فوز فرنسيس الآتية من بعيد، من أعالي الجليل الأشم، من فسوطه الهادئة الوادعة، حيث الجمال والإلهام، جمال الطبيعة الغناء، والسنديان الباقي، والسريس الفواح بعبقه وشذاه، الذي يرمز إلى الإنزراع في عمق الأرض والتراب، والبقاء الأبدي في وطن الحب والجرح والنكبة، الوطن الكنعاني .
فوز فرنسيس دخلت محراب الشعر، وحلقت في سماوات الكلمة العذبة، وفضاءآت الإبداع، وتألقت بحروفها في روضة البوح، لكنها لم تنل حظها من الشهرة، التي لم تلهث وراءها، ولم ينصفها النقد .
هي لا تكتب القصيدة بل القصيدة تكتبها، إنها تكتب ليس من أجل الكتابة ولا إيمانًا بالفن من أجل الفن، بل هي تسطر الحروف لتسكب الآلام وتصور الوجع الفلسطيني، وتعبر عن القلق الوجودي الإنساني وتستلهم الحلم الوطني القومي، وطن حر مع هوية .
فوز فرنسيس محبة للثقافة والأدب والشعر، عشقت اللغة والقراءة والمعرفة منذ نعومة أظفارها. قرضت الشعر وخاضت غمار الكلمة، ونشرت قصائدها التي عطرت الأجواء بصدقها وعفويتها ورقتها وما ترمز اليه من أبعاد وإيحاءآت .
هي تؤمن برسالة الشعر ودوره في الجبهة الثقافية، وفي معارك الشعوب المستعمرة والمحتلة الطامحة إلى الإستقلال والحرية .
تتأثر فوز بما يجري ويحصل في عالمنا المضطرب من أحداث سياسية متسارعة ومتلاحقة، فتتفاعل مع الحدث وتعكس تأثيراته في نصوصها المكثفة، وومضاتها السريعة .
كتبت عن الوطن وجراحاته، وعن عذابات الشعب، وآلام الناس . وكتبت عن الحب وللحب وتغنت به، فعانقت الوجدان ولامست شغاف القلب بمشاعرها الفياضة، وسمت من خلال المزج بين الأرض / الوطن /الحبيب، فانعشت الروح ، وأدركت بحسها المرهف أن الحياة لا قيمة ولا معنى لها بدون الحب .
آمنت بالإنسان، أينما كان بغض النظر عن دينه وقوميته وهويته، وخاطبت الروح الإنسانية .
وفي نصوصها أنفاس الشعر الصافي، ورقة الجداول ، وإحساس العاشق الولهان .
فوز فرنسيس جعلت للشعر معنى، فتتمايل في الروض، وتغرق بالوجد والمؤانسة، ولكلماتها مدلولات موازية للأفكار، والصورة الشعرية لديها تتخذ مساراً لفظياً، ولكن وراءها صرخة وجع، وزهرة ألم معبأة بالغضب والإحتجاج على الواقع .
فوز فرنسيس شاعرة تعرف كيف تختزل وتكثف التجربة بنص دافئ عميق الأبعاد، وفي مستوى الحلم المنشود . وما يميز نصها تلك الرهافة والإحساس الصادق والبساطة الآسرة، والبوح الجميل والنغم الموسيقي الهفهاف، والمحافظة على تماسك النص، والوحدة العضوية بين الشكل والمضمون .
فوز فرنسيس تكتب بقلبها، بجوارحها، بجوانحها، بإحساسها الجارف، تغمس قلمها بحبر عواطفها، تكتب فتتدفق مشاعرها فياضة وحارة على الورق، ممتلئة بالدفء الإنساني، وحرارة العواطف، فتلاطف كيان القارئ وحسه الفني .
أما لغتها فهي واضحة، سلسة، عميقة، تصبغها الجمالية الفنية والموسيقى الشعرية التي تسحر النفس ويجعل المتلقي يتذوق جمالاً سلسًا ووجدانيًا .
فوز فرنسيس تشف في قصائدها عن شاعرية بحاجة الى اهتمام من قبل نقاد القصيدة، حتى ينبت البرعم ويخضر الفنن ويورق في حقل الإبداع، فلها البهاء والتحية .