فولكر شلوندورف: السينمائي العاشق للأدب

2008-11-12

 فول//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/66114d49-e946-4093-86ae-16ccdec1a4a9.jpeg كر شلوندورف هو بلا شك أشهر المخرجين الألمان الأحياء وواحد من أكبرهم. توجت أفلامه بجوائز دولية عديدة، من أهمها سعفة "كان" الذهبية وجائزة الأوسكار لفيلمه الشهير "الطبل الصفيح". اليوم يحتفل شلوندروف بعيد ميلاده السبعين.

في عام 1960 أخرج الشاب البالغ إحدى وعشرين سنة أول أفلامه القصيرة تحت اسم مستعار هو فولكر لوكي تحت عنوان "من يهمه الأمر؟". كان الفيلم يدور حول الجزائريين الذين يعيشون في فرانكفورت، غير أن سلطات الرقابة لم تسمح بعرض الفيلم بسبب "انحيازه ضد دولة صديقة".

لماذا اهتم فولكر شلوندروف Volker Schlöndorff (من مواليد 31/3/1939) بفرنسا تحديداً وحربها الدائرة في الجزائر في أول أفلامه؟ الإجابة سهلة، إذا عرفنا أن شلوندورف كان قد سافر في منتصف الخمسينات إلى فرنسا في تبادل دراسي، ولم يلبث أن مكث هناك عشر سنوات. وهناك بدأ يدرس الإخراج السينمائي. لم تكن في ألمانيا آنذاك معاهد سينمائية مرموقة، أما في باريس فقد تعلم حرفة الإخراج السينمائي على يد كبار مخرجي سينما "الموجة الجديدة" مثل جان بيير ميلفيل.

وعندما أراد شلوندورف أن يخرج أول أفلامه عاد إلى ألمانيا، وهو يقول متذكراً تلك الفترة: "في الأسابيع الأولى بعد عودتي تعرفت إلى المخرج والكاتب ألكسندر كلوغه الذي أجّر لي شقته. ثم تعرفت بعد ذلك إلى المخرج فرنر هيرتسوغ وبيتر شاموني. كان هؤلاء مخرجين نظريين إلى حد كبير، قادمين من "مدرسة فرانكفورت" النقدية، ومتأثرين بعلم الاجتماع، ويريدون أن يكون للفيلم دور في المجتمع. أما أنا فكنت مخرجاً ذا توجه عملي."

الأدب والفن السابع

 شلوندورف وغونتر غراس أثناء تصوير فيلم "الطبل الصفيح"في عام 1966 أخرج شلوندورف أول أفلامه الروائية مستنداً على عمل أدبي للكاتب النمساوي روبرت موزيل، وهي رواية "الشاب تورليس". لم يكن سهلاً تحويل الرواية إلى فيلم، إلا أن شلوندورف فعل ذلك ببراعة مدهشة، أظهرت أسلوبه المميز الذي ينم عن فهم عميق للأصل الأدبي وإتقان تام من المخرج للأدوات السينمائية، إلى جانب تقديم المتعة والتسلية للمشاهد. منذ ذلك الحين أضحى شلوندورف مخرجاً متخصصاً في الأعمال الأدبية بعد أن عرف كيف يصالح بين فن الكلمة وفن الصورة. وفي عام 1975 أخرج شلوندورف فيلم "شرف كاترينا بلوم الضائع" الذي يستند على رواية هاينريش بُل ذات العنوان نفسه، والتي تدور أجواؤها في ظلال أحداث العنف التي قام بها الجيش الأحمر في ألمانيا السبعينات.

شلوندورف يقرع "الطبل الصفيح"

 حقق فيلم "الطبل الصفيح" نجاحاً عالمياً ونال السعفة الذهبية في مهرجان كان 1979فولكر شلوندورف - ابن الطبيب الذي فقد أمه مبكراً في حادث سيارة مريع - كان من المولعين دوماً بالقراءة، وهو يذهب في كل مساء إلى الفراش وفي يده كتاب، أو كما قال يوماً: إن الأدب بالنسبة له يحتل نفس الدرجة من الأهمية كالسينما. لذلك كان الأدب بالنسبة له معيناً لا ينضب ينهل منه أفكاراً سينمائية جديدة، وهو ما حدث عام 1979 عندما تناول أشهر الروايات الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية، وهي رواية "الطبل الصفيح" للكاتب غونتر غراس. نال الفيلم إعجاب كل من شاهده، بمن فيهم الروائي غونتر غراس نفسه الذي يصعب إرضاؤه. حقق فيلم "الطبل الصفيح" أكبر نجاح دولي للسينما الألمانية الشابة كلها، وليس لشلوندورف فحسب، وحصل على السعفة الذهبية في مهرجان كان وعلى جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، وبهذا الفيلم أضحى فولكر شلوندورف من مشاهير السينما الألمانية، وانضم إلى قائمة مخرجيها اللامعين مثل فاسبيندر وفيم فيندرس.

بعد ذلك أخرج شلوندورف عدداً من الأفلام المستندة على روايات، لكنها لم تحقق النجاح الضخم الذي أصابه فيلم "الطبل الصفيح". ومن تلك الأعمال فيلم "هومو فابر" عن رواية ماكس فريش، وفيلم "التزوير" عن رواية نيكولاس بورن والتي تتناول أحداث الحرب الأهلية في لبنان. وقام شلوندورف بتصوير الفيلم وسط أهوال الحرب في لبنان عام 1981. وفي السنوات الأخيرة أخرج شلوندورف أفلاماً مهمة، مثل فيلمه "هدوء بعد الرصاصة" الذي تناول فيه موضوع الإرهاب، كما قدم دراسة مؤثرة عن الذنب والمسؤولية خلال حقبة النازية في فيلمه "اليوم التاسع"، وأخيراً فيلمه عن حركة تضامن في بولندا تحت عنوان "بطلة دانتسيغ". بهذا الفيلم عاد شلوندورف إلى مدينة دانتسيغ مرة أخرى التي كان قد صور فيها قبل ثلاثين عاماً أحداث "الطبل الصفيح".

في العام الماضي أصدر فولكر شلوندورف سيرته الذاتية تحت عنوان: "الضوء والظلال والحركة"، لكن هذه السيرة لم تنته بعد، وما زالت السينما الألمانية تنتظر منه أفلاماً كبيرة مثل "الطبل الصفيح".

 

 

تحرير: هيثم عبد العظيم

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved