لا إنترنت للمرأة إلاّ مع مَحرَم؟

2012-06-16
اعتدتُ //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/81604518-5fbc-4420-9749-509751069ceb.jpeg وصديقتي الشاعرة هيام قبلان أن نسافرَ معًا ولوحدنا في معظم الأحايين في ميادين اللقاءات الثقافيّة، وقد ساقتنا الندوة الأخيرة في الأسبوع الماضي إلى هضبة الجولان السّوريّة، وضحكاتنا المغامرة تتسارعُ في المنعطفات إلى مسعدة ومجدل شمس، حيث تنتظرنا كروم التفاح وترحاب أصدقاء يُصرّون على قطف التفاح من الكرم معنا كهديّة الضّيافة الأولى، وقد فوجئوا بنا وحدنا..
شاعرتان ومِن غير مَحرَم؟ دعابة تطلق البسمات والقهقهات، وتحرّك ساكن بنات الرجال وأخواتهم، ونضحك وتضحك تربيتنا الشّامية: لا تنسوْا.. أنّ بناتِ الرّجال وأخواتِ الرّجال رجالٌ!
وأعود والمَحرم يلازمني ويجول في خاطري كلّما دارَ كأس الجُملة تلك تداعبُ خيالي..
وتتوافدُ رسائل إلكترونيّة بأسماء نساء عربيّات متميّزات حصدن جوائز عالميّة، شرّفن بلادهنّ وأوطانهنّ بعلمهنّ، وتتوثب الرّوح وتتقفّز وطنيّة واعتزازًا بنساء ساهمنَ في رقيّ وتطوير أوطانهنّ، وقد حظين باهتمام أهاليهنّ من رعاية وتذليل صعوبات لتحقيق إنجازاتهن في ميادين علميّة مختلفة، فتلك الشاعرة السّعوديّة سارة الخثلان تفوز بجائزة مجلة نيوزويك الأمريكيّة كأفضل شخصيّة عربيّة لعام 2005، والدّكتورة السّعوديّة سلوى الهزاع رئيسة أمراض وجراحة العيون بمستشفى الملك فيصل تفوز بجوائز عالميّة لمشاركتها المتواصلة للمؤتمرات الدّوليّة، وعشر نساء أخريات من دول عربيّة يفزن ويحصلن على تكريم يليق بهنّ وبالمرأة المثابرة الخلاّقة، وهذه لحاظ الغزالي عالمة الطبّ والجينات العراقيّة، تحصد جائزة لوريال اليونيسكو المخصّصة لنساء العلم التي فازت بمئة ألف دولار لنجاح فريقها العلميّ في مسح وتشخيص جينات "مورثات" تؤدّي إلى علل وراثيّة، وقد أُطلق لقبها "الغزالي" على اثنين مِن العلل الجينيّة غير المعروفة قبلاً!
وتلك الناشطة الحقوقيّة والقياديّة اليمنيّة في حركة الاحتجاج الشبابيّة توكل كرمان تفوز قبل أيام بجائزة "نوبل" للسّلام، لتكون أوّل امرأة عربيّة تفوز بهذه الجائزة منذ إنشائها في العام 1901، والتي أدخلت اليمن التاريخ بفضلها وبفضل إيمانها ومكافحتها من أجل حرّيّة شعبها..
يغمرني الاعتزاز والتقدير لمن على شاكلة هؤلاء النساء والقائمة تطول بأسمائهنّ، ولكن؛
في هذه الأثناء الممهورة بالاعتزاز بالمرأة وما آلت إليه بعِلمها وبفِكرها وإنجازاتها الرّياديّة المُشرّفة، إذا برسالة من زميلة تصلني تحت عنوان ما رأيك عزيزتي بهذا العنوان "لا إنترنت للمرأة إلاّ مع محرم"؟
توْقي المُستفَزّ يأبى إلاّ أن يحثني على البحث عن هكذا خبر يتأرجحُ بين المنطق واللاّمنطق؟
"أصدر الشيخان السعوديان عثمان الخميس وسعد الغامدي فتوى تحرم الانترنت على المرأة بسبب خبث طويتها. واضافت الفتوى - لا يجوز للمرأة فتح الإنترنت إلاّ بحضور مَحرم مدرك لعهر المرأة ومَكرِها"!؟
هذا ما ورد في صحيفة إيلاف والقبس الكويتيّة ومواقع عديدة أخرى!
لماذا تصدر هذه الفتاوي في هذا الوقت بالذات؟
وهل هذه الفتاوي يتقبلها العقل والمنطق بسهولة ورضوخ دون جدل أو اعتراض؟
كيف يُعقل أن تُعامل المرأة بلغة تحقير ودونيّة وازدراء، تجعل لها أوصياء في كلّ خطوة مهما بلغ بها العمر والإدراك، في حين أنها وصلت العالميّة؟
وهل كلّ وصيّ أو مَحرم هو طاهر الطّويّة ولا خبثَ في النية؟
هل لهذه الفتاوي الوضعيّة معاييرَ في الشّريعة، أم هي نزعة قبليّة ذكوريّة تعاقبُ الإناث جماعيًّا ودون وجه صحّة بالأسباب الدّاعية للتعميم؟
وبصدد نيّة وصحّة هذه الفتاوي، هل تصون المرأة وتحافظ عليها، أم تجحفُ بحقها وبقدْرِها وبقيمتها الحقيقيّة، وتُقلل من شأنها، وتحجُر على فِكرها ووجدانها؟
هل هذه الفتاوي تُجانب الصّواب؟ وما مدى صحّتها؟
ما دوْر التربية والتوعية في تعزيز القيم والأخلاق والنهوض بالإناث والمجتمعات؟
ما الذي يدفع بالشّيوخ إلى إصدار مثل هذه الفتاوي في زمن بات النت لغة أساسيّة في مجالات الحياة العامّة والمؤسّسات، لا يمكن الاستغناء عنه، بدءًا من الطفل حتى الشيخ؟
هل بسبب انتشار المواقع الإباحيّة التي تنشر الدّعارة والفساد والرّذيلة؟
وهل مَن يقوم على تسويقها هنّ الإناث وحدهنّ دونَ الرّجال؟
وهل المشبوهون والمشبوهات يستكفون بمواقع الإنترنت، أم أنهم قادرون على اختراق جزيئيّات الواقع والشّبهات والمُحرّمات بلباقة قد يقع في شِركها أنزه البَشر؟
هل هي فتاوي حقيقيّة صدرت من أولئك الشيوخ فعلاً، وتعكس حكمة وعلاجًا مدروسًا لواقع مريض؟
أم هي فتاوي عشوائيّة وعديمة الصّحة يبثها أولئك مَن يتصيّدون بالمياه العكرة، ويحاولون ان يزجّوا الدّين ورجاله والشّيوخ في متاهات التّعصّب والتّسفيه، لزعزعة الثقة بين عامّة الناس والدّين ورجال الدّين؟
هل هي مجرّد إشاعات تخدم جهات معيّنة ومآرب وخبايا أخرى تلعب بنار الفتنة، أم هي نوع من التّهكّم والتلاعب بمشاعر وعقول البسطاء؟
حين سُؤل سماحة الشيخ عثمان الخميس عن مصداقيّة هذه الفتوى أجاب:
سبحانك هذا بهتان عظيم، هذا كذب لم أقله، ولم أطلع على فتوى الشّيخ سعد الغامدي!
