حكاية د. حياة دينيا مع جمع المؤنث

2011-05-28

من بين مئات الجمعيات استوقفتنا جمعية تحمل اسم جمع المؤنث، فدفعنا الفضول الذي اثارته غرابة الأسم وما ولّده من تساؤلات الى ولوج مركزها الكائن في احد احياء العاصمة المغربية الرباط، ولنلتقي بمديرتها ومؤسستها الدكتورة حياة دينيا، فأطلعتنا على تجربتها الرائدة في تطوير واقع المرأة الفكري والثقافي ولنكتشف أن جمعية جمع المؤنث تستحق الأهتمام ليس لفرادة اسمها فقط، بل لفرادة وعمق طرحها في تهيئة الأرضية الصلبة التي تنطلق منها المراة الا وهي تمكين المراة عقليا وثقافيا لتكون قادرة على فهم حقوقها ومكانتها في المجتمع ايماناً منها، بان لا يحل مشاكل المراة الا المراة نفسها ..

لسنا جمعية لمحاربة الرجل وانما لتقوية مكانة المراة

جمعنا حديثٌ واعٍ وشيق مع د. حياة دينيا رئيسة جمعية جمع المؤنث وبحماس المرأة المقتدرة اطلعتنا على تجربتها قائلة :

بدأت الجمع//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/5fa859ab-a0e0-41a7-a818-a88892e91805.jpeg ية  عام 1999 بهدف واحد هو تعزيز مكانة المرأة عن طريق الثقافة والتكوين، حيث كنا نفتقد الى جمعيات تعمل بهذا المجال، كانت الجمعيات تهتم بقضايا تمكين المرأة سياسيا وتمكينها من معرفة حقوقها، لكن الجانب الثقافي كان مهملاً، لم يكن احد يوليه الأهتمام الكافي ربما على اساس ان الثقافة ليس لها دور في تمكين المراة، لكنني شخصيا اعتبر ان للثقافة دوراً كبيرا في تمكين المراة في جميع الأشكال، اذاً كان هذا الهدف الأساسي من وراء خلق هذا التجمع، قد راودتني الفكرة  منذ  القديم ولكني كنت منخرطة في جمعيات متعددة تهتم بقضايا متعددة، ومن حين الى اخر وظرفيا  بمناسبة ما او شئ من هذا القبيل  تقوم بتظاهرة لتكريم المراة ولم اكن اوافق على هذا العمل الظرفي لاني أأمن بان قضية المراة هي قضية يومية وليست ظرفية ولابد من معالجة يومية، لهذا تم تأسيس  جمع المؤنث بموازات تأسيس المركز الثقافي النسائي لان في تصوري كان لابد من وجود مركزثقافي للمراة مفتوح احد عشر شهر على اثنى عشر وخمسة ايام على سبعة ليكرس هذا العمل وليبين ان  لابد ان نهتم بالمراة يوميا وليس ظرفياً.

 في البداية اسست جمع المؤنث على شكل فريق عمل من خمسة نساء، جمعت خمس نساء وطرحت عليهن الفكرة  فرحبن بها واول ما بدانا عملنا واجهتنا المسائل القانونية، إذ لم تكن لنا صفة قانونية نعمل بها، فقررنا تاسيس جمعية وبما ان فريقنا كان يحمل اسم جمع المؤنث منذ البداية، لذا حملت جمعيتنا نفس الاسم واخترت اسم جمع المؤنث ليكون جمعا لفائدة المؤنث يدخله الرجل والمراة، انا لم اختر للجمعية اسم جمع المؤنث لكي يكون محصوارا بالمراة بل كان من ميزاتها ان تفتح ابوابها للرجال منذ البداية، في مكتبها، في دوراتها، في انشطتها، وفي كل شئ ايماننا منا بان قضية المراة لا يمكن ان تنجح الا اذا تماسكت الأيدي وسرنا جنبا الى جنب بعيدا عن الخلافات التي كانت موجودة في هذا المجال، نحن لسنا جمعية لمحاربة الرجل وانما لتقوية مكانة المراة وهذه نقطة ايجابية وجديدة في التعامل المغربي مع الجمعيات .

 اول ما نشا جمع المؤنث بدأ بفكرة مهمة هي تكريم القرن العشرين، لماذا القرن العشرين ؟  لان هو الذي حررنا، خلقنا الجمعية يوم خمسة افريل سنة 99 وفي الثاني من دجمبر نظمّنا لقاءاً دوليا مهما كان هو عقيقة جمع المؤنث اي حفل ميلاده، وكان عنوانه المراة في القرن العشرين وكان هذا اللقاء على مدى ثلاثة ايام وضع حصيلة ما قدم القرن العشرين للمراة وما تخلف عنه وما هي التطلعات التي لا زلنا نتطلع اليها، وكان بالفعل لقاءٌ ناجحا بكل المقاييس جعل جمع المؤنث يدخل من اوسع الأبواب .

  ك//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/3a0aea28-ac25-43ff-9a56-ff30d12b2732.jpeg نت احمل فكرة المركز الثقافي النسائي لسنين عديدة ولكن لم اكن اتوفر لا على المادة ولا على النضج الكافي لوضعه وتنظيمه ثم لتسييره، في ما بعد كان لوالدي رحمه الله ووالدتي ملك في حي حسان الذي هو هذا المقر الحالي كنت كلما مررت من امامه اقول لوالدي متى تعطيني هذه الدار وكان في نيتي تحويله الى مركز ثقافي ... وذات  يوم اتصل بي والدي واخبرني ان الشقة التي أريدها سيتركها مستاجريها، كانت شقة قديمة مهترئة دفعت ثمنها في البداية لكن والدي رحمه الله وقف الى جانبي وأعطاني الأمكانيات لتحويلها الى مركز ثقافي وبذا كان هذا المركز الذي اعتبره وليدي  وطفلي الصغيرالذي ارعاه واعتني به وهذه عشر سنوات وهو يسير بخطاً ثابتة وفتح فضائه لنساء ورجال درسوا فيه وتعلموا وتكونوا، فكوّنا اكثر من مئتين من الشباب حاملي الشهادات والعاطلين عن العمل ليكونوا قادرين على النزول الى سوق العمل، لدينا  دروس في اللغات يوميا بالمجان لأعضائنا، ومن انشطتنا خميس الثقافة وهو موعد شهري يعود مرة لكل شهر يفتح ذراعيه لكتاب وكاتبات، وكذلك ندوات مختلفة اصبح لها جمهورها الخاص والتي تعمل عدد من من الهيئات لخلق جُمعات ثقافية، واربعاءات ثقافية ولقاءات مختلفة على غرار خميس الثقافة ونظمنا العديد من التظاهرات الكبرى منها عن المراة في الحقل السياسي والمراة في الأنتخابات الجماعية لكن ما يميز عملنا هو المهرجان المتوسطي لكتابة المراة الذي اصبح يعرّفْ جمعية جمع المؤنث، بالاضافة الى خميس الثقافة والعديد من الندوات والدروس، والذي نحن بصدد تنظيم الدورة الرابعة منه .. 

صراعنا مع الجهل

*ما مدى فاعلية مثل هذه الجمعيات في حل مشاكل المراة ؟

نحن لا نحل مشاكل المراة نحن نساعد على فهمها، ان دورنا ليس حل مشاكلها، قد نوجه بعض النساء للمراكز المختصة، الحاجة الايجابية بهذا المركز انه مفتوح للجميع لكن حل المشاكل ليس بيد الجمعيات، قد تستطيع كل واحدة ان تضع لبنة على قدر امكانيتها، العائق في حل مشاكل المرأة هو الجهل والعقليات المتحجرة، فمعركتنا مع الجهل، مع الأمية، ليست الأمية الابجدية وانما الأمية العقلية، صراعنا  مع رواسب الماضي، هذا هو صراعنا، كي نغيّر العقليات عيلنا ان نحارب الرواسب التي اتتنا من القرون السالفة والتي يتمسك بها الكثيرون لانها ترتبط بمصالحهم، ولن يحل مشاكل المراة الا المراة نفسها وهذه الأشياء لا تقدم هدية بل تنتزع ..

*عرفنا بان من اهداف جمعيتكم تسليط الضوء على مواطن تعيق التطور الاجتماعي، فما هي الوسائل التي بواسطتها يتحقق الهدف ؟

الوسائل هي انشطتنا المتعددة، مثل خميس الثقافة، المهرجان المتوسطي لكتابة المراة، ورشات التقنين المستمرة، الى غير ذلك .. والمركز الثقافي النسائي الذي هو الارضية الاساسية لتوصيل هذه الغايات، والذي نحن مدانون فيه الى مؤسسة دينيا للثقافة التي آلت إليَ بعد وفاة والدي، والتي تمنحنا فرصة كبيرة ووسائل عظمى لأنها فضاء يسمح لنا في تنظيم العديد من اللقاءات والتظاهرات التي هي وسيلتنا لتحقيق الغاية

*هل هنالك مقترحات لبرامج اضافية ؟

افاقنا مفتوحة واذا بدا لنا مشروع لبلوغ الغاية في تمكين المراة، فاننا نرحب به، اهم شئ وجود المركزالثقافي النسائي حيث انه يسطر وجود المراة على فضاء المدينة ويسطر وجود المراة بطريقة رفيعة فالمراة ليست مجرد انسان يتعلم الخياطة ويتلقى دروس الطبخ ومحو الامية، بل كانسان راقي يتطلع الى اعلى،  يعتمد على الثقافة للوصول الى مستوى اعلى، لكي ينفتح على العالم ولكي يمكّن نفسه من ولوج الحياة العامة والمشاركة في نشاط البلاد كعنصر فاعل .

لا شئ يؤثر على قرارات الجمعية

*هل هنالك دعم حكومي ؟ واذا توفر هذا الدعم هل يؤثر على قرارات الجمعية ؟

ابداً، قرارات الجمعية لا يؤثر عليها احد لسبب اساسي هو اولاً اننا جمعية ثقافية، ثانيا لاننا نتوفر على مركز ثقافي لا يدعمه احد بل تدعمه مؤسسة عائلية، إذاً لا يمكن لاحد ان يتدخل بقرارات الجمعية،  الدعم الحكومي بسيط جداً من مدينة الرباط، وكذلك من وزارة الثقافة، وفيما يتعلق بالمهرجان الثقافي فحصلنا على دعم ظرفي لدورة من الدورات، هنالك ايظاً دعم من بعض السفارات عند استقدام كاتبة يدفعون بطاقة سفرها فقط .

 امكانياتنا ضعيفة لكن كافية، لا نبحث عن امكانيات من اجل الإمكانيات، الأمكانيات هي لسد مصاريف العاملات في المركز وبعض المصاريف اليومية الأخرى البسيطة، اما الباقي فهو الدعم الدائم لمؤسسة دينيا الثقافية بتوفيرها هذا المقر، وهو دعم مستمر لحد الآن الا اذا لم اعد رئيسة للجمعية بذا ساحتفظ به لنفسي ..

*يحتل الرجل النسبة الأكبر في شغل المناصب والوظائف الحكومية، هل تتعرضون الى ضغوط وعرقلة في عملكم من قبل الرجال ؟

تعرضت للعرقلة عندما كنت مسؤولة في الإدارة، ولكننا كجمعية لم نتعرض للضغوط منذ تأسيسها ولحد الآن، بل على العكس لم نلق الأ الترحيب، وذلك لان طلباتنا ليست كبيرة ونحن لا نضايق احد، وعند الحاجة نكتب للمسؤولين، فاذا استجابوا مرحبا وان لم يستجيبوا ايضا مرحبا.. ولا نلجا للالحاح في الطلب العديد من الفعاليات التي لم نستطع تغطيتها تُركت، فنحن ننفذ ما نحن قادرون عليه ..

*عرفنا بانكم اقمتم عدة مهرجانات ناجحة لاقت نجاحاً متميزاً من حيث التنظيم ومن حيث تحقيق الاهداف، حبذا لو تعطينا فكرة عن مهرجانكم القادم، متى سيكون ؟ وماذا سيطرح ؟  

لدينا مهرجان اسمه المتوسطي لكتابات المراة، نشا عام 2006 ويستعد لدورته الرابعة عام 212 ويتميز هذا المهرجان بديمومته، هذا ما ساعد على بناء هيكلة خاصة وجعل الجمعية تتمرس في تنظيم هذه التظاهرة الكبرى التي لاقت نجاحا لتراكم الخبرات، وكذلك ديمومته اعطت الثقة للمشاركين، وهذه المصداقية التي حصلنا عليها من هذا المهرجان دعمت نجاحه واستمراريته وساعد كذلك التطورات التي سبقت المهرجان بكثير

 سيبقى المهرجان لهذا العام مفتوحا امام جميع  الفعاليات الثقافية، لاننا عندما حصرنا الموضوعين في الدورة الثانية والثالثة احسسنا بان عدد من الكاتبات الاتي رغبن في المشاركة لم يكن لديهن امكانية بالمشاركة في الموضوع الذي كان محصوراً، مثلا في الدورة الثانية كان الموضوع من الكاتبة الى الصحفية ومن الصحفية الى الكاتبة  اي المزاوجة بين الصحافة والكتابة والدورة الثالثة كانت المراة والعولمة، وهذه الدورة ستكون مفتوحة ليشارك فيها اكبر عدد من المتمكنات، والمهرجان هو احتفاء بالمراة وبالكتابة في نفس الوقت الكتابة بجميع اشكالها وهذه الفضاءات مفتوحة ففي الصباح جلسات اكاديمية وفي المساء جلسات مفتوحة فيها لقاءات مع الكتاب لفسح المجال امام الناس للتعرف على اخر الإصدارات .. اما موعد الدورة المقبلة  فسيكون في مارس/ ابريل لعام 2012

 

عالية كريم

رئيسة تحرير "معكم"

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved