صافية كتو واحدة من الأديبات الجزائريات اللائي تميزن على مستوى الكتابة ، إذ أنها سجلت اسمها في صنوف عديدة من أنماط الكتابة بداية من المقالة و نهاية عند أدب الأطفال مرورا بالشعر و القصة ...
إن المتأمل لكتاباتها خصوصا ما تركته في متتاليتها القصصـية الكوكـب البنفسـجي و المنتخب الشعري صديقتي القيثارة سيدرك لا محالة أهم ملامح الأدب عندها انطلاقا من مواضيع الكتابة.
إذ أن الكتابة بالنسبة لها كانت لحظة تنفيس جمعت بين الألم و الفرح ، الألم لأنها كانت تجسد صوت الأنثى الذي كان شبه مغيب ، فقد كان من العسر الشديد في ذلك الزمن أن تكتب المرأة معبرة عن أنوثتها و كينونتها ، أما الفرح فكان معبرا عنه بلحظات الانتشاء و التفريغ أو في لحظات الكتابة بالمعنى الذي يؤسس تصالحا مع الذات.
لقد مارست صافية كتو الكتابة في مجالات متعددة ، تغنت بالطفولة وبكت ألامها خصوصا ما تعلق بالأبناء المهجورين الذين يولدون ويتركون على قارعة الطريق .
كما كتبت عن الأم أشعارا شجية ، فرغم فراق الشاعرة لأمها حينما اتجهت من مدينتها الأصلية العين الصفراء الواقعة في الجنوب الغربي الجزائري إلى الجزائر العاصمة إلا أن التغني بها و العودة الدائمة لمظان الحنان الصادق كانت حالة ملازمة لصافية كتو. فها هي تؤكد لأمها بأنها كانت سعيدة و هانئة في بطنها : " أمي لقد كنت سعيدة في بطنك / مدة تسعة أشهر ما عرفت الأحزان / مدتها كنت سابحة في الحنان (...) أمي رغم الفراق و البعد / لازلت ناصعة متلألئة .
كما تمظهر الأدب عند صافية كتو في الكتابة المخلدة للوطن ، سواء في الشعر أو في فضاء القصة .
فعلى مستوى الشعر تغنت صافية كتو بالوطن ،الذي أحبت رؤيته طليقا متطورا ، الشيء نفسه يتضح من خلال "الكوكب البنفسجي" حينما يتغلب الإحساس بالوطن على الإحساس بالأمومة و مثال ذلك " سعدية الممرضة " التي آثرت أن تتجه إلى الجبل لتضميد جراح المجاهدين على أن تبقى لرعاية زوجها المقعد أو أن تراعي ابنها الوحيد .
زيادة على ذلك فقد تمثلت صافية كتو أفراح و أحزان المرأة وتغنت خصوصا بشجاعة المرأة الريفية التي تحملت المشاق العديدة من أجل رعاية أسرتها وخدمة وطنها ..
إن أعمال صافية كتو تظهر بلا مجال للشك أنها كانت نصيرة لقضايا الخير والحق والجمال في ضوء سياق صعب عاشت فيه ، إذ كان من العسر الشديد أن تبرز الأنثى على مستوى الكتابة .
لكن كتابة صافية كتو تبقى شاهدة على تفردها . خصوصا اعتبارها رائدة لأدب الخيال العلمي على المستوى المغاربي ، وهذه الشهادة قدمها الناقد التونسي حمادي عباسي في جريدة الوقت التونسية المكتوبة باللغة الفرنسية .
وعلى سبيل المثال فقصة الكوكب البنفسجي تعبر عن حضور أدب الخيال العلمي ، حيث تخيلت الكاتبة كوكبا بنفسجيا يسكنه أناس لا يهرمون و لا يسأمون ، أما في القصة القمر يحترق تتحدث صافية كتو عن سفرية اتجاه القمر عن طريق الخطوط الجوية القمرية يعيش أصحابها وضعا مربكا يكتشفون من خلاله بأن القمر يحترق...
.. بيد أن المعضلة الكبرى التي تواجه النقاد و المتتبعين لأدب صافية كتو هي الحلقة المفقودة مدة تسع سنوات ، لأن القارئ لا يعثر عن أي كتابة ممرجعة تذكر بعد قصة "المرأة الحالمة" التي كتبتها سنة 1980 ، علما أن صافية كتو انسحبت من الحياة بشكل مأساوي سنة 1989.فهل يعني هذا أنها اعتزلت الكتابة سنة 1980 ؟؟!!..
بشير خليفي

