ملاحقة التسمية ..
2-1
في (الغلامة) يتشيّد الفعل الروائي، من عدة مكونات جيولوجية منها
*تأنيث المذكر في ثريا الرواية (الغلامة)
*المقتبس وكيفية تفعيله روائيا..
*التنصيص،الذي أقام اتصالية نصية بين النص الروائي ونصوص الآخرين ، كذلك بين النص الروائي ونصوص غير روائية للمؤلفة
*الرفد الروائي والثقافي ، أعلنت عنه المؤلفة في (شكر) ثلاث مرات
*التغذية عبر الأرشفة، وهي معلنة في المصادر التي ثبتتها المؤلفة في نهاية الرواية..
*تداخل الازمنة وتقاطعها ضمن طبقات النص
*يتنقل الفعل الروائي أحيانا من الرواية الى الميتا روائي / 20/72.
*يمكن قراءة الرواية كسيرة عائلة متوزعة بين مسقط رأسها في السماوة وبين بغداد : الاعظمية ،الصليخ..ألخ..ومن خلال هذه العائلة أو هذا الحيز المبأر سنكون في الزمن العراقي المدمى من فجر 9شباط 1963 الى منتصف سبعينيات القرن الماضي
*يبدأ الزمن الروائي مع فجر 9/ شباط / 1963/ ص20،
مروراً الثلاثاء كانون الثاني من العام أربعة وستين / ص158 ثم يعيدنا الزمن الروائي الى صباح 18تشرين 1963
*المشيدات الآنفة الذكر سنعلقها في هذا المفصل من قراءتي المنتجة للرواية ،ونسلط الضوء عليها في المفصل الثاني..وسنربط بينهما وبين رواية (المحبوبات ) للروائية عالية ممدوح..
ملاحقة التسمية
كقارىء منتج...سأتعقب خطوات الفعل الروائي ، تعقباً علاماتيا ،من خلال ملاحقتي حشد الاسماء التي تشكل شحنة روائية خاصة :
*بدأ يسميني بالأسماء التي أمقت : صبوحة ،صبيحة../ ص13
نلاحظ هنا ان الذكر المخاطِب ،يستعمل الاسم الذي يحمل شحنة استفزازية
في تلقي المخاطبة،السجينة ..في حين بعد أطلاق سراحها ،يخاطبها شاكر بذات الاسم المثنوي الاجناسية (صباح، أنت تحبين هذا الاسم /68)..وشاكر يعي جيداً ماتمقت ُ من الأسماء (راح أسميك صبح .مو صبيحة ولا صبحبح /126)
في التنظيم الشيوعي، يحاط الأسم الحركي، بصيانة خاصة، لذا فأن الدكتورة أنيسة التي( تكوم حولها وفوقها ثلاثة على ما أتذكر وهي ترفس وتلبط بين أيديهم،كانت ترفض بصورة قاطعة، تضن بالاسم ،بالأسماء :
والله لو يموت ولايعترف،ستسمعون ذلك يوماً. /23).. ويواصل الاسم أهميته في هذا السياق النضالي، حيث تؤكد الساردة وهي الشخصية النسوية المحورية في الرواية( لحمي هو المستوطن الأصلي للخطر، وهذا ماضاعف حضوري وجعل تهديدي لايتوقف عند أسم بدر. تماماً، تعاملوا مع أسمه ونشاطه في غاية الجدية /26)وستكرر الساردة مافعلته الدكتورة أنيسة في صيانة الاسماء :( ولما سقط أسم بدر،لم يسقط سهوا، اندهشت من هيئتك واعتدال قامتك . كنت تريد قراءة عدد الاصابات التي بمقدوري تسجيلها على القلب والجسم وأنا أضع قامة وأسم بدر أمامك في الغرفة /39)..في مجال آخر القدم تنوب عن الفم جهويا بخصوص التسمية
(لاأحد منا أقترح اسم السماوة.خالتي لم تشر الى ذلك مطلقا. لم تلفظ اسم المدينة/79)...والساردة يتشيىء أمامها شاكر ،فتعريه من درجات التسمية
(لاأطلق عليه أسماً، لالقبا،ولا أذكر انني ناديته شاكر ،فقط : تعال ،روح، ها ، شيل هذا بالعجل / 82)..وثمة تسمية ذات وزن أقتصادي عالي الجودة ..(كان عاطفيا ومغرما بها فسجل باسمها المجهول والمعلوم /84)
..لكن لابد من علامة تنوب عن الاسم ،وتومىء نحو إيماءة جوانية ، ،كما فعلت الساردة :(تعمدت أن لاأضع أسمك الشخصي في أول الصفحة لكي أدل على لقبك الاعتباري : المفكر مسلم التقي/ 29)..ومن خلال سيرورة الزمن الروائي، يتخذ اسم بدر فاعلية أشهارية كبرى :
( لكن اسم بدر غدا شهيراً لدي وأنا أخاطبك وألثمك. أحمله بين ذراعي وأشيله معك/ ص190)
