فضة ٌ من طلاسم تعم الدخول
والحمائم ُ أسراب ُ نورٍ تلوذ ُ بريحانة ٍ
أترعتها ينابيع مكة َ أعذب ُ ماتستطيع ..
ولست ُ أبالغ ُ إنك َ وحيُ
تأخر بعد الرسول ..
إن ْ ترابك ُ هيهات يعلو عليه
وبعض ُ التراب
سماءٌ تضيء العقول ..
ألست َ الحسين إبن فاطمة وعلي
لماذا الذهول !
من قصيدة مظفر النواب ( في الوقوف بين السموات ورأس الحسين )
(*)
مع انتقال مركز الخلافة من الحجاز الى الكوفة، حدثت الهجرة الثالثة في فجر الاسلام .. الأولى في السنة الخامسة للدعوة .. الى الحبشة ( كانوا أحد عشر رجلا وأربع نسوة )..الثانية هجر الرسول ( ص ) من مكة الى المدينة، الثالثة حين يضطر الإمام علي(ع) الى نقل عاصمة الخلافة الى الكوفة .. فلحية ( أبو سفيان ) ومشتقاتها لن تتوقف عن ضخ العصبيات القبلية وسوق التجار ..لاتتفق مع رجل مثل علي تنام ...أما أنت يا أبا الحسنين فكما قلت في نهجك البليغ ( مرتهن بعملي ) وأنت أنت كالزيتونة على خط الاعتدال ..
(*)
لم تكن الكوفة جنة عدن .. بل فيها انبجس دمك الطهور المطهّر.. بعد سلسلة من معارك مع عدو استقوى بقميص ٍ هو الذي استنفذ صاحب القميص .. ومن الجانب الآخر خذلك أولئك الذين لم ينصروا الباطل لكنهم خذلوا الحق أولئك الذين حين مررت بأحدهم قبيل صلاة الفجر وكان يرتل من الذكر الحكيم قلت فيه مايخصهم كلهم..( نومٌ على يقين خير ٌ من صلاة ٍ على شك )..والتجربة المريرة ستعيد انتاجها في الكوفة أيضاً، بعد مقتلك بنسخة أخرى من خلال الامام الحسن (ع) وبشهادة الحسن نفسه ( يزعمون أنهم لي شيعة، أبتغوا قتلي، واخذوا مالي../ الأحتجاج للطبرسي / 148)..هذه الشهادة نتاج تجربة خذلان عاشها الامام الحسن (ع) وبشهادة المزي في كتابه ( تهذيب الكمال /6/ 254 ) حين أرسل الحسن ( 1200) مقاتل بقيادة ( قيس بن سعد) لمواجهة جيش معاوية الذي كان بأمر (بسر بن أرطأة ) وبعد مدة وقت قصير من الموقعة ،شاع بين المقاتلين ان (قيس بن سعد) أنقتل ، فإذا بالجند يتسارعون الى نهب الامام فنهبوا سرادقه ونازعوه على بساط يجلس عليه ،والمباغتة الحقيرة حين يهجم الجراح بن سنان فتكون الطعنة في فخذ الامام ../مقاتل الطالبيين / للأصفهاني /30)
(*)
. الامويون : ليس الجناح اليميني في الاسلام ،كما صنفهم المرحوم / المثقف المصري أحمد عباس صالح في كتابه(اليمين واليسار في الاسلام) الصادر في سبعينيات القرن العشرين ، الأمويون هم الثورة المضادة المسلّحة بقوة التجارة التي عرفت كيف تزداد قوة من خلال الفتن الداخلية والنأي عن المركز وتأسيس مركز آخر في دمشق ..يؤكد الدكتور حسين قاسم العزيز في كتابه عن البابكية (كان الامويون حريصين على ضريبة الجزية ، لذا كانوايفضلون بقاء اهل المدن على دياناتهم )..استطاعت قوة الثورة المضادة من تفعيل مساوماتها التجارية مع القبائل وكسبها ..بحيث لم ينتصر الى رأس الثورة : الامام الحسين بن علي عليهما السلام إلاّ نخبة النخبة من حملة الحق ..قبل الفاجعة بشهادة (إبن حبان :ركب مسلم بن عقيل في ثلاثة آلاف فارس يريد عبيدالله بن زياد ،فلما قرب من قصر عبيد الله نظر فإذا معه مقدار ثلاثمائة فارس فوقف يلتفت يمنة ويسرة ،فإذا أصحابه يتخلفون عنه حتى بقي معه عشرة أنفس ،فقال ياسبحان الله ! غرنا هؤلاء بكتبهم ثم أسلمونا الى أعدائنا هكذا ! فولى راجعا فلما بلغ طرف الزقاق التفت فلم ير خلفه أحد ../ السيرة النبوية /2/ 556)..وحاول أهل الكوفة استمالت محمد بن الحنفية ،فخاطب اخيه الحسين عنهم (إنهم يريدون أن يأكلوا بنا، ويشيطوا دمائنا / طبقات إبن سعد / 5/ 356)..الناس هم الناس حين يغيب أو يغيّب / يزّيف :الوعي الاجتماعي ..(إنما هم عبيد للدرهم والدينار ..قلوبهم معك وأيديهم عليك / الأغاني للأصفهاني /19/ 66) بعد الفاجعة سيعض سليمان بن صرد على ندمه ويحاول الثأر لدم الحسين (ع) ويستشهد سليمان ومن معه..ولايأخذ الثأر كاملاً إلاّ البطل المغوار المختار الثقفي ومأثرته متوهجة ماتزال ..
(*)
..أي اسلام هذا ..؟
ان يذبح احب الناس الى الرسول (ص) وتسبى حفيدات الرسول .؟
واي اسلام هذا بعد فاجعة كربلاء بفترة ليست بعيدة :منجنيقات الحجاج بن يوسف الثقفي ،تحرق استار الكعبة ؟ وتبول خيول الامويين بين منبر الرسول والضريح والجنود يسخرون من الشيخ الورع سعيد بن المسيب وهو يخاطبهم ان هذه البقعة من رياض الجنة وبعد انتهاء الموقعة ستنتهك الاعراض..ثم سيظهر جيل يقدر تعدادهم ب(1000) طفل من أطفال السفاح ..!! كلهم ذهبوا أو...شحبوا بإستثناء الكوكب الدري الذي اصبح عاصمة الله على الارض ، أعني رأس الثورة الدائمة : الحسين بن علي (عليهما السلام)
-----------------------------------------------------------------------------------------------*هذه الورقة : خلاصة مبحث عن الفاجعة الكبرى