فاضل جمال علي، شاعر وكاتب له صولات وجولات في كتابة الشعر والقصيدة، والكتابة للأطفال . عرفناه منذ السبعينيات من القرن الماضي، من خلال ما كان ينشره من قصائد وأشعار في مجلة " زهرة الشباب " التي كانت تصدر عن دار النشر العربي، و" المرصاد "، و" الأنباء"، و " الشرق"، ومجلة المعلمين " صدى التربية "، وفي " الغد" و " الجديد " وغيرها من الصحف والمجلات المحلية .
فاضل جمال علي عانق ضوء الحياة في الثالث من تشرين الثاني العام 1953، في قرية البقيعة، بلد الشعر والشعراء، المتربعة على صدر الجليل الأعلى، حيث الطبيعة الغنّاء وعرائش الدوالي وعناقيد العنب المتدلية وأشجار الزنزلخت وينابيع وعيون الماء الملهمة والموحية .
أنهى دراسته الإبتدائية في قريته، والثانوية بالمدرسة الإكليركية في الناصرة، ثم التحق بمعهد العلوم التطبيقية " التخنيون " في حيفا، ودرس الكيمياء والفيزياء والرياضيات. مارس كرة القدم، وله هوايات موسيقية، وشارك في العديد من النشاطات الإجتماعية، التي كان لها أثر على تجربته الإبداعية، وكذلك شارك في فعاليات أدبية في العديد من المدارس العربية في مختلف أنحاء البلاد .
أصدرت له دار الأسوار في عكا القديمة العام 1977 مجموعتيه الشعريتين " عاشق الأرض والمطر " و " زنودكم رايات ".
يكتب فاضل جمال علي باللغتين العربية والعبرية، ويتميز بكتاباته الأدبية للأطفال والكبار، واختير كتابه " إنسان " من قبل مؤسسة الفكر العربي كأحد أهم الكتب في العالم العربي . وهو أحد الشعراء الذين نالوا وسام " اندرسن " من اتحاد أدب الأطفال العالمي في هولندا العام 1996 .
من مؤلفاته وآثاره الأدبية : عاشق الأرض والمطر، زنودكم رايات، خدي كالورد، لي الدنيا، إنسان، على طبيعتي أنا، أمي والعصفورة، أغاني الشعر، الأميرة لمياس، مشاعر طفل، غربال "، وغيرها .
شعار فاضل جمال علي في الحياة هو الإحترام، احترام الإنسان، بغض النظر عن لونه وجنسه ودينه ومذهبه، وكتاباته تحمل الطابع الإنساني الخالص، وتعزز القيم الإنسانية العليا ومحبة الناس والتسامح واحترام الإختلاف والرأي الآخر .
وما يميز كتابة فاضل للطفل أنها هادفة ولها رسالة تربوية بالدرجة الأولى، تعنى بالمضامين الإنسانية التي تراعي اهتمامات الطفل، وتثري معجمه اللغوي بمفردات جديدة، بإسلوب جذاب وممتع وقوالب فنية تعتمد على الأوزان الشعرية السريعة .
في حين تتسم كتابته الشعرية للكبار بالسلاسة وقوة التعبير وحرارة العاطفة والصدق العفوي، ويغلب عليها النزعة الإنسانية .
قصائد وأشعار فاضل علي تتنوع بموضوعاتها ومضامينها وأغراضها ورؤاها وأحاسيسها وتوصيفاتها، وبتشكيلاتها وبنائها الفني. فهي تركز وتدور حول الوطن والأرض والطبيعة والبحر والسماء والمطر والجمال والإنسان والحب والهموم والقضايا الإنسانية والوجدانية والهواجس الذاتية .
وتكشف نصوصه بالمجمل عن براعة واقتدار في صياغة الحروف والتعابير والجملة الشعرية وتطويع الكلمات والأوزان والأساليب الشعرية والإبداعات المعرفية والإستعمالات اللغوية التي تنسجم مع الذائقة العصرية للقارئ العربي، وكل ذلك بأسلوب جزل متين ورصين وسلس .
لنقرأ من قصائده للأطفال هذه المقطوعة :
لا تكره أحدا
مهما اختلف اللون
او العرق او الاديان
لا تكره احدا
من مخلوقات الله تعالى
يدعى انسان
كل زهور الدنيا
اجناس أجناس
ما اجمل ان نتحلى
بالصبر وبالإحساس
وان ندرك
ان هناك مكانا في العالم
لجميع الناس…
لا تكره أحدا
واترك شباكا مفتوحا في القلب
يدخل منه
يخرج منه الحب
من يكره
يحيا كل العمر تعيسا في الحرب…
ومن أشعاره اخترت هذه القصيدة التي يقول فيها:
وتربطني بالليالي
هواجس ماض وحاضر
ومستقبل حين يأتي
يغادر..
وتربطني بالرياح
دلالات همس المشاعر
ويربطني بالغيوم
حنين المسافر..
وتربطني بالمرايا
علاقة بوح محاذر
وتربطني بالورود
علاقة شكر متينة
وتربطني بالزوايا
هموم المدينة..
وتربطني بالذين أراهم
ومن رحلوا
ألف نوتة عشق
أفوه بها وأغني
وتربطني بالطفولة أحلامها
سهلة في التمني...
وتربطني بالطغاة
بلاغة شني لحربي
وتربطني بالحياة
مفاتيح قلبي..
فاضل جمال علي شاعر له حضوره في المشهد الأدبي والثقافي المحلي، لكنه لم يأخذ حقه من الإهتمام النقدي الكافي، ولا بد من دراسة تجربته الشعرية من جميع جوانبها وبكل تفصيلاتها .
خالص التحية للصديق وزميل القلم فاضل جمال علي، متمنيًا له العمر المديد ومتابعة المشوار الأدبي، ويبقى يتحفنا بما هو جاد وهادف وجميل، والمزيد من العطاء والتألق .