عدت للبحث عن تواريخ هذه الفتاوي، واستغربت أنّ نفس المادّة بدأ نشرها عام 2004، لكنّها من حين لحين تنشر وحتى يومنا هذا ببعض التعديلات وأتساءل:
لماذا تُصرّ الصّحافة الإلكترونيّة على نشر هذه المواضيع رغم أنّها غير طازجة؟
هل تتوخّى الصّحف والمواقع الإعلاميّة المصداقيّة عند نشرها هكذا أخبار؟
وأين نجد الموضوعيّة في عمليّات النشر والافتراء؟
هل يدخل نشر الأخبار التي تتأرجح بين الحقيقة والإشاعة في إطار الرّبح والانتشار السّريع؟
ما معنى أن تنشر مثل هذه الأخبار والتقارير دون أدنى مساءلة أو رقابة قانونيّة؟
هل يمكن اعتبار مثل هذا النشر جزء من التشويه؟


آمال عواد رضوان

كاتبة ، شاعرة وصحفية فلسطينية، محررة الوسط اليوم الثقافي 
 لها : *1- بسمةٌ لوزيّةٌ تتوهّج/ كتاب شعريّ/ آمال عواد رضوان/ عام 2005. *2- سلامي لك مطرًا/ كتاب شعريّ/ آمال عواد رضوان/عام 2007. *3- رحلةٌ إلى عنوانٍ مفقود/ كتاب شعريّ/ آمال عوّاد رضوان/ عام 2010. *4- أُدَمْوِزُكِ وَتَتعَـشْتَرِين/ كتاب شعريّ/ آمال عوّاد رضوان/ عام 2015. *5- كتاب رؤى/ مقالاتٌ اجتماعية ثقافية من مشاهد الحياة/ آمال عوّاد رضوان/ عام 2012. *6- كتاب "حتفي يترامى على حدود نزفي"- قراءات شعرية في شعر آمال عواد رضوان 2013. *7- سنديانة نور أبونا سبيريدون عواد/ إعداد آمال عوّاد رضوان/ عام 2014 *8- أمثال ترويها قصص وحكايا/ إعداد آمال عوّاد رضوان/ عام 2015 وبالمشاركة كانت الكتب التالية: *9- الإشراقةُ المُجنّحةُ/ لحظة البيت الأوّل من القصيدة/ شهادات لـ 131 شاعر من العالم العربيّ/ تقديم د. شاربل داغر/ عام 2007 *10- نوارس مِن البحر البعيد القريب/ المشهد الشّعريّ الجديد في فلسطين المحتلة 1948/ عام 2008 *11- محمود درويش/ صورة الشّاعر بعيون فلسطينية خضراء عام 2008 صدرَ عن شعرها الكتب التالية: *1- من أعماق القول- قراءة نقدية في شعر آمال عوّاد رضوان- الناقد: عبد المجيد عامر اطميزة/ منشورات مواقف- عام 2013. *2- كتاب باللغة الفارسية: بَعِيدًا عَنِ الْقَارِبِ/ به دور از قايق/ آمال عوّاد رضوان/ إعداد وترجمة جَمَال النصاري/ عام 2014 *3- كتاب استنطاق النص الشعري (آمال عوّاد رضوان أنموذجًا)- المؤلف:علوان السلمان المطبعة: الجزيرة- 2015 إضافة إلى تراجم كثيرة لقصائدها باللغة الإنجليزية والطليانية والرومانيّة والفرنسية والفارسية والكرديّة. * 
الجوائز:
*عام 2008 حازت على لقب شاعر العام 2008 في منتديات تجمع شعراء بلا حدود. *عام 2011 حازت على جائزة الإبداع في الشعر، من دار نعمان للثقافة، في قطاف موسمها التاسع. *عام 2011 حازت على درع ديوان العرب، حيث قدمت الكثير من المقالات والنصوص الأدبية الراقية. *وعام 2013 منحت مؤسسة المثقف العربي في سيدني الشاعرة آمال عواد رضوان جائزة المرأة لمناسبة يوم المرأة العالمي 2013 لابداعاتها في الصحافة والحوارات الصحفية عن دولة فلسطين. وبصدد طباعة كتب جاهزة: *كتاب (بسمة لوزيّة تتوهّج) مُترجَم للغة الفرنسيّة/ ترجمة فرح سوامس الجزائر *كتاب خاص بالحوارات/ وستة كتب خاصة بالتقارير الثقافية حول المشهد الثقافي في الداخل *ستة كتب (تقارير ثقافيّة) حول المشهد الثقافي الأخضر 48: من عام 2006 حتى عام 2015

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved