ترجمة : سعدي يوسف
(1)
جَدّتي التتريّةُ
نادراً ما منحتْني هدايا ؛
بل كانت حانقةً عليَّ شديداً
لأني عُمِّدْتُ .
لكنّها رقّتْ عليَّ ، قبل موتِها
وأسِفَتْ ، للمرة الأولى
متنهِّدةً :
" يا لَلسنين !
هاهي ذي حفيدتي ، غدت امرأةً ! "
لقد غفرتْ لي حماقاتي
وأهدتْني خاتمَها الأسودَ
مُعلِنةً :
الخاتمُ لها ،
ولسوفَ تُسعَدُ بهِ
خيراً مني .
(2)
قلتُ لأصدقائي :
" ثمّتَ من الحزنِ عميمٌ ، ومن السعادةِ قليلٌ " ،
وغادرتُ ، مُخْفيةً وجهي ؛
لقد أضعتُ الخاتمَ .
وقال أصدقائي :
" بحثْنا عن الخاتمِ في كل مكانٍ ،
في الرملِ على امتدادِ البحرِ ،
وفي المرْجِ بين الصنوبرات " .
*
الأشجعُ بينهم ، لحِقَ بي في الزُّقاقِ
وأرادَ إقناعي بالتلَبُّثِ حتى المساءِ .
دُهِشْتُ لنصيحتِه ،
وغضِبْتُ على صديقي لأن عينَيهِ كانتا رقيقتَينِ .
" لِمَ أحتاجُكمْ ؟
كلُّ ما تفعلونه أنكم تضحكون
وتتنافجونَ حول تقديمِ الزهورِ " .
لقد طردتُهم جميعاً .
(3)
وحين عدتُ إلى غرفتي
انتحبْتُ مثلَ طيرٍ جارحٍ
منطرحةً على الفِراشِ
لأتذكّرَ للمرّةِ المائةِ :
كيف جلستُ إلى المائدةِ البلّوطِ
أتعشّى ،
كيف نظرتُ إلى عينَيه السوداوينِ
وكيف لم آكُلْ ولم أشربْ ...
كيف تحت مفْرَشِ المائدةِ المُفَوَّفِ
خلعتُ الخاتمَ الأسودَ ،
كيف نظرَ ، هو ، في عينَيّ
ثم نهضَ ، وخرجَ إلى الرُّواقِ .
.........................
هُمْ لن يجدوا كنزاً يأتونَ بهِ إليَّ !
في البعيدِ
فوقَ القاربِ السريعِ
تُمْسي السماءُ قرمِزاً
ويُمسي الشراعُ أبيضَ ...
1917
______________________________________
تمّتْ ترجمة النصّ بلندن في الرابع والعشرين من تمّوز ( يوليو ) 2015