في (16 شتنبر 2017 – 16 شتنبر 2021) نظّمت دار الشعر بمراكش لقاءاً خاصاً، احتفاءاً بالذكرى الخامسة لتأسيسها، يوم السبت 25 شتنبر 2021 على الساعة العاشرة والنصف صباحا بقاعة "تيشكا" – فندق أدم بارك (قرب مزار مراكش) . وشارك في هذا اللقاء، ثلة من الشعراء والنقاد والإعلاميين المغاربة في سعي لاستقصاء تجربة دار الشعر والشعراء، وتمثل استراتيجيتها وعرض لإحصائيات ومعطيات تخص برمجتها الشعرية والثقافية خلال الخمس سنوات الماضية، وتقديم رؤى وتصورات تستشرف المستقبل .
وشهد هذا اللقاء الاحتفائي، تقديم الناقدة الدكتورة حورية الخمليشي للدرس الافتتاحي، الخاص بالموسم الحالي الجديد، حول موضوع "الشعر وحوارية الفنون: من خلال تجربة دار الشعر بمراكش"، يليها عرض "معطيات وإحصائيات".. حول تجربة دار الشعر بمراكش (2017-2021)" قدمه الشاعر عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، تلته شهادات ومداخلات لنخبة من النقاد والشعراء والاعلاميين: الناقد الدكتور اسلمية أمرز، الشاعر اسماعيل زويريق، الإعلامية والشاعرة فتيحة النوحو . واختتم هذا اللقاء الاحتفائي، بتقديم فيديو يضم شهادات لمجموعة من الشعراء والنقاد والفنانين والاعلاميين والمثقفين من مختلف أنحاء المغرب والعالم العربي .
ويمثل هذا اللقاء، الانطلاقة الفعلية للبرنامج الشعري الخامس لدار الشعر بمراكش، بعدما أعلنت عن "دخولها الثقافي المبكر" من خلال فقرة "الأبواب المفتوحة" (بين 6 و16 شتنبر) . لقد اختارت الدار، منذ تأسيسها بتاريخ 16 شتنبر 2017 بأيقونة المدن الكونية مراكش، أن ترسخ استراتيجيتها الخاصة من خلال التركيز على خطين أساسيين: وظيفة الشاعر ودوره في النسق الثقافي العام، وحضور الشعر ضمن المنظومة الإجتماعية والثقافية . خطان موازيان يرسمان، ومن خلال البرمجة الشعرية الغنية، جزء من هذا الزخم الإبداعي والنقدي، في مغرب ثقافي مليء بالتحولات . كما يمثلان رافداً أساسياً للاقتراب من غنى التجربة الشعرية المغربية، بزخم متعدد (فصيحاً، زجلاً، أمازيغية، وحسانية)، وأيضاً بما تطرحه من أسئلة وقضايا تهم الخطاب الشعري .
الإقامة في شجرة الشعر المغربي وخروج الشعر الى الفضاءات العمومية
أسئلة وقضايا القصيدة المغربية وورشات الكتابة ومسابقتي "أحسن قصيدة والنقد الشعري" تفتح كوة على المستقبل .
غنى البرمجة الشعرية لدار الشعر بمراكش، ومن خلال ما اقترحته منذ تأسيسها، سواء على مستوى القراءآت واللقاءآت الشعرية ممثلة لمختلف التجارب والحساسيات، والندوات المحورية التي تساءل الخطاب الشعري ووظيفة الشاعر والمنجز الشعري على اختلاف بنياته وأنساقه، والجوانب التأطيرية من خلال ورشتي الكتابة الشعرية الموجهة للأطفال واليافعين وأخرى للشباب والطلبة والمهتمين، انتهاء بمسابقتي "أحسن قصيدة والنقد الشعري" والموجهتين للشعراء والنقاد والباحثين الشباب .
"نوافذ شعرية، أصوات معاصرة، مقيمون في الدار، الإقامة في القصيدة، الشاعر ومترجمه، شعراء تشيكليون، شعراء مسرحيون، شعراء حكواتيون، تجارب شعرية، أنظام، سحر القوافي، لكلام المرصع، أصوات نسائية، سحر "لغن"، الشاعر، ضفاف شعرية، حدائق الشعر، "نزاهة شعرية" في المآثر التاريخية، شعراء بيننا، نقاد بيننا، ندوات، مقيمون في الذاكرة، تقاطعات، توقيعات، ملتقيات الشعر الجهوية (ست جهات.. ستة ملتقيات شعرية)، الشعر في الشواطئ والمخيمات، الملتقى القرائي للطفل، ملتقى حروف،(...)، مهرجان الشعر المغربي" .
منذ تأسيسها، اختارت دار الشعر بمراكش أن تخرج بالشعر الى الفضاءآت العمومية، من حدائق الشعر بعين اسردون إلى حديقة التواغيل بكلميم (باب الصحراء) إلى خيمة الشعر الحساني بساحة الحسن الثاني (الداخلة) إلى فضاءآت المآثر التاريخية بقلعة مكونة ومراكش وتارودانت.. ويمثل مهرجان الشعر المغربي، ومنذ دورته الأولى، نموذجاً حيا لهذا الاختيار، جل الفقرات تنظم في فضاءآت "سحرية ومفعمة بالشعر" وبعبق التاريخ، حديقة مولاي عبدالسلام وقصر الباهية .
أسئلة وقضايا الشعر المغربي وتجسيد التنوع الثقافي المغربي
حرصت دار الشعر بمراكش على إيلاء الخطاب الشعري في المغرب مكانته الأساسية، ضمن برمجة الدار الثقافية، في محاولة لاستقصاء الخطاب الشعري استكمالاً لسلسلة الندوات التي برمجتها الدار، خلال مواسمها السابقة : "الشعر والترجمة"، "الشعر وأسئلة الهوية"، "مسرحة القصيدة"، الدرس الافتتاحي "الشعر والمشترك الإنساني"، "الشعر وأسئلة التلقي"، "الشعر وأسئلة التحولات"، "الشعر وأسئلة التوثيق والرقمنة"، "النقد الشعري في المغرب"، "وظيفة الشاعر اليوم"، "الشعر والفلسفة : حوارية التجاور"، الشعر والصوفية، شعر الأطفال في المغرب، الشعر وحوارية الفنون.."
وانضافت فقرة "مقيمون في الذاكرة"، والتي تنظمها الدار بتنسيق مع كلية اللغة العربية بمراكش وبيت الشعر في المغرب، الى سلسلة الفقرات المحورية التي تستقصي قضايا وأسئلة الشعر المغربي، وكانت الندوة العلمية الكبرى حول "أحمد المجاطي شاعراً وناقداً : حفريات في قضايا وأسئلة الشعر المغربي" (27 يناير 2021 بمدرج الشرقاوي إقبال برحاب كلية اللغة بمراكش) حلقتها الثانية. في حين، اختارت فقرة ذاكرة العام الماضي2020، الحفر في تجربة المعتمد بن عباد شاعراً . كما خصصت دار الشعر بمراكش فقرة "تجارب شعرية"، للاحتفاء برواد القصيدة المغربية الحديثة، من خلال الإنصات والتوقف عند تجاربهم الشعرية والإبداعية والنقدية، عبر استبصار لما رسخوه من منجز . وهكذا شكلت تجارب أحمد بلحاج آيت وارهام ومحمد بنطلحة ومليكة العاصمي والشاعر والباحث الأمازيغي محمد مستاوي، مشتلاً مصغراً لسلسلة من التجارب ستواصل الدار تقصي أسئلتها المرتبطة بالشعر والحياة . الفقرة التي أبدعت حواراً شعرياً ونقديا وتشكيليا، في حوارية إبداعية وفنية، إذ تشهد الى جانب تقديم شهادات ومقاربات وقراءآت شعرية توقيع لوحة فنية حية، يسهر الفنان والخطاط لحسن لفرسيوي على توقيعها . وتنضاف فقرات "الإقامة في القصيدة"، والتي تستضيف مبدعين يزاوجون في تجربتهم بين الكتابة الشعرية والنقدية (رشيد الخديري والعزة بيروك..)، و"مقيم في الدار".. الى هذا التفكير العميق في محاولة تأمل مسارات وجغرافية الشعر المغربي، في ارتباط بالشعريات العربية والكونية .
حوارية الشعر والفنون واحتفاء بالتجارب والحساسيات وانفتاح على أصوات المستقبل
"شعراء تشكيليون"، "شعراء مسرحيون"، "شعراء حكواتيون".. لحظة شعرية وفنية استثنائية، اقترحتها دار الشعر بمراكش، حيث تلتقي خلالها الفنون بالشعر، وتلتئم أنماط القول الشعري والفني ضمن قوالب أدائية فنية، حيث يصبح فضاء الدار ركحاً مفتوحا ومسرحاً صغيراً، ينسج جماليات الشعر ويغذي الحاجة لحواريته . هي فقرة ضمن برمجة الدار، والتي رسخت من خلال العديد من فقراتها، أسلوباً حوارياً للشعر مع أنماط القول الفني وأنماط الفنون الأدائية . في اختيارٍ واعي، يجعل من الشعر بعداً مركزياً قادراً على نسج حواريته المفتوحة مع الفنون، وفي حفاظ على هويته الخاصة . لذلك حرصت الدار، من خلال فقرات أطلقتها خلال مواسمها السابقة، أن ترسخ هذا الأفق عبر استضافة أصوات شعرية استطاعت أن تنسج، عبر انشغالاتها الإبداعية، هذا البعد في المزاوجة بين الشعري والأدائي/الفني .
كما اختارت دار الشعر بمراكش منذ تأسيسها، أن تطلق ورشات الكتابة الشعرية بصيغتين، الأولى موجهة للأطفال واليافعين والثانية للشباب والمهتمين، قام بتأطيرها نخبة من الأساتذة الذين راكموا خبرة في هذا المجال : (محمد مراح، بشرى تاكرافست، عبدالعزيز ساهر، محمد الطحناوي، عبداللطيف السخيري) . ورشة الأطفال، والتي يشرف على تأطيرها الشاعر رشيد منسوم، كانت إرادة واعية من الدار في اختيار المستقبل، أن يكون فضاء الدار مفتوحا لجميع التجارب والأجيال الشعرية وأيضاً لتوسيع قاعدة تداول الشعر بين جمهوره، ومن مختلف الفئات العمرية . ف فقرة "أصوات معاصرة"، هي لحظة إبداعية وشعرية للاقتراب من تجارب شعرية، تنتمي للراهن الإبداعي المغربي . وهي محطة تفتح، من خلالها دار الشعر بمراكش، نوافذ مشرعة على التجارب الشعرية الجديدة في المغرب، من خلال حضور ومشاركة أصوات شعرية تنتمي لراهن القصيدة المغربية الحديثة .
وإذا كانت مسابقتي "أحسن قصيدة" و"النقد الشعري" (الدورة الثالثة 2021)، والموجهتين للشعراء والنقاد الشباب، قد قدمت أصواتا شعرية ونقدية جديدة، وفي مختلف أنماط الكتابة الشعرية (الفصيح، الزجل والأمازيغية والحسانية)، فقد رفدت المشهد الشعري في المغرب بأصوات شبابية جديدة بدت تفتح الشعر المغربي على المستقبل . ولنا في فقرات الدار، ومن خلال استضافتها للعديد من التجارب الشعرية الجديدة، وبعضها كان من مشتل الورشات ومن المتوجين (ات) في المسابقتين، نموذجاً حياً في أن تكون الدار فضاء للجميع .
خطوة خامسة ورهان على موسم ثقافي استثنائي
استطاعت دار الشعر بمراكش أن تنجح في تكييف برمجتها، خلال المرحلة الوبائية التي اجتاحت العالم في حرص على اتخاد كافة التدابير الاحترازية . وقد سبق لها أن رفعت شعاراً دالاً حينها، مباشرة بعد الخروج من مرحلة "الحجر الصحي"، "تجسير التباعد الاجتماعي .. شعريا". من خلال التدرج والانتقال من المرحلة الرقمية، والتي أطلقت خلالها الدار "قناة دار الشعر بمراكش على يوتوب" ووظفت وسائط التواصل الاجتماعي، لتقديم فقراتها الشعرية التي حرصت على استمرارية برامجها، في تأكيد على قدرة الشعر وجدوائيته في مرحلة الأزمات . وواصلت الدار، هذا المنحى، إلى التدرج من اللقاءآت "عن بعد" إلى الحضوري (بما يتوافق مع 50٪ حسب البلاغ الحكومي)، وهو ما جعل لقاءآت دار الشعر بمراكش تتحول إلى عنوان للأمل في المستقبل .
وتراهن الدار، وهي تحتفي في افتتاح سنتها الخامسة، على موسم ثقافي استثنائي . رهان على تنويع البرمجة والانفتاح على الجهات الست، تقديم تجارب وحساسيات شعرية ونقدية وفنية تنتمي لشجرة الشعر المغربي، وانتقال الى انفتاح الدار ومن أيقونة المدن الكونية مراكش على مبادرات كونية جديدة خلاقة . لتنضاف هذه البرمجة إلى ملتقيات وتظاهرات الدار المعتادة (ملتقيات الشعر الجهوية : ست جهات.. ستة ملتقيات شعرية، لقاءآت الشعر القرائية للطفل، ملتقى حروف، الشعر في المدن الشاطئية، ومهرجان الشعر المغربي والندوة الوطنية مقيمون في الذاكرة، وسلسلة من الفقرات واللقاءآت والتظاهرات تحتفي بالتجارب الشعرية وبأسئلة النقد الشعري وحواريته مع الفنون (التشكيل، المسرح والسينما..) .