فينوس خوري شاعرة الحب والفرح والعوالم السحرية\ لا

2016-02-19
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/372d8d8a-3f0a-4044-8831-1c0791a2364a.jpeg
هي من أوائل العرب الذين هاجروا إلى فرنسا، حاملة معها تقاليدها الفكرية اللبنانية، كما حافظت على انتمائها العربي واللبناني رغم سنوات بعدها عنها السنوات الطوال". تكتب بلغة فرنسية خاصـة بـها، وتعتقد أن فرنسيتها ممتـزجة، الى حد مـا، باللغـة العربية، بنَفَسِها، بصورِها، وروائحِها ...  بعبارة أخرى تكتب بالفرنسية فيما تـظل عيـناهـا شاخصـتين نحـو العربية، ولا تتفق مع الذين يقولون أن الفرنـكوفونـيين يتركون لغـة كانـوا يسكنونـها الى لغة تسكنهم. فاللغة العربية ما زالـت تسكنها, نقلت احاسيسها الى اللـغة الفرنسية، التي بدايةً، تعرفت عليها عـن طريـق شقيـقها، الذي كـان شاعـراً باللغة الفرنسـية . تتداخل في نصوصِها الرموز والتصورات، والعوالم السحرية اللامألوفة، حتى تصبح شكلاً آخر للحب، الحب الذي ياخذ شكل الإيماءات العابرة، التساؤلات الحيّة، الغياب السحري في بحار الذكريات، التوق الدائم لعوالم الحلم والدهشة والغبطة، وتواصل مع الحبيب”. ورغم الهروب العام من التصريح به، يظل للحب عندها شكل مألوف وحضور مميز في بعض نصوصها الشعرية ولا سيما في ديوانها “الوجوه غير المكتملة”.
 “فليكن ساعداك حدود عالمي
ولأصلب على مداك
خذني الى عالمك”
وعد في أن يستمر حضوره, وخوف من غيابه، وهو سماوي، حلم لا يرعب، طبق أزرق بلون غيوم الربيع، وينبوع صغير يجري في بحيرات القلب:
“بالله لا ترحل
لا تطفئ النجوم وعينيّ”
 
 قـال عنها الشاعر والناقـد الفرنسي ألين بوسكه: أنها “أبصرت النور مندهشة ولا تزال. فالطبيعي في طفولتها جعلت منه مسلكاً في الحياة دونما أي جهـد. وهي تعتبر الواقع، على اختلاف وجوهـه الهادئة أو الأليمة أو المأساوية، قضـية وحي وإشراق ودهشة مستمرة . فلا شيء تقـبله من دون إبداعـه من جديد، وهو خط الشعراء قبل أن يصبحوا شعراء، وبعد تصميمهم على البقاء شعراء كلّف الأمر ما كلّف”.
 
وكذا قال عنها رواد طربيه: انها ابنة عصرها، ابنة يومها، ابنة ساعتها، تهتز لكل ما هو إنساني، تهتز للفرد كما تهتز للجماعة، تهتز لمن تحبهم، وهل هناك إنسان يستحق إنسانيته ولا تحبه شاعرتنا؟ هذا ما نجده في شعرها، الذي هو شعـر الحـب، شعر الفرح، حتـى ولو كانت المآسي تواكبه.. مآسي الإنسان، ومآسي لبنان .
 
 في قصيدتها "الشاعر" تقول

“سيكون عالمك
عند شفا الصمتِ
وجريفك
ما اصفرّ من كلم على شفتيك
وخدينك العطش الذي
ينفر من ثيابه الهاذية العارية وستطعم الطيور للزفت بأسواق المدائن
وتطعم الصلصال من وجوهك المغرقة في القِدَم,
ولكي تموت
تتمدد
حتى تخوم إهابك القصوى...”.
 
قال نبيل أبو شقرا رئيس "المنتدى الثقافي اللبناني" في باريس لوكالة الصحافة الفرنسية تعليقا على منحها الجائزة: أنها "تنم عن تجربة ثقافية وفكرية بالمعنى الأدبي في فرنسا، وأشار إلى دورها في إنشاء العديد من الجوائز التي تكافئ الأدباء العرب مثل الرديف العربي لجائزة "ماكس جاكوب" التي تمنح للشعراء العرب واعتبر أنها "من أكثر اللبنانيين نشاطا وعلاقة بالأوساط الثقافية الفرنسية كما أنها دخلت في النسيج الاجتماعي الفرنسي بعمق لتصبح كاتبة فرنسية دون أن تتخلى عن نمط العيش والتفكير اللبناني".
 
