
كان الوقت عصرا، وكنت على وشك مغادرة إحدى دروب الحي القديم، إذ بشاب مفتول العضلات يشهر في وجهي سيفا قد تصدأ بفعل الدماء التي تراكمت على حافته، وضعه على عنقي وقبل أن ينفذ حكم الإعدام في حقي قال:
- هات ما بحوزتك، وإلا فصلت رأسك عن جسدك.
بعدما طلبت منه أن يهدئ من روعه، قلت له:
- أغمد سيفك، فإني أقدر قوتك.
قبل أن أنهي كلامي، قاطعني قائلا:
- لم آت للمناقشة.
أجبته وابتسامة الهلع بادية على محياي:
- أقدر حاجتك، لكن جيوبي فارغة، رافقني إلى المقهى كي أعطيك ما كتبه الله لك.
وصلنا المقهى وكان الهاجم بجانبي مطأطأ الرأس؛ يخفي ملامح وجهه بطربوشه. ولما وقفنا وسط شلة من الأصدقائي، أحطت ذراعي حول ذراعيه كي أمنعه من استعمال سيفه، وناديت الأصدقاء للجهاد فيه، بعدما خبرتهم بما كان مني ومنه، فوقفوا جميعا وقفة رجل واحد، وبدأوا يتسابقون للنيل منه، وانهمكوا في لكمه ورفسه حتى انبطح على أم بطنه. انحنيت نحوه، سحبت منه نصله، ووشوشت له في أذنه:
- العقل يغلب النصل.