وللمزاج الشخصي سلطته التسموية ( هذه نسائم الربيع الذي لاأحبه من بين جميع الفصول .أطلقت عليه أسم الشائعة التي تموت أول ماتذاع /89) وضمن العرفان بجمالية الحضور الشخصي، يخلع الأب ،قيمة تسموية أعتباريا على زوجته الأولى:(نوعة) كان أبي يسميها (فص الألماس) /89) وضمن السياق نفسه (وحسب تعليمات الفرات الذي كان يسميه الامبراطور/ 91) ضمن فاعلية التسمية ،فالجانب العاطفي ،يشحن الاسم بهواءٍ عليل (تستنشق أسم مصعب فتزداد صحة وتغدو حركاتها شديدة الرشاقة / 139) ويكون للأسم سلطة اللبيدو (ولِمَ لا؟ مصعب أيضا .أجابت هدى وذكرت اسم الرجل وكأنها تراود روحها / 146)والتزمت السياسي ،يحدث انزياحا لدى الاحزاب القومانية، فتلطخ أعضاءها المتنورين وفق مزاجها التسلطي :(مصعب يقول يسموننا في الحزب بالوجوديين / 140)
والأسماء في البيئة المثقفة، لايمكن ارتجالها ،على الاطفال القادمين :(أسابيع بقينا نبحث لها عن أسم /153) ربما يكون السبب ان بعض الاسماء لها قوة الرفض (الأسماء تقاوم هي أيضا/ 155)..والاسماء لاتخلو من الاشكاليات ، الامر الذي يجعل الساردة تبحث عن التسمية العادية التي لاتتغذى على عائدية معينة ..(كنت أريد أسما عاديا ولايعود لأحد .أسماً بارداً،نيئاً لامحبوبا ولايجترح الاعاجيب، يارب العالمين ،الأسماء كالمصائب.الاسم مشكلة سياسية /155-156)..والأمكنة ثابتة في
موضعها، والمتغير الوحيد، هو التسمية،المنبثة من المتغير السياسي
(نمر قدام البلاط الملكي.تغير اسمه بعد ثورة الثمانية والخمسين فصار مجلس السيادة /156) وكذلك الرتبة(أعلن أسم جديد لرئيس الجمهورية / 159)..ومن أجل حذف هجران من العلن كمريضة ، يحاول الطبيب تجاهلها..(ما إن أبدأ بترديد أسم المريضة حتى يتشاغل /169)..ثم يكون
أسم والد هجران ،فخا لمعرفة صلة الزائرة بالمريضة هجران : (ماهو أسم والدها؟ص171) فترد عليه الزائرة بسؤال ذي تفرعات (قلت ُ أكمل،أكمل أرجوك .والدها،شقيقاتها، شارعها، ثيابها/ ) ثم تصطاد الزائرة الطبيبَ ذاته، عبر سنارة مصنوعة من أسم معين ..(ولما لفظتُ اسم رامي حصل الانفجار. نجحت أخيرا/ ص171)..والطبيب الذي يعطّل السجلات ، سرعان ما يفعّلها تسموياوهو يخاطب الساردة :(لكن أسمك غير موجود في السجلات ؟/171)..ثم يعود الطبيب للأسم السنارة (هي تردد حين تدخل في سورة النوم اسم الرجل الذي ذكرت أسمه ،من هو؟ هل هو...؟ تتفشى الاسماء فتعزل الملائكة عن الضفادع / 172)..مرة واحدة ينتفي دور الاسم ، والاكتفاء بإسم الوطن (هل هذه هي الأرض العراقية الأولى؟ أم سرير فلانة الفلانية في البيت العراقي كذا وكيت ؟ 182)
*ولاأعرف كيف أناديك ؟ بأي أسم أغير عليك وأحدد / 196
ومافائدة الاسماء حين ترجح كفة الواحدة على الكثير من الاسماء( إنها تتخلى عن أسمائها كما عن عشاقهاجميع الاسماء قلامة ظفر/ 197)
ولكن العلاقة بين الاسم والمسمى تبقى هي هي، فالأسم كقناع ،يفقد جدواه في المواجهة بين وجهين (ليكن أسمك ماشئت ،ماتشائين ،مايشاء الحزب والحزب الآخرصبيحة، صباح، وصال ، سهاد ،وئام ،أنت منذ البداية ،وأنت الى النهاية، فأين المفر؟/ 198)..
*الغلامة/ عالية ممدوح / دار الساقي / بيروت/ ط1/ 2000
*بخصوص التسموية ، يمكن العودة الى كتابيّ
*الإذن العصية واللسان المقطوع، / دار الينابيع/ دمشق / 2009/ التسموية الاتصالية في رواية (الشاطىء الثاني) للروائي مهدي عيسى الصقر/ ص89
*من الأشرعة يتدفق النهر/ دار الشؤون الثقافية/ بغداد/ 2013 / شرط التسمية في(حوار عبر الابعاد الثلاثة / ص113
*وكذلك ورقتي المشاركة في ملتقى السياب الاول / حول فاعلية التسمية في رواية (عالم صدام حسين) للروائي حيدر