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/541ba34d-273a-45ab-b567-9fa54cf93a9a.jpeg
 ولـدت فينوس خوري في بيروت عام 1937. تلقـت دروسها الثانوية في مدرسـة زهـرة الإحسان. تقـيم حالياً في باريس بعد زواجها من السيد غاتا. لها بالفرنسية في الشعر: “الوجوه غير المكتمـلة” ­ 1966, “الأراضـي الراكدة” ­ 1968, “في جنـوب الصمت” ­ 1975, “الظـلال وصراخها” ­ 1979 (حازت على جائزة أبولينير 1980), “من يتـكلم باسم الياسمين” ­ 1980. وفي النثر, لها الروايات التالية: “اللامتآلفون” ­ 1971, “حـوار حول المسيح أو حول البهلوان” ­ 1975, “ألما خياطة يد” 1977.
تسهـم في تحرير بعض الصحـف والمجـلات الأدبية في فرنسا. من ممـثلي الإتجاه الجديـد، المتحـرر على صعـيـد الشكـل والمضمـون، في الشعـر اللبـنـاني باللغة الفرنسية، ومـن الأقـلام الغزيـرة فـيه .
وبالإضافة الى جائزة أبوليـنير، نالـت جائـزة مالارمه وجائزة جمعية أهل القلم. تألق إسمها شاعرة وناقدة وروائية في بيروت قبل سفرها الى باريس والإستقرار فيها .  ولديـها ما يـناهز الثلاثـين كـتابـاً؟
 
نالت الشاعرة والكاتبة اللبنانية باللغة الفرنسية فينوس خوري غاتا، "جائزة الإبداع اللبناني" للعام 2013 التي يمنحها "المنتدى الثقافي اللبناني" في باريس سنويا، لتكون هذه المكافأة الخامسة التي تنالها عن أعمالها الشعرية والأدبية لهذا العام.
 
قالت الشاعرة اللبنانية المقيمة في باريس منذ سنوات طويلة والتي صدر لها في بيروت عن دار الساقي رواية "سبعة حجارة للخاطئة" لوكالة الصحافة الفرنسية "يهمني الحصول على هذه الجائزة التي كرمت قبلي شخصيات ثقافية مهمة من بينها أدونيس، خصوصا وأن المنتدى يجهد لتعيش هذه الكتب التي نضعها وتنتشر في العالم العربي".
 
وكانت فينوس خوري نالت عن أعمالها الشعرية هذا العام جائزة "غونكور" للشعر و"الجائزة الكبرى للأكاديمية الفرنسية للشعر" فضلا عن جائزة "ميشلو" السويسرية.
 
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/365caa78-7a8f-4b05-942f-b7b470835a93.jpeg
كذلك نالت عن روايتها الأخيرة "الخطيبة كانت على ظهر حمار"، جائزة "أوديبرتي" الفرنسية الأدبية العريقة،  بعد الاهتمام الكبير الذي حظي به عملها الأدبي هذا.
 
وتعود الرواية للعام 1834 لتروي قصة حاخام أراد أن يزوج عبد القادر بشابة يهودية كي يحمي أبناء جاليته في الجزائر بينما عبد القادر المتزوج من أربع نساء غير راغب بالزواج مجددا.
 
وقد لاقت الرواية رواجا في فرنسا وهي بصدد أن تترجم إلى اللغات السويدية والإيطالية والألمانية.
 
وتعليقا على واقع الكتابة في العالم العربي، أشارت خوري - غاتا إلى أن "كثيرا من الكتب تنتج في العالم العربي لكنها حين تترجم إلى الفرنسية لا ترى هنا. القراء هنا يقبلون على الأدب الأميركي والسويدي والإيطالي لكنهم لا يعرفون أن يهضموا ثقافتنا وهناك شيء غريب فيما يتعلق بهذا الأمر".
 
وتابعت على هذا الصعيد "هناك كتاب تُرجموا إلى الفرنسية  مثل إلياس خوري وحسن داوود وجبور الدويهي وهدى بركات وغيرهم وينبغي أن يعرف هؤلاء أكثر في هذا البلد" مشيرة إلى أن لدى "الكتاب العرب الذين يكتبون بالفرنسية حظوظا أكثر بالانتشار لأن هناك رغبة بتشجيع الكتابة بالفرنسية من خارج فرنسا" .
 

مختارات من ديوانها «إلى أين تذهب الأشجار؟»
١- عيناها مرسومتان بكُحل القدر
 
كانت الأم تتزوج دوماً
وتُنجب أطفالاً بحجم قلمٍ
تغرسه
ثم تقتلعه
صارخةً: إنهم فاسدون
من التعاسة أصبح شَعرها أسود
كانت العاصفة تمتلئ بصراخنا حين تقتلعها مع السقف
وتعيدها إلينا بعد ثلاثين نعاساً
في عينيها ماء الشقوق الراكدة
ورنينٌ حزين في كل إصبع
كان صوتها الذي تحوّل إلى بقبقةٍ
يردّها إلينا في ثوبها الصدِئ
لا تجرؤ على عبور دائرة الضوء خوفاً من التفتّت
كانت أيدينا مشغولةً بإعادة تشكيل أمّنا
وأقلام التلوين ترسم عشب الزوايا
تُلهب جمرة العانة وتلك الطريقة لديها في الانفتاح
كما لو أنها تبدأنا من جديد
٢- كانت الأم تعلّقنا من الأذرع
تخيط لنا ابتساماتٍ واختلاجات رموش
في الأشياء المتطاولة المصنوعة من يديها كانت تنقص رائحة الخبز
كانت الشعرة تذوي على الرؤوس
والشرائط الحديد تصدِئ في المفاصل
أمام النهار لم يكن أحد يصفّق أو ينحني
كانت قبلاتنا تعود إلينا مكسوّةً بالسُّخام
كنّا نترجّى الأم أن تفكّكنا
وتعدّلنا
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/7a859fbf-6be5-4898-b961-5f3d971e896b.jpeg
لكن ضحكتها كانت تخنق النار
3- بأيدٍ ممدودة من الفتحات
كنا نلتقط العابرين المتأخّرين ونحبسهم بين الصفحات
زهوراً جافّة
كانت خُرقة الأم تمحو آثار الخطى
وتهدّئ من روع الهواء
ونداءات أطفالٍ تثقب المصاريع عند الغروب
تعبر الكُتُب
تخترقنا
كيف العثور على مادّة الصفحات واسترداد ترتيب النوافذ
والأيدي المتشابكة؟
4- كانت الجدران تفصل بيننا عند أقل شجار
كنا نتشاجر ونتماسك من أجل رقعة ظلٍّ
من أجل حجرٍ بوجهَين
من أجل ريشة عصفور
كان الأخ يحلف بشرف العائلة أنه لم يتعرّ أبداً أمام جدولٍ
ولا سار على قَدَم نحلةٍ
كانت الأم تصون مكانتها بين القُدور المحترمة
وخزانة الأكل تعجّ بالثرثرات
كنا ميسورين محتاجين
حزينين مضحكين
بخلاء وكرماء
نحضر القدّاس مرةً كل أسبوعَين كي لا نستهلك رُكبنا
ولا نسير إلا عند الضرورة الملحّة كي لا نُحرِج الحمار
الموظّف في النقل العام
كنا نتقدّم في السن على رغم دخاننا السائر إلى الوراء
5- كيف العثور على الأم حين كان وجهها يتوارى خلف التلال
تاركاً إيانا جسداً بلا تقاطيع
طردَين باردَين للإبطَين
وعشباً أبيض للعانة؟
برحيلها مع صديقتها النار
كانت تكلّمنا بلُهُبٍ وشراراتٍ من وراء كتف التل
وقد أصبح صوتها عُلَّيقاً، شظايا حجارةٍ وزهوراً صفراء
إن حلّت العاصفة سقطت سُخاماً
ليال كاملة ونحن نتنشّق ارتسامتها على الأرضية الخشبية
نراقب غضبها في البُروق
بشفاهٍ شقّقها الصقيع والشمس
كنا ننادي الأم حتى سياج آخر حقل
6- كانت تكسر الخبز كما نفتح كتاباً
نورٌ يتفتَّت مع القشرة اللامعة
كان صوتها الثلجي الحزين يبرّد الشورباء ويكسو أصابعنا بالشقوق
بيننا وبين الأم ظلُّ الشتاء
كنا نطرده من الباب فيعود من الشبّاك
يتحدّانا ويسخر منا
يأخذ مكانه على الطاولة بين صخب الأشجار والأصوات الممزّقة للحمائم
ليست الأشجار سوى ركائز لرياحٍ متعبة من القفز فوق الحواجز، كانت تقول،
والحمائم كسرات حجارة سبّورة
تعبر الأشجار والحمائم، مثل الجبل والفصول
وحدها القُدور والأمّهات سرمدية
يحميها سُخامها
7- تعود أسباب الخلاف بين قاطني الأعلى وقاطني الأسفل
إلى العام الذي توقّفت فيه العنزات من تصديق قصة الذئب
من الحزن تفتّت الجبل كخبز الفقير
وأصبح سريع النسيان
ظنّ أن الفزّاعات موكب حجّاج
وأن مصباح الوادي شمسٌ سفلى
المرأة التي كانت تتقاسم وحدة الأشجار
طوت سياجها
طردت حديقتها رشقاً بالحجارة
ثم حفرت المنحدَر بحثاً عن جبلٍ داخل الجبل
لدفن سرّها
8- تحصي حياتك بعدد الكُتُب التي قرأتها
بأية عملة تدفع أجر قلق الجدران وعجزها
عن النهوض قبل المنزل
بين صفحتَين تدفن شخصيات تموت خلال قراءاتك
تستقرّ في كتابٍ أكثر فتوة
تتمدّد فرعون على السطور
عيناك تفكّان الظلمة
الزمن مبعَدٌ إلى الهامش
ووجه الساعة الجدارية صوب الجدار
تثق بالساعة الشمسية وليس بأطفالك
الذين يؤدّبهم الله إن فــوّتوا صفّاً واحداً للشمس.
  - تجربة لبنانية بلغة فرنسية
- الحياة في باريس وتحديات الإبداع
تجربة لبنانية بلغة فرنسية
 





 

عالية كريم

رئيسة تحرير "معكم"

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved