هنا.. في هذه المدينة..!

2008-10-15

ه//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/1c00b09a-723a-42ca-b650-879c6b73734a.jpeg نا..

في هذه المدينة..

(حيث ثمَّة عامل نظافةٍ وحيد!):

سماءٌ بألوانٍ متعددة

تزدحم بالأكياس الفارغة


سماءٌ غادرتها الطيور منذ زمن

بحثاً عن فضاءٍ بمقاسٍ أوسع

عن غصنٍ تلتقط منه... أنفاسها

وبحثاً عن الزمن..

الزمن الذي اختفى في ظروف غامضة

وهو يسأل كل من يصادفه:

كم الساعة الآن؟


طائرُ الموت

كان.. آخر المغادرين

بعدما أقتنع آسفاً

أنْ ليس ثمَّةَ عمل..

يمكنه إنجازه

هنا..

في هذه المدبنة

.

.

.


في هذه المدينة..

الفئران هم العرقيَّة السائدة

وهذا ما يُفسِّر امتلاء شوارعها بالمصائد!!!!


..

..

..

وفي أزِقَّتها المرصوفةِ بِرجال الأمن

بِوسعك التسكُّع

معصوب العينيْن

دون خوفِ التعثُّر..

بِكلْبٍ مُتشرِّدٍ واحد

مَذ أصبحَتْ جميعها كلاباً بوليسيِّة

تعتلي مناصب رفيعة في شرطة المدينة


.

.

.

.


في هذه المدينة

ثمة شمسٌ لاتغيب

إضطَّر الأعيان لتثبيتها بمسامير(يقينٍ) فولاذية

بعدما لفَتَ انتباههم

عشراتُ الشموس التي كانت تغرب إلى غيرِ رجعة!


وفي ظهيرتها الدائمة

ينبغي أن تختار طريقك باحتراسٍ شديد

فالسماء الملبَّدة بالأكياس الفارغة

والأرواح الصاعدة..

ورصاص إنتصارات لن تنتهي..

وكل ما يتسنَّى للريح حمله

كل هذا

لا يمنع الشمس الحانقة من تحويل أسفلتها العتيق

إلى ممرَّاتٍ لا تنتهي من الوحل الفائض على الأرصفة

حيث يختلط بالمجاري الطافحة..

من مؤخرات المارة وأنوفهم!


و هنا..

أيضاً

ستكون مضطراً لتربية شارِب الفحولة

ولحية الفضيلة

وأظافر الرغبة

إذْ يؤمن الجميع هنا بضرورة التخفِّي وراءها..


ولأنك على أيَّةِ حال

لن تجد وسيلةً للتخلُّص منها

(إذْ ليس ثمة صوالين )

.

.

.

.

.


في هذه المدينة

يختفي الكثيرون في ظروف غامضة (إلى حدٍ ما)

.....

وربما اختفيت أنت أيضاً:

مُعتقَلاً وراء أدغالٍ من شعرِ جسدكَ المضفورِ على قضبانِ أظافرك....

ولكن إن كنت محظوظاً

ربما قادك هلَع الغرقى

لصالون المدينة الوحيد

...

صالون المدينة العتيق المتخفِّي بمهارةٍ واحترافيَّة

في أعماق العيون التي تصادفها يومياً على الطريق


وحينها

لن يطول تحديقك الأبله

(كما كنت تفعل)

لترد التحيَّة

لِـ خِيامٍ براياتٍ حُمْر

تُلَوِّح عميقاً في عيونٍ تكتحل بالسواد

ومن حوافها المرسومة بعناية

يسيل لعابها الدبِق

على نقابها الأسوَدِ الفضفاض

 


( و للمرَّة الأولى.. في هذه المدينة)

ستدحرجك نوبة ضحكٍ هستيرية

من قمم سذاجاتك!

...

وحين تنهض

نافضاً عنك غبار الإرتباك:

ستجمع قصاصات شعرك القذر

وقلامات أظافرك الأفعوانية

...

ستراكمها على راحتك المبسووووطة

لتحملها الريح إلى مزبلةٍ المدينةِ الوحيدة.

..

مزبلةٍ خرافية

في جوفها المنتن..

تستلقي المدينة..


منذ أنْ حمَلَتْها إلى هناك:-

مكنسةُ الريح..

....

....

الريح

عامل النظافة الوحيد..

..

هنا..

في هذه المدينة..!


زكي شمسان

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved