"جبران" الوطن

2014-12-05
 
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/7a35f9cd-2504-43a2-9e0e-b698c55472f0.jpeg
في الذّكرى الثّالثة والثّمانين لرحيل "جبران خليل جبران"
 
"الوطنيّون ينتسبون إلى الوطن، وأمّا العباقرة والمبدعون فالوطن ينتسب إليهم". ( الشّاعر هنري زغيب).
 
الاحتفال بذكرى العظيم "جبران خليل جبران" هو الاحتفال بحضور الوطن وقوّة روحه. ولا نريد بالذّكرى التّذكّر، والوقوف للحظات أمام أعمال أدبيّة وفنّيّة لجبران وحسب، وإنّما نريد بها صوتاً حاضراً في عمق وجداننا وضمائرنا، يحدّثنا بعظمة الكاتب وجلال رسالته وقدرة فكره على تبديل معالم الكون. كما نريدها وحدة روحيّة تحثّنا على الحفاظ على "جبران" الوطن. إنّه الوطن الّذي ننتمي إليه والّذي يعرّف عنّا وعن كنز معرفتنا، وحضورنا الأدبيّ واللّغويّ في العالم. 
الوطن غير البلد، فالبلد هو مكان نقطن فيه يؤمّن لنا مساحة معيّنة نحيا فيها، وقد تعجبنا أو لا، وقد نرتاح فيها أو لا. قد يُسلب منّا ونناضل سنين طويلة في سبيل استعادته، وقد نبدّلها ببلد آخر ونرتبط باسمه.  وأمّا الوطن فهو الكرامة والمجد الّذي نتكلّل به، هو الأنفاس الّتي تنيلنا عذوبة الحياة، وتنمّي فينا أرواحاً سابحة أبداً في سماء الحرّيّة. البلد تتبدّل جغرافيّته عبر العصور، وما لنا لا يعود لنا، وأمّا الوطن فهو الكيان اللّامحدود، السّاكن فينا أبداً مهما تبدّلت الجغرافيا ومهما تحوّل التّاريخ.
إنّ "جبران خليل جبران" هو وطن، كيان لا محدود يمتدّ في داخلنا. تاريخه تحايا نيسان الجميل بتفتّح براعمه، وجغرافيّته شمس منبسطة في أقطار الأرض الأربعة. مساحته لغة وسع الكون، تغرّد أدبها بلغات متعدّدة وترنّم نورها في سراج وُضع على منارة العالم ليضيء لكلّ من في الأرض.  ورحيل "جبران" عن عالمنا حوّله إلى لغة، إلى فكر قائم بحدّ ذاته، فما عاد الرّحيل غياباً وإنّما ازدياد الحضور، وتجذّر معنى الكلمة وسرّها في كياننا وأرضنا. فالكاتب ما لم يتحوّل إلى لغة بقي عند حافة الحروف ورحل قبل أن يرحل. و"جبران"، من أسّس إلى نهضة فكريّة وأدبيّة، ولد طائراً حرّاً، لاج أعماق الإنسان ولامس صفحة السّماء.   
"جبران" الوطن، نيسان السّعيد البهيّ، والمتجدّد أبداً بربيعه الزّاهيّ. " جبران"،  لبنان الغادي إلى الحقول يضمّ السّنابل أغماراً، والمتعالي إلى السّماء يلثم يد الرّبّ المتسامي.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved