أفتحُ الحاسوب لأرى بريدي على الأيمل، تهبط ُعلى الجهة اليمنى من الحاسوب إعلاناتٌ ملوّنة ٌ، أحذفها تهبط غيرها...وأحذف وتهبط غيرها
أدخلُ المواقع التي أنشر كتاباتي . تظهر الإعلانات عليّ أن أحذفها، لأرى كتاباتي.. تستمر هذه الحالة كلما فتحتُ حاسوبي في اليوم نفسه . أحيانا لأسباب خاصة حين أكون في شغل ٍ إبداعي ولا أفتح النت يومٌ أويومين سأكون أمام جهد مقزز لكناسة ما تراكم من إعلانات . حين أريد تحويل مقالتي أو قصيدتي على الموبايل : تظهر الإعلانات أحذفها، تظهر غيرها . حين أنتهي .
عند الفجر أفتح الحاسوب لأنصت لسورةٍ من الذكر الحكيم أستقبل يومي فيها . يواصل القارىء تعطير يومي وغرفة المكتبة بصوته الجميل . فجأة يتوقف القارىء يظهر إعلان صورة وصوت .. ينتهي الإعلان يظهر القارىء ليكمل السورة الكريمة . !!
(*)
لنتخيل معاً أنت وأنا نتحاور في مسألة ٍ معينة، و ينحشر بيننا بائع جوال يريدُ قوتَ يومٍ لأسرته، عارضاً علينا بضاعته ويواصل العرض . أثناءها ينداس تحاورنا، تدوسه أصوات المارة وأحذيتهم. ما هو موقفنا من هذا البائع ؟
لنتخيل مشهداً آخر: نحن في ندوة ثقافية، فجأة تصعد أحداهن وتتراقص ويظهر شخص ويخبرنا أن مرونة هذه الراقصة بسبب تعاطيها ذلك الشراب الصحي المرّخص من وزارة الصحة ؟
(*)
التقنية : ماكرة في البداية مارست غوايتها فنجذبنا لها طوعا وطمعا، ثم تكشفَ المكر عن غياب الحياء بشكل مطلق.. قبل يومين رأيتُ إعلاناً عن رجل يحمل كرسيا صحيا جديداً بين يديه في الاسواق ويهرول به . ثم تظهر امرأة وتحمل كرسيا صحيا آخر وتهرول !!
(*)
الإعلان التجاري في منتهى الذكاء فهو ينفّذ أوامره فينا .
(*)
تشهد وتسمع نشرة الأخبار : شريطان في أسفل الشاشة أحدهما : تجاري والآخر أخباري..
(*)
إذا أردت مشاهدة فيلما : لك ما يقارب ربع الساعة وللفاصل الإعلاني سبع دقائق !!
(*)
ماذا تبقى لنا من جراء هذه الإكتساح اللامهذب للتقنية ؟
بقيّ لنا ما تبقى من حيزٍ مهدد بالأنقراض .