هل نستطيع ابعاد الطفل المعاق عن آلام الإعاقة في مجتمع معاق ؟

2020-07-19

اعاقة

أن يأتي للحياة طفلٌ معاقٌ، فهذا بحد ذاته ألم وعذاب يرافق الأبوين طوال حياتهم، في تحمل مسؤوليتهم في التحدي وخوض الحياة والتكيف بالإمكانات التي تتوفر له، والأكثر ألماً هو الإعاقة الإجتماعية التي يعاني منها كثيرون  للأسف، حين لا يتفهمون طبيعة الطفل المعاق ومشاعره، فيؤذونه، تارة بالسخرية، وأخرى بالتنمر، وثالثة بالضرب، ورابعة بالتحرش، وخامسة بالنبذ، والقائمة تطول ... ويبقى الصراع الأقوى لدى العائلة، هو توفير الظروف الملائمة لنمو هذا الطفل بأقل ما يمكن من المتاعب، وتخفيف حدة الشعور لدى المصاب بالنقص، وذلك بمساعدته على أن يعيش فى عالمهِ الواقعى، وأن يعترف بعاهتهِ ويفكر تدريجيا تفكيرا منتجاً، وأن يفكر فى تحسين حالته بكافة الطرق فيستعين بالأجهزة التعويضية، مثل الأطراف الصناعية، أو السماعات الصوتية، وما الى ذلك مما يعوض ما فقده بسبب الإعاقة .

وبكل الأحوال، ومهما بذل الأهل من جهد لتكيف الطفل المعاق، يبقى  الشخص المعاق هو شخص تكون قدرته على آداء المهام العادية فى الحياة اليومية أقل مما هو متوفر لدى الشخص العادى، ويشار عادة بمصطلح المعوقين إلى من هم يعانون من قصوربدني أو حسي أو عقلي .

ومن أكثر العوامل التي تزيد نسبة الحمل بطفل معاق ذهنيا، هو إصابة الأم بخلل في وظائف الغدة الدرقية، الأمر الذي يتطلب إجراء تحاليل كاملة لوظائف الغدد في المرحلة التي يفكر بها الوالدان  في إنجاب طفل، واستشارة الطبيب في التوقيت المناسب . ومن العوامل التي قد تؤدي إلى التسبب بالإعاقة الجنينية هي التدخين، أو شرب الكحول أو تعاطي بعض أنواع المخدرات خلال الحمل . أو وجود حالات مرضية أُخرى،  كالسكري غير المسيطر عليه قبل الحمل وأثناءه . وكذلك تناول بعض أنواع الأدوية خلال الحمل . ووجود شخص من أفراد العائلة مُصاب بعيب خلقي يزيد من احتمالية إصابة الأجنة القادمة بذلك أيضًا . وكذلك الحمل في عمر متقدم، كما في حال الحمل بعد عمر 34 سنةً يكون الجنين حينها معرض للإصابة بالتشوهات الخلقية . فأسباب الإعاقة عند الطفل نوعين، وراثية، والأُخرى مكتسبة (بيئية) .

الأسبابٌ الوراثية : هي التي تأتي من خلال انتقال الجينات من جيلٍ للذي يليه، بذا يكونون على استعدادٍ للتعرّض للعديد من الأمراض مثل مرض السكري، والضعف العقلي، كما أنّ السبب الذي يزيد من حدوث الضعف العقلي ونقص النموّ هو تناقص الإفرازات التي تخرج من الغدة الدرقية لجسم الأم .

 الأسبابٌ البيئية : وهي أسباب خارجية قد يتعرض لها كلٌ من الأم أو الطفل ما قبل مرحلة الولادة، كإصابة الأم بالحصبة الألمانية التي تؤثّر في الطفل وتؤدي إلى إعاقته، أو إصابة الأم بنوع من أنواع الفايروسات، أثناء الحمل .

والطفل الذى يولد بإعاقة ما، يكون مختلف  في سايكولوجيته عن الطفل الذى اكتسب إعاقة بعد الميلاد بفترة كافية، فالطفل الأخير يكون قد اكتسب كثيرا من المعلومات قبل أن تحدث له الإعاقة .  فالمعوق الذى حلت به الإعاقة بعد الميلاد بفترة كافية، تختلف فى إدراكه لوقائع العالم عن المعوق الذى حلت به الإعاقة قبل الميلاد  . كالمعوق بصريا مثلاً، فالذى فقد بصره فى حادث، غير المعوق الذى ولد فاقداً له .  وما يترتب على ذلك أمر له دلالته، من حيث قدرة كل من الشخصين على التكيف مع واقع الحياة . وهنالك أهمية كبيرة للتمييز بين الإعاقة الميلادية والإعاقة المكتسبة . 

إن أغلب التشوُّهات التي تحصل للجنين تكون خلال الأشهُر الأولى من الحمل . وقد تكون هذه التشوهات عبارة عن تشوُّهٍ في شكل جسم الطفل أو وجود خلل في إحدى وظائفه، وفي بعض الحالات يكون الإثنان معاً . وكان الكشف عن التشوُّهات الخلقية للجنين أمراً بالغ الصعوبة، وذلك نظراً للمعدات والأدوات الطبية التي كانت مستخدمة في تلك الأيام؛ بالإضافة إلى التكلفة الباهظة لمثل هذه الإجراءآت، مع أنها لم تكن دقيقة 100%. أما في وقتنا الحالي ومع التطور الهائل الذي حصل في الطب، ومختلف العلوم المُساعدة والمُساندة له، فقد أصبح الكشف عن حالات تشوُّه الأجنة أكثر سهولة وأقل تكلفة عما كانت عليه في السابق، بل قد وصلت إلى حدِّ إمكانية مُعالجة بعض هذه التشوُّهات للجنين وهو ما يزال في رحم أمه .

لقد أتاح العلم الحديث العديد من الوسائل التي تُمكِّن من معرفة تشوُّهات الجنين في مختلف مراحل الحمل، فيمكن  في الأشهر الثلاثة الأُولى من الحمل  – معرفة بعض تشوُّهات الأجنة عن طريق الموجات الفوق صوتية، ومن هذه التشوهات الطفل المنغولي، أو كما يُسمى علمياً بمتلازمة داون؛ وكذلك التشوهات التي قد تُصيب القلب والدورة الدموية . ومن أنواع الموجات الفوق صوتية الحديثة جداً، هي الفوق صوتية ثلاثية الأبعاد، وهي أكثر دِقة من الصورة العادية وتوضح بشكل كبير التشوهات التي قد تكون موجودة لدى الجنين . ولمعرفة وجود تشوه في العمود الفقري للجنين، يقوم الأطباء بعمل تحليل لبروتين ألفا فيتوبرتين (Alpha Fetoprotein)، فارتفاع نسبته في دم الأم الحامل يدل على وجود تشوُّهٍ لدى الجنين، لأن ذلك يدل على أنه مرتفع عند الجنين نظراً لارتباطه بأمه عن طريق الحبل السري، فهي تنتقل عن طريق الحبل السري إلى المشيمة ثم إلى دم الأم . إنّ أغلب الفحوصات والصور التي يتم عملها للتأكّد من سلامة الجنين وخصوصاً من التشوهات؛ يتم عملها في الأسبوع العشرين من الحمل، ويمكن من خلال معرفة نوع التشوّه ودرجته، أن يحدد الطبيب المعالج إمكانية المعالجة داخل الرحم . او أن يقرر استحالة الشفاء .

اذاً إذا عرفت الأم ان هنالك سبب من الأسباب يدعوها للشك بسلامة جنينها، عليها أن تبادر لعمل الفحوصات اللازمة لتتم معالجته إذا كان هنالك إمكانية للعلاج، أو أن تقرراذا كان بامكانها التخلص من الجنين، إذا علمت أن إعاقته لا يمكن تجاوزها لتجنبه المصير الذي ينتطره في حياته كإنسان، وتبعده عن الألم الذي سيرافقه ويرافق عائلته في مسيرة حياته ...

السؤال المطروح والملح هو إذا عرف الوالدان أن طفلهما سيولد بإعاقة كبيرة لايمكن تجاوزها، هل من الأحسن التخلص منه ؟؟

 

عالية كريم

رئيسة تحرير "معكم"

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved