فريدة النقاش وحلم تغيير الواقع\ فاء

2013-07-07

 

 

//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/6aff399a-cdcc-4f89-91c6-0b9351788469.jpeg

 طفولتها كانت طفولة عادية،  ولدت في منطقة ريفية وكانت تعيش حياه محددة، فلم تكن اسرتها من الأسر الغنية، بل كانت اسرة مكتفية، كان والدها مدرساً وشاعراً، ولكنها مبكراً جداً اكتشفت بؤس الفلاحين وآلمتها قساوة حياتهم  .. . وأول ما لفت نظرها في القرية هو حياتهم التعيسة التي لا أفق لها على الإطلاق .

 وفي هذه الفترة المبكرة أيضاً، وقبل أن تنتقل إلى القاهرة سنة 1952 قرأت كثيراً في مكتبة أبيها لأنه كان دارساً جيداً للتراث العربي، وكانت لديه مكتبه كبيرة حيث كان اهم شيء في بيتهم هو الكتب، فقد تكون بعض الأساسيات غير متوفرة لكن الكتب كانت متوفرة .

  

كانت علاقة أبيها بأمها طيبه، حيث كانت علاقة مليئة بالاحترام . وبالرغم من أمية أمها لكنها كانت مصرة على أن يتعلمون جميعاً، بمن فيهم البنات، كانوا بنتان وستة أولاد. لذا كان هناك تزاحم، لكن مع ذلك كان اهتمام الأم بالبنات اهتماماً خاصاً، وكان عندها فزع من أن تصبح البنات في أيدي رجال غير مسئولين، لأن القرية التي عاشت بها كانت ككل قرية لها عاداتها وتقاليدها، حيث ان الحرية متاحة للاولاد أكثر مما هي متاحة للبنات.

كانت مكتبة أبيها، من اول العوامل في تكوين شخصيتها حيث احتوت الكثير من كتب التراث العربي ودواوين الشعر العربي الرئيسية، العامل الثاني هو انها مباشرةً وبعد أن انتقلت للقاهرة، كان الفكر الاشتراكي هو مدخلها، حيث اتجهت مبكراً للاشتراكية ففي باب الأدب، قرأت رواية " الأم " لمكسيم جوركى، وقرأت فى الأدب الروسي كثيراً، وأهم من كل هذا وذاك مشاهداتها الواقعية لحياة الفلاحين والفقراء سواء في الريف أو في المدينة . درست الأدب الإنجليزي بعد ذلك في كلية الآداب بجامعة القاهرة، ومارست العمل مبكراً جداً حيث كان عليها  أن توفر بعض النفقات لكتبها، وتعاملت على نطاق واسع جداً مع مكتبة جامعة القاهرة في سنوات الدراسة، هذه هي العوامل الأساسية في تكوين شخصيتها، انها  ارتبطت مبكراً بالفكر الاشتراكي لأنه كان بالنسبة لها الملاذ، ليس فكرياً فقط إنما باعتباره كما يبدو في ذلك الحين حل واقعي للأوضاع البائسة للناس .

 

*انها االكاتبة والصحفية والمعارضة اليسارية المصرية فريدة النقاش . أول امرأة تصبح رئيسة تحرير لجريدة الأهالي التي تصدر عن حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي المعارض في مصر.

 ولدت في قرية منيه سمنود محافظة الدقهلية فى 1/3/1940 شمال القاهرة. وحصلت علي ليسانس الآداب من جامعة القاهرة عام 1962، عملت في عدة مؤسسات إعلامية مثل وكالة أنباء الشرق الأوسط وجريدتي الجمهورية والأخبار المصريتان، وإضافة لكونها رئسة تحرير جريدة الأهالي فهي رئيسة تحرير مجلة أدب ونقد المعروفة، وهي زوجة المعارض السياسي حسين عبد الرازق وأخت الصحفي رجاء النقاش.كما أنها عضو مؤسس لحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي، هي عضو في عدة جمعيات ومؤسسات مدنية ونسوية وأهلية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة

 

 من اقوالها

 

* ليس هدفنا هو المساواة مع المرأة الأوربية ، توجد الآن في الوطن العربي حركة نسائية جديدة تقوى ويشتد عودها باستمرار، هذه الحركة الجديدة ليس لها نموذج مسبق من وجهة نظري، وباعتباري أعمل في هذه الحركة ، فأنا رئيسة جمعية "ملتقى تنمية المرأة" .

لا نتطلع إلى تقليد المرأة الأوربية إنما نتطلع إلى حقوق المواطنة كاملة للمرأة العربية، إلى المواطنة بالنسبة للمواطنين جميعاً، إلى مساواة حقيقية ليس في القانون فقط وإن كانت هناك عناصر تمييز في القانون العربي ضد المرأة خاصة، وفى قانون الأحوال الشخصية وقانون الجنسية وقانون المعاشات وقانون العقوبات، هناك تمييز واضح ضد المرأة باعتبارها كائن يحتاج إلى الوصاية الدائمة من قبل الرجل ، أب أو زوج أو أخ … فنحن نتطلع لتغيير هذا الواقع بخلق النموذج في مسيرة العمل وليس نموذج جاهز نضعه أمام أعيننا ونمر في اتجاهه .  

 

 

* الحقوق التي حصلت عليها المرأة التونسية هي متقدمة جداً بالنسبة للنساء العربيات جميعا، وهى في واقع الأمر كانت مبادرة شجاعة من قبل الرئيس الراحل الحبيب بورقيبه. حقوق المرأة في الوطن العربي تحتاج إلى مثل هذه المبادرات الشجاعة من قبل الحكام لتغيير القوانين، لكن ما الذي يعطل ذلك ؟ هو قوة الفكر المحافظ وقوة الجماعات الدينية التي تعتبر استعباد المرأة هي قضيتها الأساسية، وتعتبر أن قهر المرأة هو الوظيفة الرئيسية للمجتمع الأبوي الطبقي الذي تعيش فيه، وتمارس نفوذاً كبيراً جداً ليس فقط على المجتمع ككل بل على المرأة نفسها، وحتى على السياسيين العقلانيين الذين يمكن في ظروف أخرى أن ينظروا إلى قضية المرأة بشكل عادل ويتطلعوا إلى المساواة .

فالمسألة محتاجة إلى شجاعة في مواجه الفكر المحافظ، وفى مواجه الجماعات الدينية وإلى تقوية التيار الديني المستنير الذي يدافع عن حقوق المرأة، لأن التعديل الذي أدخل في القانون التونسي هو أيضاً تأسس على نظرة اجتهادية للدين ولم يجر خارج الدين بل هو من صميم الإسلام، فنحن في حاجة إلى تقوية التيار التقدمي المستنير، الذي يؤول النص الديني تأويلاً عقلانياً وإنسانياً شاملاً ويرى أن الإنسان واحد رجلاً أو امرأة ويؤمن بالمساواة الحقيقية بين البشر.

  

* التفكير المحافظ الشائع يؤثر حتى على المرأة نفسها، فالمرأة تنظر لنفسها على أنها عورة .

الفكر السائد في المجتمع الذي تروجه الجماعات الدينية يؤثر في المرأة نفسها فهو بمثابة الإرهاب الفكري والنفسي، ومع ذلك هناك حركات نسائية جديدة، صحيح أنها صغيرة، لكنها تتميز بقوة ووضح فكرى رائع، وتلعب أدوار متباينة القوة في الدفاع عن حقوق المرأة لكن الحركة النسائية الجديدة مأزقها هو جزء من مأزق الحريات الديمقراطية في الوطن العربي . فمثلاً في مصر هناك قانون الجمعيات تحاول الحكومة إصداره منذ 1959 وحين تطالب جمعية مركز دراسات المرأة الجديدة لتسجيل نفسها وفقاً للقانون الجديد اعترض عليها الأمن كما لو أن الجماعات الدينية المعادية للمرأة لها مراكز قوة في الأمن.

فهناك قيود على الحريات والديمقراطية ومن الجماعات الإسلامية هناك ثلاث قوى رئيسية تعرقل حركة المرأة وتقف في وجه تطور الحركة النسائية الجديدة السياسات الليبرالية الجديدة التي أدت إلى بطالة واسعة للنساء نتيجة للخصخصة وبيع القطاع العام الذي هو الموظف الرئيسي للمرأة، وهناك قوة الجماعات الإسلامية الدينية التي تعتبر المرأة عورة وتدعو إلى إخفائها في المنزل وفرض الحجاب عليها، وهناك القيود على الحريات الديمقراطية، هذه هي العوامل الثلاثة التي تتكاتف مع بعضها البعض لتقمع حرية وحركة المرأة، ومع ذلك يشهد الواقع نمو حركة جديدة للنساء وإن كانت صغيرة.  

 

* في بلداننا تسود افكار قديمة ومتخلفة وغير إنسانية تجاوزها الواقع، حتى المرأة التي يريدونها أن تبقى في المنزل خرجت بالفعل إلى العمل لأنها ستجوع إذا لم تعمل. فالواقع قد تجاوز مثل هذه الأفكار البالية ، فهم يسيرون ضد التاريخ ،فبرغم قوة هذه الجماعات وثرواتها الهائلة من البترولودولار وغيرها ورغم أفكارها المتوارثة ، فالتاريخ الواقعي يؤكد خروج المرأة للعمل ومشاركتها للرجل، هناك بحث يثبت أن 31 % من الأسر المصرية تعولها نساء، كيف إذن تستطيع المرأة أن تفتح بيتها وهم يسجونها في المنزل وخلف الجدران ؟ وأثبتت المرأة جدارتها في كل الميادين، 42% من هيئات التدريس في الجامعات من النساء كل هذه حقائق لا يستطيع الإسلام السياسي أن يتجاهلها. 

 

* الحجاب والنقاب هما رموز سياسية لتبيين سلطة وهمية لهذه الجماعات على المجتمع، ولكنه ليس من الإسلام في شيء. فهذه هي دعوتهم هم، ونظرتهم هم للإسلام، والإسلام منها براء، لأنهم يريدون لرمزهم السياسي أن يمشى في الشوارع، فليس هناك اقوي من أن تكون رايتك السياسة في الشوارع وأمام الناس ليلاً ونهاراً كدعاية لمشروعهم الظلامي.

العنصر الثاني هو نظرتهم المتدنية للمرأة وانشغالهم العصابي بقضية الجنس. واعتبار المرأة مصدراً للرعب لأنها هي التي تجسد من وجهة نظرهم الفتنة، لذلك وجب إخفاؤها في البيت أو خلف الحجاب أو النقاب، وكلها أفكار وممارسات خارج العصر ولكن الخطورة التي تتمثل في هذه الإشكالية، هي أن النساء أنفسهم يتقبلن هذا الوضع المخزي، ويندفعن للحجاب والنقاب وهو ما أسميه بقهر الذات، وهو نوع من القهر الطوعي للنفس تمارسه المرأة ضد نفسها حين تنظر لنفسها باعتبارها عورة.

 المرأة تتحمل جزء من هذه المسئولية في عدم معاصرتها لعصرها

لأن سلبية المرأة العربية وإحساسها أنها موجودة لإشباع نزوات الرجل هي التي أوصلتها إلى هذه النظرة المتدنية، كما أن هذه الجماعات الإسلامية التي تنظر إلى الجنس نظرة منحطة وغير إنسانية وحيوانية، فالحب بين الرجل والمرأة اختراع بشرى ، فحين أصبح الإنسان إنساناً، توصل إلى هذا الحب الشخصي بين الرجل والمرأة فيجب أن ننظر إلى الغريزة الجنسية نظرة أشمل ونضعها في سياق اجتماعي وإنساني وحضاري وجماعي، أي علاقة متكاملة بين الرجل والمرأة، وليست مجرد جسد وجسد. لماذا لا يرون من المرأة إلا نصفها السفلي فالمرأة تثير في الرجل أسمى وأنبل المشاعر الإنسانية ودواوين الشعر خير شاهد على ذلك، فيجب النظر إلى  المرأة على أنها إنسانة قبل أن تكون إمرة، أي وعاء لصديدهم.

 

* القضية ليست في أن تجد المرأة في رئاسة الوزراء أو رئاسة الجمهورية، القضية قضية ديمقراطية وحرية من الأساس، ومرتبط بالتطور الديمقراطي في البلاد، وهل هناك أبواب مفتوحة للتداول السلمي على السلطة، وهل الأبواب مفتوحة لإدخال النساء في المجال السياسي على مجال واسع، مشاركة المرأة العربية في السياسية نادرة جداً، لأن المجتمع لم يعترف بعد بأن الوظائف التي تقوم بها المرأة في الأسرة من إنجاب ورعاية الأطفال هي وظائف اجتماعية، ومع ذلك يعتبر المجتمع المرأة مسئولة عن استمرار الجنس البشرى، ويضع على عاتقها فقط هذه المسئولية، لذلك هي ممزقة بين طموحها بأن تتقدم في الحياة العامة والسياسية وبين وظائفها المنزلية وأسرتها.

وحتى عندما تترشح امرأة في انتخابات مجلس الشعب نرى كيف تتكاتف عليها القوى الرجعية، وكل الأفكار القديمة لتطعن في كفاءتها وإمكانيتها، وبالتالي أصبح المجتمع ينظر بدهشة لامرأة سياسية، لأنه يعتبر أن السياسة مهنة رجالية وحتى النساء أنفسهن يعتبرن أن السياسة للرجال، وهذا تقصير من النساء.

وأؤكد أن غياب المرأة من المناصب الكبرى هي ظاهرة سياسة شاملة تخص قضية الديمقراطية أولاً، والنظام السياسي ثانياً، وأوضاع المرأة ثالثاً، فلابد من التضحية، فأنا دخلت السجن مرتين في عهد الرئيس السادات، مرة دخلت السجن لمدة شهرين في 1979 ، وكانت التهمة الموجه لي هي الاشتراك في الحزب الشيوعي المصري، والثانية كانت في 1981 ضمن 1536 سياسياً ورجل دين وطالباً اعتقلهم الرئيس السادات قبل اغتياله بشهر واحد، لأن كل القوى السياسة كانت مجمعه على أن اتفاقية الصلح مع إسرائيل، والارتماء في أحضان أمريكا هو طريق مسدود، فحدثت أزمة كبيرة بين الرئيس السادات والقوى السياسة الموجودة . وبقيت في السجن لمدة عام، حتى أفرج عنا الرئيس مبارك حيث لا توجد تهمة رسمية موجهه إلينا، وإنما كانت تهمتنا التي وجههوها لنا إننا شاركنا في أعمال فتنه طائفية. 

 

 

مستقبل المرأة مرتبط بمدى تطور المجتمع العربي في اتجاه الديمقراطية ، في اتجاه التنمية المعتمدة على الذات ، في اتجاه العدالة الاجتماعية ، لأنني عندما أتحدث عن المرأة، أتحدث عن ملايين النساء وليس عن المحظوظات التي تتوفر لهن إمكانيات من الطبقة الوسطى أو الطبقة الميسورة ، لأننا لن نستطيع تقديم نساء لمناصب كبرى دون قاعدة كبيرة من النساء والمعلمات العاملات المتحررات الحاصلات على حقوقهن ، فهناك قضايا ما تزال معلقة في العالم العربي بخصوص التمييز الجنوني ضد المرأة ، فهناك تمييز في قوانين الأحوال الشخصية ضد المرأة باستثناء القانون التونسي ، هناك تمييز ضد المرأة في قوانين الجنسية باستثناء القانون التونسي الذي سوّى بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات، هناك تمييز ضد المرأة في قانون العقوبات والمعاشات كل ذلك يضع المرأة في موضع المواطن من الدرجة الثانية، وإذا لم يتغير هذا الوضع أيضاً في اتجاه العدالة الاجتماعية والحريات الديمقراطية للجميع، سيكون مستقبل المرأة العربية غامضاً كما هو مستقبل الأمة العربية.

•  تقول فريدة النقاش للمرأة العربية لتتخلص من قيودها ؟ 

العمل الجماعي المنظم الدئوب والصبور للحصول على حقوق والمواطنة في العالم العربي ومن أجل العدالة الاجتماعية هي قضايا رئيسية على النساء أن ينخرطن فيها جماعة، لأن هناك نساء ناجحات وهذا النجاح الفردي شيء جميل ولكننا سوف ننجح كنساء عندما تكون القاعدة العريضة من النساء العربيات قادرة على السيطرة على مصيرها  وعلى التحكم في حياتها على كل المستويات ، سواء فيما يتعلق بالزواج أو باختيار العمل أو في اختيار الزي ، وألا يفرض عليها أحد شيئاً لا ترضاه، فمعركتها طويلة ضد المجتمع الطبقي الأبوي الذي يتحكم في المجتمع العربي كله عندما تتخلص المرأة من كل هذه العوائق أعتقد أن مستقبلها سيتغير، لأن نظرتها هي نفسها لنفسها ستتغير، فإلي مزيد من الثقة بالنفس، واعرفن أنكن لا تقلون عن الرجال في شيء .

 

 

عالية كريم

رئيسة تحرير "معكم"

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved