هو الشاعر وغيره الصدى

2009-05-09
يحمل هذا اللقب سطوة هائلة في المجتمع العربي خاصة عندما يبدأ في التقهقر، فالقائل الشعبي المهزوز فكرا وقولا والموصوف جرما بالشاعر، ومعه كتاب الخواطر الموصوفة ظلما للشعر بوصفه، والمراهقون الذين لم يوهبوا تجربة ناضجة من الحياة ولم يبلوروا حتى تجارب الآخرين من حولهم.

كل هؤلاء يصبحون الأكثر شهرة وقراءة واهتماما إذا نشر أحدهم ما يسميه ديوانا، أو حتى نصا روائيا يغلب عليه القول الشعري على حساب القيمة الحكائية أو الثقافية.

لماذا؟!

نشر أحد الشباب نصا شعريا على شكل رواية وأصبح الأكثر قراءة، رغم سقم الفكرة الروائية في أكثر من أربعمائة صفحة ليثبت فقط أن الفتى يحب الفتاة.

مسابقات الشعر التلفزيونية تحولت إلى مظاهرات يتدخل فيها أمراء يغدقون عليها من جيوب الفقراء بالملايين، بينما مراكز البحث العلمي ومراكز الترفيه بالتعليم مهملة لا يتسابق عليها أحد!

ديوان شعر لسيدة فاضلة، تهورتُ ذات يوم بشرائه لأنني لا أصدق أن هذه الطباعة الفاخرة وهذه النسخ المعروضة في المكتبة الكبرى من الغلاف إلى الغلاف، يمكن أن تكون مجرد هباء.

بعد قراءة الديوان تبين لي أنه هباء منظوم.

قد تعتصر روحك بعقلك، حتى تصنع تصورك الكلي للوجود، وربما لن يفيك حينئذ الآخرون بالشهرة ما تستحق، كما حدث لفيلسوف العصر مالك بن نبي - رحمه الله- ومن قرأ فكره غير المثقفين وليسوا كلهم بمثقفين؟!

ولكن أن تكون شاعرا تافها تقول الكلام المنظوم ولكنك لا تقول بأي فكرة، فذلك يكفي أن تصبح به علما قد يرفرف يوما في قصور الملوك العرب.

في اللحظة التي بدأ المجتمع الفرنسي بإرادة النهضة والتحرر من عبودية الكنيسة والملك، كان العامة يمشون بشعارات الفيلسوف الأديب فولتير رغم الفقر والجهل، بينما لا زال من العرب من ينادي بقول شاعر مداح أتمنى له يوما أن يموت ليرتاح المسلمون من شره. هو نفسه الشاعر الذي اتجه للحزن والبكاء والصراخ في الهزيمة العربية اللا إسلامية أمام العدو الصهيوني الغربي. ولتنظر إلى تراث معظم الشعراء العرب المعاصرين، كلهم كانوا رموز الثقافة العربية، لم يذهب أحدهم للحديث المتزن وإعادة قراءة الواقع ودراسة الأخطاء السياسة والاجتماعية، ذهبوا كلهم للصراخ فظلوا الصوت والآخرون الصدى.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved