في يوم الطفل العالمي والذي يصادف 20 نوفمبر من كلّ عام، يبدو الطفل الفلسطينيّ في أوضاع مغايرة تماماً عن أوضاع الأطفال في شتّى بقاع العالم، ويقع الفلسطينيون عامةً في دائرةٍ موغلة بالفقر والعنف مفتقدين أبسط حقوقهم الأساسية التي تكفلها الاتفاقيات والشرائع الدولية والحقوقية.
ويصادف هذا اليوم أطفال فلسطين كالعادة ... وكأنهم على موعد مع الموت، وهم يتجرعون كؤوس جرحهم النازف اثر العدوان الصهيوني المستمر على المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية.
فها هي غزة تغرق في بحر دمائها اثر العدوان الغاشم على قطاع غزة لتتزايد أعداد الشهداء الأطفال والجرحى، بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من الأطفال الذين شُرّدُوا من بيوتهم هم وعائلاتهم، منهم من لجأ إلى مساكن أقربائهم الموجودين في بيوت قد تكون آمنة نوعاً ما، ومنهم من اتخذ من مدارس وكالة الغوث ملاذاً له.
كلّ هذه الأعداد من الشهداء التي يحصدها الاحتلال تخلق من أطفال غزة جيل تختلف معاييره وقواه فأطفال غزة هم أطفال عاشوا الرجولة في غير أوانها .. فهذه الحرب لم تضعف الأطفال بل خلقت لديهم ردود أفعالٍ مختلفة تماما عن المتوقع من القوة وعدم الخوف، بل وأحياناً كثيرة يستمد الكبار قوتهم من الأطفال...
فإحدى الأمهات تروي لي أنها تستمد صبرها من طفلتها التي لم تتجاوز الأربع سنوات من عمرها وهي تقول" ناموا ما تخافوش مش حيصير شي"، وسيدة أخرى "عندما أسمع صوت الأطفال يلعبون الكرة في شارع المخيم أشعر بالطمأنينة رغم صوت القذائف والانفجارات"، وأخرى تقول " أولادي أصبحوا يميزون أصوات المدفعية عن أصوات الطائرات".
صورٌ كثيرة للصمود نستمد منها قوتنا في غزة الصامدة وليس أقل منها صورة الطفل التي تناقلتها وكالات الأنباء لطفل ناجٍ من مجزرة آل "حجازي" لم يتجاوز العامين، لامس فيها شغاف القلوب المتحجرة وأبكاها ببراءة طفولته المغدورة، وابتسامته المكلومة... وهو بين يدي الطبيب يمسح جرحه النازف، وكأن دمعته تحجرت أو أبت مفارقة المقل.
فماذا ينتظر العالم من هذا الطفل في المستقبل وهم ينعون له أسرته بأكملها ؟؟ وإلى متى سيظلّ العالم يزفّ اغتيال براءة أطفالنا في عيد طفولتهم ؟؟ إلى متى ...؟!
عفوا سيادة الرئيس ... خاب ظني...!!
كأي أم فلسطينية صابرة ...وكأي طفل فلسطيني لا ذنب له سوى أنه فلسطيني، وكأي شيخ في فلسطين أرهقته سنين انتظار العودة وهو يحلم بها...
انتظرت خطاب الرئيس أبو مازن على أحر من الجمر، وتركت خوفي وذعر أطفالي، واهتزاز بيتي كما بيوت القطاع وكأنها على فوهة بركان من القصف، وانتظاري للموت الذي لم يعد يميز بين بيوت المواطنين الآمنين وبين المواقع المطلوبة التي يدَعي العدو الصهيوني بضربها.
المهم أني تركت كل هذا لأدعو الله ألا يؤثر القصف على خطوط الكهرباء حتى أسمع الخطاب الفاصل لسيادة الرئيس وهذا كان أضعف الإيمان.
فانا فهمي "على قدي" ..لا أفهم في التكتيك السياسي ولا الحزبي، ولا افهم في البروتوكول أو غيره... كل ما افهمه وتربيت عليه هو إغاثة الملهوف، ونجدة ذي الحاجة.
لقد انتظرت بطبيعتي البسيطة كما هي طبيعة البسطاء من أهل غزة...انتظرنا رئيسنا أن يهب لنجدتنا وتوقعنا أن " يطب علينا " في غزة لتفقد أبناؤه الجرحى ومسح دمعة المكلومين ومد يد العطاء والعون التي تعودوها من القيادة الفلسطينية.
ولكني كما غيري فوجئت بخطاب بارد، لا روح فيه ... وكأن الأمر مجرد رفع عتب عن أناس لا يمتوا للرئيس بصلة...
اتصلنا على الرئيس مرسي ليرسل وزير الخارجية....
واتصلنا بالإدارة الأمريكية ...
وطلبنا من الأمين العام للجامعة العربية ...
كل هذا لم يشف غليل أهل غزة النازفة ... ولم يشف دماء الأطفال الغارقين في دمائهم .
ألا تكفي هذه الأرواح الطاهرة البريئة قربانا لإنهاء الانقسام والعودة إلى الصف الفلسطيني الواحد الموحد كما هو حال المقاومة الفلسطينية المشرفة التي رفعت راية المجد عاليا؟؟؟
فانا بلغتي البسيطة شبهت كل هذا باتصال "أخي بجاره ليحل مشاكلي في بيتي ...مع أن أخي غير مغترب"
فإلى متى سيظل حالك يا سيادة الرئيس كأخي الذي يرسل جاره للإطلاع على أحوالي؟؟
أنا لا أريد جاره ...أنا أريد أخي...!!!
لذا اعذرني سيادة الرئيس ...لقد خاب ظني...!!

