إلى أنّا أخماتوفا

2016-04-21
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/156dd8ff-83ff-4f50-8689-907d839d6a88.jpeg

" نِصفُ عاهرةٍ
نصْفُ راهبةٍ " ...
هكذا قال عنكِ الرفيقُ جدانوف  ؛
لم يكن الزمنُ الـمُرُّ صعباً على الشِّعْرِ
( الشّعرُ أقوى )
ولكنه كان صعبا  عليكِ ،
على الأصدقاءِ الذين يحبّونكِ ...
الموتُ أهْوَنُ
منتظِرٌ عند بابِكِ .
قال الرفيقُ جدانوف :
" نِصفُ عاهرةٍ ، نِصْفُ راهبةٍ "  ...
كان أن ينقضي نصفُ قَرْنٍ ، لِتُرفَعَ عنكِ الرَّقابةُ .
يا خيبةَ الأملِ المستحيل !

لندن 23.09.2015

-----------------------------------------


حكايةُ الخاتمِ الأسوَد
أنّا أخماتوفا
ترجمة : سعدي يوسف

   (1)
جَدّتي التتريّةُ
نادراً ما منحتْني هدايا ؛
بل كانت حانقةً عليَّ  شديداً
لأني عُمِّدْتُ .
لكنّها رقّتْ عليَّ ، قبل موتِها
وأسِفَتْ ، للمرة الأولى
متنهِّدةً :
" يا لَلسنين !
هاهي ذي حفيدتي ، غدت امرأةً ! "
لقد غفرتْ لي حماقاتي
وأهدتْني خاتمَها الأسودَ
مُعلِنةً :
الخاتمُ لها ،
ولسوفَ تُسعَدُ بهِ
خيراً مني .

(2)

قلتُ لأصدقائي :
" ثمّتَ من الحزنِ عميمٌ ، ومن السعادةِ قليلٌ " ،
وغادرتُ ، مُخْفيةً وجهي ؛
لقد أضعتُ الخاتمَ .
وقال أصدقائي :
" بحثْنا عن الخاتمِ في كل مكانٍ ،
في الرملِ على امتدادِ البحرِ ،
وفي المرْجِ بين الصنوبرات " .
*
الأشجعُ بينهم ، لحِقَ بي في الزُّقاقِ
وأرادَ إقناعي بالتلَبُّثِ حتى المساءِ .
دُهِشْتُ لنصيحتِه ،
وغضِبْتُ على صديقي لأن عينَيهِ كانتا رقيقتَينِ .
" لِمَ أحتاجُكمْ ؟
كلُّ ما تفعلونه أنكم تضحكون
وتتنافجونَ حول تقديمِ الزهورِ " .
لقد طردتُهم جميعاً .

(3)

وحين عدتُ إلى غرفتي
انتحبْتُ مثلَ طيرٍ جارحٍ
منطرحةً على الفِراشِ
لأتذكّرَ للمرّةِ المائةِ :
كيف جلستُ إلى المائدةِ البلّوطِ
 أتعشّى ،
كيف نظرتُ إلى عينَيه السوداوينِ
وكيف لم آكُلْ ولم أشربْ ...
كيف تحت مفْرَشِ المائدةِ المُفَوَّفِ
خلعتُ الخاتمَ الأسودَ ،
كيف نظرَ ، هو ، في عينَيّ
ثم نهضَ ، وخرجَ إلى الرُّواقِ .
.........................
هُمْ لن يجدوا كنزاً يأتونَ بهِ إليَّ !
في البعيدِ
فوقَ القاربِ السريعِ
تُمْسي السماءُ قرمِزاً
ويُمسي الشراعُ أبيضَ ...

1917
______________________________________
تمّتْ ترجمة النصّ بلندن في الرابع والعشرين من تمّوز ( يوليو ) 2015

سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved