لم تعد أفلام الحركة والإثارة Action مجرد عرض لمهارات خارقة في الأداء والمطاردة وإعلاء شأن البطولة الفردية, بل هي تحاول - ومن وراءها الجهات الإنتاجية أن تقدم فكرتها هذه المرة بطريقة مقنعة وتساندها مجموعة مؤثرات ومشاهد مصنوعة بشكل جيد, فالفيلم الذي أخرجه (جيمس كاميرون) ولعب بطولته الممثل النمساوي الأصل والرياضي (آرنولد شوارزنجر) والذي حمل عنوان (المُهلك) أو (الفاني) Terminater 2 رافقته جملة مؤثرات في الصورة وتقنيات تبعث على الدهشة حقاً, أيضاً رافقته موسيقى مميزة وأغنيات أيضاً لا تقل في إتقان حرفتها وتعبيراتها عن درجة الإتقان في الصورة.
فالموسيقى التصويرية لفيلم (الفاني) وضعها موسيقي لم يضع بصمات واضحة من قبل على موسيقى الأفلام, ولكنه هذه المرة يضعها وبطريقة لا يمكن لك أن تنساها, بصماته قوية وإعتمدت إقامة حوار مع إيقاع الفيلم, ذلك الإيقاع الذي تتلاقى عنده عدة نقاط من الإضطراب والعنف والمصائر المتقاطعة.
إن إسم (براد فيدل) يترك أثره هنا كصانع موسيقى تصويرية بارع, وأكاد أجزم هنا بأنه سيكون مَن سيضع الموسيقى لذات الفيلم في جزء ثالث إن تحقق ذلك - ومن ثم ستمضي إليه عقود كثيرة من جهات عدة.
موسيقاه في الفيلم تشغل آلات اوركسترا كاملة مع التركيز على آلات النفير, الطبول بل مجموعة كبيرة من آلات الإيقاع, ولكنك كمتلق لا تجد ذلك الإيقاع نافراً وعنيفاً بل تجده متناغماً في نسيج عمل موسيقي متكامل وضع نصب عينيه تجسيد مشاعر ومشاهد الخوف, القلق, الإضطراب, التحدي, الصرامة, الإقتراب من الموت والتعلق بالحياة أيضاً وهذه كلها تجدها مجتمعة في فيلم يحبس أنفاسك من مشاهد معينة.
الجاز ولحنه الشجي في (السلاح الفتّاك)
مع (تايتل) المقدمة لفيلم (السلاح الفتّاك 3) يرتفع صوت المغني (ستنغ) في أغنية لم نسمعها من قبل ونتأكد لاحقاً من كون الأغنية جديدة وقُدمت خصيصاً للفيلم وهي تعتمد على أجواء موسيقى الجاز وألحانها الشجية.
هذه تجعلك تتلقى إشارة على أن في هذا الفيلم عناصر موسيقية جديرة بالإنتباه اليها, فالمغني (ستنغ) ليس من النوع المُتداول في أجواء الأغنية الغربية المعاصرة وهو صاحب فهم خاص لمعنى الأغنية وشكلها الموسيقي, هذه الإشارة تتأكد حين تجد الإعلان عن كتابة الموسيقى الخاصة بالفيلم وقد تولاها أريك كلابتون و مايكل كايمان.
مايكل كايمان واريك كلابتون:أنغام حية يمكن سماعها كعمل موسيقي مميّز دون الفيلم
وإذا كان الاخير من الذين لم نتعرّف إليهم من قبل فهو وبالمعاونة مع (إريك كلابتون) المغني وعازف الغيتار الأول والملحن لعصر كامل من الأغنيات والذي سبق أن رُشحت أغنيته "تيرز إن هافن" لجائزة الأوسكار للعام الماضي عن أحسن أغنية في فيلم وهو فيلم (راش) إستطاع في فيلم (السلاح الفتّاك 3) أن يقدم موسيقى تلعب على المشاعر بطريقة أخاذة, إستفادت الموسيقى من طراوة وشجن لحن وموسيقى الجاز وقدمتها بما يُعرف الآن بالمودرن جاز المنفتح على أشكال موسيقية جديدة والمختلف عن القالب القديم المحافظ على وحدة آلية لا تقبل التغير.
نعم لم تعد مهارات الأداء التمثيلي في أفلام كهذه هي العوامل الأساسية في نجاحها, فعلى الرغم من الحيوية التي ميّزت أداء (داني كلوفر) و (ميل جيبسون) الثنائي المميز على طول الأجزاء الثلاثة - والقدرة الجسدية والجهد الخارق أحياناً المبذول من قبلهما وبقية عناصر المساندة التي أضافت فسحة من الدعاية القوية التأثير للفيلم, فبالإضافة الى أغنية (ستنغ) كانت هناك أغنية بموسيقى قوية إشترك في غنائها (إريك كلابتون) و (إلتون جون) هما قمتان في الموسيقى والأغنية الغربية المعاصرة ولقاؤهما في الفيلم مناسبة غير عادية وهذا كله يصب في باب توجيه الإهتمام والدعاية الضخمة للفيلم وتوفر أيضاً عناصر متعة وإسترخاء في فيلم كل ما فيه يكاد لا يتوقف عن اللهاث, إنها موسيقى حافظت على قوة البناء الفني لها كأنغام حية لذا بات من الطبيعي سماعها كعمل موسيقي مميّز.