الاكتئاب هو أكثر الأمراض النفسية انتشاراً، والمصاب به يفقد الرغبة في الاستمرار بمهامه اليومية، ويفقد متعة الحياة، ويشعر بالحزن الدائم وقد يقبل على الإنتحار، للتعرف على هذا المرض عن كثب كان هذا الحوار مع الدكتور وليد سرحان استشاري الطب النفسي في الأردن .
1 - تعريف الاكتئاب
الاكتئاب هو اضطراب نفسي يعرف بهبوط المزاج بدرجة كافية لتؤثر على حياة الإنسان .
2 - ماهي أعراضه
أعراض الإكتئاب تتراوح في الشدة والمدة، ولكنها تشمل الحزن، اليأس، الملل، فقدان الأمل، الدافعية، عدم الإستمتاع بما كان يستمتع به أصلاً، مصحوب بالالام الجسدية، قلة في الشهية وضعف في النوم خصوصاً في الصحو المبكر . يشعر المريض بعبثية الحياة ومعاناتها ويتمنى الموت ويفكر بالخلاص من الحياة بكل الطرق، وقد يخطط للإنتحارويحاول وقد ينجح في محاولته مع الأسف . تتراوح شدة الأعراض من بسيط ، متوسط إلى شديد . أحياناً تكون الأعراض لا نمطية في الإكتئاب الشتوي فيكون هناك زيادة في شهية الطعام والنوم، وقد يكون الإكتئاب ذهاني عندما يترافق مع هلاوس وتوهمات، كأن يسمع المريض أصوات تقول له أنه مذنب ويجب أن تموت وقد يرى جنازته أمامه .
3 - ماهي أسباب الإكتئاب وهل يمكن الوقاية منه ؟
اضطراب الإكتئاب له أسباب متعددة، منها وراثية وحياتية، في نمط الحياة وضغوطها المختلفة والتجارب الشخصية مع هذه الضغوط، والذي تعمل معاً لإحداث الإكتئاب، وقد يساهم تعاطي المخدرات والكحول في حدوث الإكتئاب . وتظهر أعراض الإكتئاب عندما تؤدي هذه العوامل إلى خلل في الناقلات العصبيه الكيماويه في مراكز الدماغ المسؤوله عن تنظيم المزاج .
والوقاية من الإكتئاب تكون أساسًا بالتوازن في الحياة، والإلتزام بالوسطية وعدم التطرف في الأمور، ممارسة الرياضة والنوم المنتظم والطعام المنتظم، كما أن بعض الشخصيات خصوصاً الوسواسية بحاجة للانتباه بأنّ شخصياتهم قد تجرهم للإكتئاب بسبب أسلوبهم في التعامل مع الأمور وتضخيمها، ورغبتهم في الكمال الذي يصعب تحقيقة .
4 - هل يمكن علاج الاكتئاب دون اللجوء للطبيب ؟
الإكتئاب البسيط أحيانًا يكون عابراً وينتهي لوحده، لكن اللجوء إلى الطبيب يفضل حتى في الإكتئاب البسيط فقد يتطور إلى متوسط وشديد، مع الأسف كثيرًا ما يصل الناس متأخرين للعلاج، وذلك أن من لديه مشاكل في حياته يعتبر أن اكتئابه هو أمر طببعي ضمن هذه المشاكل وبالتالي فهو ليس بحاجة لعلاج بل بحاجة لحل المشاكل وهذا خطأ، والذي ليس لديه مشاكل يستنكر أن لديه اكتئاب كون ليس لديه مشاكل وأيضًا يقرر عدم الذهاب إلى الطبيب .!!
5 – متى يلجأ مريض الإكتئاب إلى الطبيب ؟
مريض الإكتئاب مثل غيره من الإضطرابات النفسية، ليس بالضرورة أن يعرف المريض أنه يعاني من اكتئاب ويشخص نفسه، بل إن وجود أعراض نفسية وسلوكية تؤثر على حياتة اليومية وأدائه وإنتاجه والتزامة بالعمل أو الدراسة والعلاقات الإجتماعية هي كافية للإنسان أن يطلب مساعدة طبيب يقوم بدوره بتشخيص المرض وتحديد خطة العلاج .
6 – هل هناك علاج للإكتئاب وما نوعه ؟
هناك علاج ناجع وفعال، والإكتئاب برغم قسوته إلا أنه مرض قابل للشفاء، ويعالج بالعلاج النفسي وتحديداً العلاج المعرفي السلوكي وبالعلاج الدوائي، وفي أحيان قد يتطلب الأمر العلاج بالحث بالرنين المغناطيسي أو بالعلاج الكهربائي .
7 – هل يمكن العلاج التام من الاكتئاب ؟
نعم يمكن العلاج التام من الإكتئاب والشفاء في معظم الحالات، ويبقى هناك فئة بسيطة قد يكون لديهم اكتئاب معند لا يتجاوب مع العلاج، وله تدبير مختلف من قبل الأطباء الخبراء يمكن أن ينهيه، ومن الشائع أن يكون الإكئتاب متكرر، معنى ذلك أن الإكتئاب يعود بعد سنة أو سنتين من انتهاء النوبة، واحتمال التكرار في حياة المريض بعد النوبة الأولى للاكتئاب هي 50% ، وبعد النوبة الثانية هي 75% ،وبعد النوبة الثالثة قد تصل الى 95% .لذلك إن من تكرر لدية الإكتئاب 3 مرات أو أكثر يكون بحاجة للعلاج الدائم لمنع التكرار .
8 – هل من الممكن الإدمان على الأدوية المستخدمة لعلاج الإكتئاب ؟
لا هذا غير ممكن لأن مضادات الإكتئاب هي أدوية نوعية لاتعطي الإنسان مشاعر تجعل الإنسان يسيء استعمالها، فهي ممكن تشبيهها بالمضاد الحيوي الذي يقوم بفعله ومهما طالت المدة، يمكن أن يكون الإستخدام طويل ولكن هذا لا يعني أي درجة من الإدمان .
9 – ما هي مضاعافات الإكتئاب ؟
مضاعافات الإكتئاب عديدة منها على المستوى الشخصي أن الإنسان يفقد عمله أو يتعثر في دراسته أو تجارته وهذا يؤثر عليه مادياً ومعنوياً ويؤثر على مكانته في المجتمع، ويمكن أن يؤدي الإكتئاب على سبيل المثال عند المرأة لاتهامها أنها كسولة ولا تقوم بواجباتها، وقد يحدث الطلاق بناءاً على ذلك . أما المضاعفات غير الواضحة للناس أن الاكتئاب غير المعالج يزيد من احتمال الجلطات القلبية ويؤدي لعدم انضباط الأمراض المزمنة كالضغط والسكري . ومن أسوأ المضاعفات هو محاولات الإنتحار، والإنتحار الذي يشكل فيه الإكتئاب سبب لثلاثة أرباع المنتحرين .
10 – هل تلعب الوراثة دورها في هذا المرض ؟
بالتأكيد للوراثة دور مهم في اضطراب الإكتئاب، وهذا الدور يمكن ملاحظته في تكرار الحالة الواحد في أكثر من فرد، كما أثبتت الدراسات على التوائم المتشابهة وغير المتشابهة وفي دراسات التبني التي تؤكد وجود دور مهم للعامل الوراثي، وقد تتلاقى وراثة الإكتئاب مع غيرها من الإضطرابات النفسية مثل إدمان الكحول أو اضطراب ثنائي القطب .
11 – ماهي الفئة الأكثر تعرضاً للاكتئاب ؟
الاكتئاب يصيب كل الأعمار من الطفولة للمراهقة إلى الشباب والشيوخ وله ذروات لحدوثه، في العشرينات ثم الخمسينات والستينات، ويصيب الإناث أكثر من الذكور، وهناك بعض أنواع الإكتئاب المختصة بالإناث مثل اكتئاب النفاس وتكدر مزاج ما قبل الدورة الشهرية .
أودّ التنبيه بأن الاكتئاب واسع الإنتشار ويؤثر على ما يصل الى 7% من البشر، وترتفع معدلات الإصابة بين من يعانون من أمراض عضوية أخرى أو من تعاطوا المؤثرات العقلية والكحول والمخدرات المختلفة، وقد يصل في بعض الحالات إلى 30% مثل المصابين بالسرطان أو مرض باركنسون ويتضاعف حدوثه في مرضى السكري ومرضى السكتات الدماغية والجلطات القلبية .
الدكتور وليد سرحان
مستشار الطب النفسي