أثار إعلان وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل حظر حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ونيتها استصدار قرار من البرلمان باعتبار الحركة منظمة إرهابية، عاصفة من ردود الفعل الداخلية والخارجية .
ففي حين رحبت حكومة الاحتلال والعدوان الإسرائيلية بهذا القرار واعتبرته جهدًا مشكورًا من الحكومة البريطانية، أدانت حركة حماس والفصائل الفلسطينية المختلفة ومعها أبناء شعبنا الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، هذه الخطوة، واعتبارها "نصرة المعتدي على المظلوم" .
هذا ولم تفصح الوزيرة البريطانية عن تفاصيل مشروع القانون إلى أنه من المتوقع تقديمه خلال الأسبوع الجاري للتصويت عليه، نظراً لتوفر حزب المحافظين الحاكم على الأغلبية المطلقة في البرلمان .
ويجيء هذا الإعلان بشأن حماس في ظل تزايد الدعم الشعبي والجماهيري البريطاني، فوفق المعلومات والمعطيات وحسب ناشطين فلسطينيين مقيمين في بريطانيا، أنه لم يسبق أن عرفت القضية الفلسطينية دعمًا من الشعب البريطاني كما هو الحال الآن، وقد تجلى ذلك في المظاهرات التي خرجت مؤيدة وداعمة للشعب الفلسطيني ولقطاع غزة خلال معركة سيف القدس في شهر أيار الماضي .
وفي الحقيقة أن القرار البريطاني ليس موجه لحركة حماس فحسب، وإنما ضد الكل الفلسطيني، ويقدم حماية للجرائم الإسرائيلية وإعطاء شرعية للعدوان الاحتلالي المتكرر على قطاع غزة، بل لكل الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان الفلسطيني .
إن المسألة أكبر وأخطر من أي خلاف مع حركة حماس، فتجريم العمل النضالي والكفاحي والفعل المقاوم الفلسطيني، أيا كان شكله والجهة الموجهة، يشكل ضربة لكل أشكال المقاومة، والأهم لحق الشعب الفلسطيني في استخدام الوسائل كافة في كفاحه الوطني التحرري .
لا ننتظر كثيراً من المملكة المتحدة البريطانية التي لم تتحمل مسؤوليتها التاريخية عن تبعات إصدار وعد بلفور، بل وسعت أن يكون مرجعية لقرار الإنتداب البريطاني على فلسطين الذي أصدرته هيئة الأمم، ولا يمكن فصل وعد بلفور وسياسات الانتداب الاستعمارية في قمع ورفض الفلسطينيين ومقاومتهم للمشروع الاستيطاني الصهيوني الزاحف عليهم وعلى أراضيهم، والضرب بالحديد والنار لإطفاء جذوة ثورة العام 1936، من قتل وسجن وتعذيب المناضلين والمقاومين حماية للمشروع الإستيطاني الاحتلالي الاستعماري .
لم نتوقع أن يهتز ضمير المؤسسة الرسمية البريطانية فجأة، خصوصاً في عهد الحكومية اليمينة الحالية التي يقودها حزب المحافظين، ولا نتوقع أن تعتذر عما جاء به جبروت الإمبراطورية لما أقدمت على خطيئة وعد بلفور المشؤوم .
وليس متوقعًا استعداد بريطانيا لتعويض الشعب الفلسطيني عن تشريده وترحيله واغتصاب أرضه ووطنه، والمطالبة باعتذار وتعويض مالي، وهو حق للشعب الفلسطيني يجب عدم التخلي عنه . ولكن ما يجري ويحدث هو إمعان في الجريمة بأشكال أخرى، لحماية إسرائيل من تطرفها وجرائمها ومن الملاحقة القانونية، ولو على المجازر الدموية التي اقترفتها إسرائيل ضد أهل غزة، بتبرير الحرب الوحشية أولاً، ومعاقبة الضحية بدلاً من القاتل ثانياً .
وباختصار يمكن القول، أن إعلان بريطانيا اعتبار حركة حماس إرهابية، هو اعتداء غير مبرر على الشعب الفلسطيني، ورضوخ للضغط الإسرائيلي، ويعكس بوضوح سياسية الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير، ويتناقض مع موقف أغلب دول العالم بما فيها الأوروبية، ويمثل انحيازاً كاملاً للاحتلال .
ويبقى السؤال الأبرز ما هي التبعات والتداعيات لقرار حظر حماس وتصنيفها منظمة إرهابية في بريطانيا نفسها بشكل خاص، وأوروبا عامة . ؟!