البنات اللواتي يُبَـــــــكِّـــــــــــرْنَ نحو المواعيدِ
أوّلُ صيحةِ ديكٍ ...
كأنّ الصباحَ بطنجةَ يرسُمُ صورتَه ، قطعةً قطعةً.
ولْـيَـكُنْ !
إنّ كلَّ المرافيءِ تَنْـشــــــــــدُ أن تَطمَـئِــنّ ...

طنجة 21.10.2011

 

الأزِقّـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــةُ

أُحِبُّ أن أَطَّـوَّفَ النهارَ والليلَ بما تَكْـنِزُهُ طنجةُ من أزقّــــــــــــــــــــــــــــــةٍ
أزِقّةٍ منحدِراتٍ
تحملُ سَيلاً دافقاً من بشرٍ نحوَ تخومِ البحرِ
نحوَ الضفةِ الدنيا من الأندلسِ ...
الــــــمُــــــــــــــــــــوَشَّـحُ النائمُ يستيقظُ
والزيتونُ
والبابُ التي تنتظرُ المفتاحَ ، سِـرِّيّـــاً ، حديداً ، فضّةً
مَن أنطَقَ الخطّافَ ؟
مَن أطلقَهُ ؟
الأزقّةُ المنحدِراتُ ازدَدْنَ في الفجرِ انحداراً .
سوف يأتي السيل !

طنجة 21.10.2011

 

 

نومُ الهناءةِ


لو كنتُ مشتاقاً إلى بلدٍ لَطِــــــرْتُ إليهِ
أو حاولتُ أن أمضي إليه سِــــباحةً ...
لكنني ، وأقولُها صِدْقاً ، سئمْتُ الشوقَ
والذكرى
ولم يَعُد الحنينُ لديّ أغنيةً .
تشابهَت البلادُ
وصرتُ أعرفُ ما سألقى ههنا أو ههنا
حتى كأني راحلٌ في راحَـتَــيّ ...
كأنني في الهضْـبةِ الصلعاءِ إيّاها .
وعاماً بعدَ آخرَ ، صرتُ أمشي في شوارعَ قد مشَيتُ بها
وإنْ أدركتُ أني لم أكُنْ فيها ولو يوماً ...
أُطِلُّ الآنَ :
هذا شارعٌ يمضي إلى بحرٍ
وهذا شارعٌ يُفضي إلى نهرٍ ...
وهذا شارعٌ قد كان طوَّحَ بي إلى قفْرٍ
وماذا ؟
سوف ، أسحبُ ، هانئاً ، طرَفَ الـمُـلاءةِ
أُغمِضُ العينينِ
ثمّ أهيمُ ، وحدي ، كي أنامْ ...


طنجة 21.10.2011

 


حــــــــــــــــــــــانة أزْمِرالْـــــدا

في شارع موسى بنِ نُصَير
حيثُ الأشباحُ تسيرُ مع الأحيــاء
وحيثُ نساءٌ يستعرِضْنَ صباحاً ما لايُستعرَضُ
والعمّالُ بلا عملٍ ...
في زاويةٍ من هذا الشارعِ تَكْمُنُ حانةُ أزمِرالدا .
كيف دخلتُ ؟
أيُّ رياحٍ دائخةٍ دفعَتْني عبرَ البابِ الضيّقِ ؟
في حانةِ إزمِرالدا
أغانٍ من مصرَ ، أغاني أشباحٍ قرونٍ سلَفَتْ
في حانة إزمرالدا
صحنٌ من سمكٍ خيطيٍّ ، وبقايا رُزٍّ
حبّاتٌ من زيتونٍ يقطُرُ ملحاً
وحديثٌ يخفُتُ ...
...............
...............
...............
حانةُ إزمِرالدا
يملكُها منذُ ابتدأَ الخَلْقُ يهودٌ أندلسيّون .

طنجة 22.10.2011

 

بعدَ أن انتصفَ الليلُ


لك ، أن تهدأَ الآنَ ...
لا تَقُل : الليلُ في طنجةَ اليومَ ، كالليلِ في لندنَ.
الناسُ في المرفأِ المغربيّ يحبّونَ
والناسُ في منتهى لندنٍ يكرهونَ ...
لو أقمتَ بلندنَ قَرناً فلن تنظرَ امرأةٌ ملءَ عينيكَ
لن يسألُ الجارُ مَن أنت؟
ما اسمُكَ ؟
من أيّ أرضٍ ...
ورُبّـتَـما فكّرتْ مَن حسِبْتَ الحبيبةَ أن تقتلَكْ !
إذاً ،
لك أن تهدأَ الآنَ ...
قُلْ : إن طنجةَ ، والـمُلْكَ ، لكْ !


طنجة 23.10.2011

 

الأنـــــيــــنُ


من الغرفة التي تجاورك
سمعتَ الأنينَ العالي لامرأةٍ تضاجَعُ ...
ربّما استمرَّ الأنينُ المتلذِّذُ نصفَ دقيقةٍ
نصفَ دقيقةٍ ، حَـسْـبُ
لكنّ ليلَ الفندق
لم يَعُدْ كما كان .
هاأنتذا تعود إلى سنةٍ مضتْ
سنةٍ في فندقٍ كهذا الفندق
في ليلةٍ ليستْ كهذه الليلةِ الموحشــةِ
وهاأنتذا تتذكّرُ
كيفَ حاولتَ أن تكتمَ براحةِ يدِكَ
أنينَ ضجيعتِكَ الذي اصّاعَدَ صُراخاً !

طنجة 23.10.2011

 


لَـيـلــِــــيّـــــــــــةٌ

في السبتِ مساءً
توقِدُ طنجةُ مصباحاً أحمرَ ،
مصباحاً يصبغُ أغوارَ البلدةِ والحاناتِ بلونٍ أحمرَ
ليس مهمّاً أن تدخلَ في هذا البارِ
أو الدربِ ...
اللونُ الأحمرُ سوف يظلُّ اللونَ الأحمرَ
يطفحُ في الكأسِ
ويطفحُ في خدِّ البنتِ
ويطفحُ حتى في أشجارِ الشارعِ ...
لكنك لن تمضي أبعدَ في اللونِ الأحمرِ
اللونُ سيمضي بكَ
نحوَ نهايتِكَ :
النومِ ، عميقاً ، في الشارعِ
تحتَ المصباحِ الأحمر !

طنجة 23.10.2011

 


مقهى الحافة
(تأسّسَ سنة 1921 )

مثلَ مصاطبَ في تلٍّ
ينحدرُ المقهى نحو البحرِ ...
ويوشكُ أن يسقطَ في البحرِ
ليأخذَ فتيانَ المقهى والفتَياتِ إلى الضفةِ الأخرى .
إسبانيا تتبدّى في الأفقِ المتلبِّدِ
لكنّ المقهى
سيظلُّ يخَدِّرُ مَـن يدخلُــهُ بروائحَ من جنّتِهِ :
نعناعٍ
وحشيشٍ ريفيٍّ
ودخانٍ بلَديٍّ ...
وعطورٍ داكنةٍ من آباطِ الفتَياتِ .


طنجة 23.10.2011

 

مشــروعٌ

مَنّيتَ نفسَكَ أن تكونَ مع الجميعِ
وإنْ أردتَ ظللتَ وحدَكْ .
لكنّ ما لاقيتَ في الغُرَفِ الغريبةِ ، عبرَ هذا العالَمِ الهمجيّ :
لستَ مع الجميعِ
ولستَ وحدَكْ !
..............
..............
..............
أبْـشِــــــــــــــــــــــرْ !
فقد جاءتْكَ رحمتُــــــهُ ...
وقد ارتدَتْ ، هفهافَ قُطْنٍ ، صورةَ امرأةٍ .
أتعرِفُ ؟
سوف تلتَمُّ الخيوطُ.
ولن يكونَ عليكَ إلاّ أن تُمَـيِّـزَ بينها :
أن تهتدي باللونِ والرؤيا
ليتّضِحَ السبيل!


طنجة 23.10.2011

 

دَيرٌ على الدانوب


ضخْماً
ثقيلاً
مثلَ فيلٍ هائلٍ يدنو من الدانوبِ
كانَ الـدّيْــــــــــرُ ...
والأسوارُ شــاهقةٌ تكادُ تسُدُّ حتى الأفْقَ.
أدخلُ :
إن إسْمَ الوردةِ المنقوشَ بالذهبِ الـمُسَـمّمِ
سوف يأخذني إلى أســرارِهِ. أرقَى، بطيئاً ،سُلّماً.
أتكون هذه القاعةُ الجرداءُ مكتبةَ الذين تناولوا
الأسرارَ في المخطوطِ ؟ حيثُ القتلُ يَخْفى ؟
كنتُ أهجِسُ أنني أحدُ الذينَ تآمروا كي يعرفوا
اسمَ الوردةِ المسمومَ ...
سوفَ أكونُ حُرّاً
لحظةٌ تكفي !
هي الحرّيّـةُ العظمى ، شقيقةُ ما يُسَـمّى الموت ...


طنجة 24.10.2011

 


منخفَضٌ جوّيٌّ


منذ الفجرِ ابتدأَ المنخفَضُ الجوّيُّ
وفي الغرفةِ أحسستُ بأنّ هواءً مختلفاً يدخلُ في رئتَيَّ ...
لم أتحرّكْ
لازمتُ فراشي ...
لكني أحسستُ بأنّ رياحاً شرعتْ تدفعُني نحو النافذةِ
الصبحُ يُلَوِّحُ
سرتُ إلى النافذةِ .
الشارعُ يغتسلُ
وسماءٌ بيضاءُ ، ومثقَلةٌ ، تهبِطُ .
كنتُ وحيداً .

طنجة 24.10.2011

 

طريقٌ مســدودٌ ؟


تقول لي : لم أعُــدْ أُسْمى ...
كأنكَ صرتَ اسمي وجسمي !
كأنّ اللهَ صوَّرَنا في لحظةِ الحُبِّ ملتفَّينِ ...
أنت ترى !
ماذا سأفعلُ في باريسَ ؟
لستَ بها !
إذاً سأرحلُ عنها ...؟
اينَ ؟
أنتَ ترى؟

طنجة 24.10.2011

 

خبزي خبزُ الفقيرِ

أحبُّ موائدَ الفقراءِ
أمشي إلى أحيائهم ، وأكونُ حُرّاً
ومنتشياً مع الفقراءِ ...
طنجةُ هُمْ
وليس السَراةُ الآخــرون سوى هشيمٍ ستذروه الرياحُ ...
أليسَ خبزُ الفقيرِ ألذَّ؟
كم أشقى إذا لم أجدْ خبزي مع الفقراءِ !
طنجةُ للفقيرِ !


طنجة 24.10.2011

 

الفلاســفة

 

في استعلامات الفندق ( حيث أقيمُ ) فلاسفةٌ ٌ
أحياناً يصْغون إليّ
لكني أُصغي ، دوماً ، لهمُ :
الأخبارُ.كلام السوقِ . فساد الساسةِ في زمنٍ ما
( وإلخ ... )
لكنّ فلاسفةَ استعلامات الفندقِ
جاؤوني أمسِ بما أرعبَني .
قالوا : إن البحر سيُغرِقُ طنجةَ بدءاً من مَسْمكةِ المرفأ
( في اليوم الأوّلِ )
حتى ما يدْعوه القومُ مُصَــلّى
( في اليوم السابعِ )
قلتُ لهم : طنجةُ عاليةٌ
لن يُغرقَها البحرُ ...
سألوني : هل طنجةُ عاليةٌ حقّــاً ؟

 

طنجة 25.10.2011

 

الحديقة العامّة

في الحديقة العامّة ، غير بعيدٍ عن البحر
يجلس العاطلون عن العمل
ويجلس معَوَّقٌ واحدٌ .
لا عصافير
الشجرُ عميق الخضرة
والشمسُ تنفجرُ بين الغصون الكثيفة .
في الحديقة العامة لا تجلس النساءُ
ألأنّ الوقت ما زال ضحىً ؟
أنا أيضاً أجلسُ.
انا عاطلٌ عن العمل
مُعَوَّقٌ .
وفقيرٌ .

طنجة 25.10.2011

 

للعقيدِ مَن يُكاتبُهُ

" القصيدةُ مهداةٌ إلى العقيد المتقاعد الهاشميّ الطَود ساكنِ أصيلةَ "

كان العقيدُ الهاشميُّ يقيْمُ في " وادي المخازنِ " خيمةً لقيادةٍ ...
كانت هناك مدافعٌ أولى
غنائمُ من مناوَشةٍ جرتْ من قبلِ أسبوعَينِ .
أمّا البرتغاليّون فانتظَروا ...
أرادوا أن ينالوا النصرَ ، سهلاً ، بالمدافعِ
( آلةِ الحربِ الجديدةِ )
والعقيدُ الهاشميُّ أقامَ خيمتَهُ
وقالَ :سِباستِيانُ البرتغاليّ الغنيمةُ
سوفَ يُقتَلُ
سوفَ أقتلُهُ هنا . سيموتُ في " وادي المخازنِ "
نحن مِلْحُ الأرضِ
أحرارٌ مغاربةٌ ‘
وسوف نظلُّ أحراراً مغاربةً .
ملوكُ البرتغالِ ، سيعرفون الآنَ مَن نحنُ ...
الحُسَيمةُ
والشواطىء في أصيلةَ
والمدافعُ
كلُّها ...
وسِباستِيانُ البرتغاليُّ ...


26.10.2011 طنجــــة

 

 


حـــــــقيـــــــقـــــــــــةٌ

هل تظنُّ السماءَ ، بطنجةَ ، سوف تظلّ سماويّةً ؟
ربّما ...
وبما أن ريحَ الخريفِ تناوحت اليومَ
صرتَ تسألُ .
مَن قالَ إن الخريفَ المُـوَدِّعَ سوف يكونُ ربيعاً ؟
أنت تعرفُ
كالناسِ
كيف الفصولُ تجيءُ مكبّلــةً بقوانينِها .
أنت تعرفُ ...
والآنَ ؟
كيفَ تظلُّ السماءُ سماويّةً ؟
إن طنجةَ ليستْ سوى لحظةٍ للذهول !

طنجة 26.10.2011

 

السماءُ والطّـارق بنُ زياد


أيكونُ أبحرَ طارقٌ من طنجةَ ؟
المطرُ الخفيفُ توقَّفَ
البحرُ استَتَبَّ كأنه نَـمِـرٌ ينامُ
وأنّ كفَّ اللهِ قد شــرعتْ تـُـمَـســدُهُ ...
النوارسُ أقبلَتْ :
قططاً مجنّحةً وجائعةً تولوِلُ في سماءِ الفجرِ.
تبدو في البعيدِ " طريفُ " أقربَ
ربّما مرمىً لسهمٍ ...
ربّما حَجَرٌ سيبلغُها !
إذاً :
أيكونُ أبحرَ طارقٌ من طنجةَ العليا ؟
أتكون خطبتُهُ هراءً ؟
ما كان كذّاباً ...
فأيُّ سفائنٍ قد أُحرِقَتْ إنْ كان يقدِرُ أن يعودَ سباحةً ؟
أيُّ الرجالِ سيصنعُ التاريخَ ؟
أيُّ القول؟


طنجة 27.10.2011

 

صباحٌ أليفٌ


بعدَ كلِّ الجحيمِ السديميّ في غيمِ لندنَ
تبدو السماءُ الـمُـعَـرّاةُ ، في طنجةَ ، المستحيلَ !
أُطِلُّ من الغرفةِ :
الشارعُ الآنَ يَلْـصِفُ بالنورِ
والناسِ
والباعةِ الجائلينَ
ويلْصِفُ بالفتياتِ اللواتي غذذْنَ الخُطى
نحو مدرسةٍ ...
قلتُ : ظلّتْ غيومٌ من الأطلسيّ تَنَزَّلُ في الليلِ
كي تصنعَ الصبحَ أبهى .
سوف أحملُ نفسي إلى البحرِ
احملُ عبئي إلى البحرِ ...
ثم ألوذُ بما يتراءى من البُعْدِ في الضفةِ النائيةْ !


طنجة 27.10.2011

 


الـمغربيّ يقول ...

خالد ، القادمُ من " الناضور " إلى طنجة
والذي يسكن في أوتيل ريتز العتيد ، حيث أسكن
خالد ، قال لي وهو يُعَرِّفُ نفسَه : أنا من الريف المخيف !
لم أسأله لماذا رأى الريفَ ( ريفَه ) مخيفاً .
أنا عرفتُ ريفَ خالد :
وجدة
بَرْكان
الناضور
مليلية طبعاً ...
ريفُ خالد كان ريفي أنا ، أعواماً وأعواماً ...
ريف خالد هو ريف عبد الكريم .
الإسبان استعملوا الغازَ السامَّ الألمانيّ ليقتلوا أهلَ خالد
ليقتلوا حُلمَ عبد الكريم .
لكن " خالد " هنا
خالد معي
في أوتيل ريتز.
الريفُ معي ، في أوتيل ريتز.
الريف ...
الريف ...
الريف المخيف !


طنجة 27.10.2011

 

 


القـــطــط


أهلُ طنجةَ ، من شأنهم ، أنهم يعبدون القططْ
يفرشون لها في الشوارعِ
يُـسْـــــمونَها خيرَ أسمائهِم
وينامون بين القططْ .

والشوارعُ مكتظّةٌ بالقططْ
وهي تلبسُ أبهى ســراويـلِـها
وتُبادِلُكَ النظَراتِ الغلَطْ

أهلُ طنجةَ يصطحبونَ القططْ
في الـمَشاربِ
أو في المقاهي
وفي عُلَبِ الليلِ ، حيثُ تموءُ القططْ .


فإذا أقبلَ الصيفُ
كانوا معاً في الشواطىءِ ، حيثُ القططْ
تركبُ البحرَ
أو تتكلّمُ بالعربيةِ
أو تتثنّى ، مُــنَـعَّـمةً ، كالقططْ !

هل تكون معي
في فراشي بلندنَ ...
إحدى القططْ ؟

طنجة 28.10.2011

 

 


فهرس " ديوان طنجة "
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طنجة
كيس الخيش
حانة البرغولا
وشم القرنفل
مرتيل
صباح الأحد في طنجة
فندق ريتز
مقهى بورت
حانة البريد
القصيدة العاشرة
إلى دوستينا لافرن
To dostena Lavergn
ستراني في لندن
ترتدي ملحفاً
أغنية البحار الثلاثة
تغيير عادات
العالية
مطرٌ خفيفٌ
لي بيتٌ لطيفٌ
بوليرو
الخريف الإنجليزي
بعد قصف طرابلس
صباحٌ باريسيّ خفيف
في محترَف نعمان هادي
كنت أتمشّى ظُهراً


دعابة
يا نبعة الريحان
هل نتعلّم ؟
لست أدري ما أقول
غير بعيدٍ عن البحر
الأزقّة
نوم الهناءة
حانة أزمرالدا
بعد أن انتصف الليل
الأنين
ليليّة
مقهى الحافة
مشروع
ديرٌ على الدانوب
منخفَضٌ جوّيّ
طريقٌ مسدودٌ ؟
خبزي خبز الفقير
الفلاسفة
الحديقة العامّة
للعقيد مَن يُكاتبه
حقيقة
السماء والطّـارق بن زياد
صباحٌ أليفٌ
المغربيّ يقول
القطط


سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved