عجعجة قضاعة، طمطمانية حـمير، لخلخانية الشحر، هذه اللهجات اتذكرها منذ عهدي الثانوي وكان استاذنا في اللغة العربية محمد محمود، طيب الله ثراه وهو من ابناء ابي الخصيب، غابة النخيل في البصرة، كان يرددها على اسماعنا ونحن يافعون. تذكرت ذلك هنا وقد غدوت تورونتويا بعد ان كنت بصريا بغداديا وموصليا من والدتي، فرغم معرفتي باللغة الانكليزية كما اقدرها في لا انحيازية فان درجتي لا هي لا بأس بوها عفوا بها، فانني لا افهم الكندي الحقيقي وهو يرطن ولا افهم نهائيا ما ينطقه الصيني بالانكليزية لان اللسان آلة عجيبة من آلات الخليقة وساشخبط لكم يوما ما تقولة فسلجة اللسان واسراره والعراق ليس وحده صاحب اللهجات المتعددة بل كافة ارجاء العرب والعالم. فلهجات كندا ليست كلهجات البريطانيين او الاستراليين ولكون اللغة الفرنسية هي اللغة الثانية الرسمية هنا في كندا فان المونتريالي الفرنسي اللسان يتحدث وكانه ابن باريس رغم كون الباريسييين يعتبرون اللهجة المونتريالية لهجة قروية. المونتريالي حين يقول بالانكليزية اين انت (WHER ARE YOU) ينطقها (ويغ آغ يو). قلب الراء غاء متواجد بين لهجات المسيحيين واليهود واهل الموصل كنطقهم الطيغ طاغ اي الطير طار. اهل جنوب البصرة يقولون يحش بدلا من جحش وبطني بدلا من بطنج ويابر بدلا من جابر وييي بدلا من يجي ودياية بدلا من دجاجة. يقولون (الدياية دحريت) اي (الدجاجة دحرجت) اي باضت، ويقولون (حيي نايي النيّار ايه) اي (حجي ناجي النجار اجه). واهل الزبير يقولون (اش تبي) اي ماذا تبغي فيلغون الغاء.
اللغة العربية التي تنطق من العراق حتى المغرب في شمال افريقيا والجزيرة العربية، مقولبة بلهجات متعددة. اما الجزيرة العربية فلها لهجات متعددة. من حيث النطق وطريقة الكلام . منها النطق بـ (الإستنطاء) فبدلا من اعطيك يقولون أنطيك وهي ما يقول بها اهل اغلب اهل العراق. و (التضجع) اي التراخي في الكلام أو التباطؤ فيه.( التلتلة) كسر حرف المضارعة مطلقاً نحو إِعلم , نعِلم , وتعِلم. و (الشنشنة) هي إبدال الكاف شيناً لبيك لبيش الشائعة على السنة أهل اليمن وحضرموت والمغرب بقولهم لبيك لبيش. و (العجعجة) بعض اهل جنوب البصرة يقولون خجار بدلا من خيار. و (الغمغمة) كأنك تسمع الصوت دون أن تتبين حروفه, الموجودة بين كافة البشر. و (الفحفحة) إبدال الحاء من كلمة حتى عتى. و (العنعنة) على أختلاف منهم من يقول أنها إبدال الهمزة كقولهم أسلم عسلم. و (العنعنة) بقلب الهمزة صفة معروفة عند قيس وتميم يقولون في أنك عنك وفي أذن عذن، على حين أن بقية العرب ينطقون الهمزة دون تغيير في أوائل الكلمات و (الكشكشة) إبدال كاف المؤنثه في حالة الوقف شيناً أو الحالقها بشين مثل أعطيتش وأعطيتكش في أعطيتك. و (الكشكشة)، وهي في ربيعة ومضر يجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شينا، فيقولون رأيتكش وبكش وعليكش فمنهم من يثبتها حالة فيقول: منش وعليش، وغيرهم من العرب يبقى الكاف دون تغيير. و (الطمطمانية) في إبدال لام التعريف ميماً كقولهم أمهواء اي الهواء وأمرجل اي الرجل. و (الإستنطاء) جعل العين ساكنة نوناً إذا جاورت الطاء في الفعل (اعطى) وتصرفاته خاصة دون غيره من الكلمات التي تجاور فيها العين الساكنة الطاء مثل الحديث (لا مانع لما أنطيت ولا منطي لما منعت) تشيع في ازد والأنصار وأهل اليمن وقيس وهذيل. و (الرثه) او (اللثغة) عجلة في الكلام وإسراع به من أنواع اللثغ المعروفه القول جمي في الجمل. و (الغمغمة) إخفاء الكلام وعدم الافصاح في نطقه حتى لكأنك تسمع الصوت دون أن تتبين حروفه فلا يفهم السامع المراد بالكلام. و (القطعة) يراد بها قطع اللفظ قبل تمامه وذلك بحذف اخره عند النطق به، مثل : يا أبا الحكا في يا أبا الحكم المنسوبه إلى طيء القبيلة البدويه المعروفه ولاتزال باقية على ألسنة العامه في بعض محافظات مصر حيث يقولون يا محمّ في محمد. و (الكشكشة) مثل أعطيتش وأعطيتكش في أعطيتك. و (لغة أكلوني البراغيث) بدلا من (اكلتني البراغيث) لهجة بني الحارث بن كعب وطيء وأزد وشنوءة من قبائل العرب، وصفها بعض النحاة بالرداءة وكذلك جاؤوا الطلاب وهي اللهجة يلحق أصاحبها بالفعل فاعلين بدل فاعل واحد، مثل: جاؤوا الطلاب، فالواو في جاؤوا، ضمير في محل رفع فاعل، والطلاب فاعل، وهذا لا يجوز، فلكل فعل فاعل واحد. واظيف من عندي (الغوغغة) حيث يقلب المسيحيين واليهود والمصلاويين الراء غاءا، كغاح بدلا من راح كالفرنسيين المونترياليين في كندا حيث يقولون موغيال بدلا من مونتريال.
ترى كيف تتكون اللّهجات؟ اهمها الانعزال التاريخي بين الاقطار والمدن والقرى والمناطق حيث لم تكن الاتصالات كما نحن فيها الآن، فقد دخل الراديو والتلفزيون والطائرات النفاثة فجعلت العالم قرية عالمية. وكان للعوائق الجغرافية كالصحاري او الجبال اثره في العزلة كما ساهمت الهجرات ففي الفتح الاسلامي امتدت اللغة العربية حتى الاندلس غربا بهجرات القبائل العربية حتى موريتانيا على الاطلنطي، فعالم العصور السحيقة ليس كعالمنا. نجد كافة الاقطار الاسلامية غير العربية قد تأثرت بالقرآن وفي تلك البلدان دخلت آلآف من الكلمات العربية لكن بمعاني مخالفة وبنطق محرف، ففي الهند وجدت ولدا فقيرا يستجدي قائلا (غريب بجة آدمي) فغريب تعني فقير وبجة في الاردو صغير وأدمي وتعني طفل صغير فقير, ومنها (دنيا بهوت خرابهي) وتعني الدنيا خربانة. ففي بعض الاقطار المفتوحة كالمغرب والجزائر وليبيا تأثرت العربية بالامازيغية، وفي مصر باللغة القبطية. وفي العراق مثلا لنا العديد من اللهجات فالكردي حيت يتعلم العربية العراقية لا يستطيع وضع لام التعريف في مكانها فبدلا من القول شفتك بعيني يقول اني شفتك بالعيني،الواقع ان هذا يقع لصعوبة اللغة العربية، في اللغة الإنكليزية مثلاً كلمة (YOU) لاتتبدل اما في العربية فتقول انت للمذكر بفتح التاء وانت المؤنثة بكسر التاء، وانتما للمذكر والمؤنثة وانتم للذكور وانتن للاناث. هذه الحالة غير موجودة في اية لغة في العالم. كانت العرب قبائلا متعددة متوزعة في أنحاء الجزيرة العربية الواسعة يتباعدون بعوامل جغرافية وكان الاتصال قي كافة عهود الماضي صعبة لهذا مالت الاقوام الى التقوقع الجغرافي لقرون لا عد لها لهذا ظهرت ضمن اللغة العربية لهجات تتباين في بعض الاحيان وتختلف فلاهل البصرة لهجات، فهي ليست كلهجة البغداديين وليست كلهجة اهل جنوب البصرة وليست كلهجة الزبيريين لانهم آتون من الجزيرة العربية. وللمسيحيين واليهود لهجة متقاربة. ولهجة مسيحيي البصرة تشابه لهجة اهل الموصل مسيحييها ومسلميها لكنها تختلف في الكثير خاصة في الاداء والتعابير. فمسيحيي البصرة يقولون (وين غحت) واهل الموصل يقولون (ويصب غحت) واهل البصرة يقولون (چـا وين رحت). ومن ألامثلة في المقارنة بين اللهجات العربية المختلفة نجد مثلا (الآن تقال باشكال ....الطوىن دابَ، ضُرْوُكْ، هَلأَّ، هسا، هالحين، هلحين). و (تكلم. تقال باشكال تكلم، إحكى تكلم,اهْدَر، اهرج، احجي). و (سلحفاة تقال باشكال ...سلحفاة، فَكْرُون، كركعة، زلحفة) و (ضفدعة... عگروگة، عقوقة). و (مطر . تقال باشكال .مطر شْتَا، شتي، مطغ) و (كسول تقال باشكال... كسول,معجاز، فِنْيَانْ، كسلان، عجزان) و (ماذا .. تقال باشكال شنوة، اشنو، ايه، أيش، شو، أيش، شنو، اشنوا) و (يريد تقال باشكال..اِيحَبّْ، يَبْغي، بدُّو، يبّى، يريد ).
تتكوَّن الألفباء العربية من 28 حرفًا، كان ترتيب تلك الحروف قديمًا أبجديًا على النحو الآتي: (أبجد هوَّز حطِّي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ)، بدلا من ا ب ت ث ج ح خ د ذّ ر ز ع غ ف ق ص ض ط ظ ك س ش ل م ن ه و ي. في بغداد نقول (لك انجب) وفي الموصل يقولون (ورك انلصم سد حلقك) البنت للبنت (اوم وداج) المصلاوية تقول (طمامي اتطمكي) ومن الاقوال في بغداد والجنوب في العراق عبارات شائعة منها (عتوي لوقنطة) و (يثرم براسة بصل) و (الوجه مراية والكفة سلاية). في الماضي غزتنا المفردات الفارسية والتركية كبانزينخانة وازخانة وميخانة اي بيت شرب العرق، وفي المهن كببجي تنكجي كرخنجي بندقچي چقمقچي حمامچي مطيرچي قندرچي سختچي ومن التركية طوزخرماتو وراوندوز في البصرة كان واحد يبع مكسرات يصيح (چمبقليلو چقچقر) ومثلها (يلعب چقلمبة). يتواجد في لهجات اهل يغداد وجنوب العراق حرف (الچـاء) غير المتواجد بالعربية كقولهم (شبيچ تبچين) وهناك ايضا حرف (گا) كقولهم (بياع گرگري) وهذا ما نجده في اللهجة المصرية كقولهم (گمال الگندي) بدلا من (جمال الجندي). حرف (الچـاء) حل علينا قبل احمدي نجاد.
في عصر الحداثة غزت اللغات الأجنبية العربية غزوا ليس له ضريب. هناك العديد من الاستعارات الحديثة، سواء المكتوبة أم المحكية، من اللغات الأوربية، تعبِّر عن المفاهيم التي لم تكن موجودةً في اللغة العربية سابقاً، كالمصطلحات المتجددة في كل يوم بل في كل ساعة. ففي عصر القمبياطور او العقترون (العقل الكتروني) او ما يسميه العرب من محيطة الى خلبجه (بالحاسبة) وهي تسمية مجنونة (فالحاسبة) ليست ألة حسابية، بل هي آلة عاقلة تحاكي العقل بل تفوق العقل، ففي عصر القمبياطور، ظهرت لهجات (العربزة) و (الأرابيش) و (العربيزي) وهي لهجات معقترة آخذة في الاتساع وهي انفلاتة عن سيبوية ونفطويه ولطمة عليهما، المرحوم عبد الله العلايلي عرَّبَ المفردة الحديثة ماكنة الديزل بـ (الاجاجة) من تأجج يتأججج فهي (اجاجة) واسمى (الموطورسيكل) بـ (الاساجة) من (الاسج) اي (البعران سريعة العدو) وغيرها من مفردات اعجمية في معاجم ما استعجم. اللهجات الجديدة (العربزة) و (الأرابيش) و (العربيزي) مصطلح اطلقه السعوديون في الانكليزية المتداولة في برامج الدردشة الإلكترونية ومواقعها، وخاصة الذين لا يجيدون اللغة الإنكليزية، ويجمعهم الإنترنت بحبيبات يقمن في الخارج. (العربزة) و (الأرابيش) و (العربيزي) لهجة عربزية حلت في موجة جديدة تبناها جيل جديد من شباب السعودية الموسرين بشكل خاص، يستخدمونها في احاديثهم العادية والعربيزي من مفردات هذه الموجة العربيزية هي لغة الشبان في الأحياء الراقية والتي تحل مكان لهجة راكبي البعران, فهي مزيج من العربية والأنكليزيه والفرنسية احيانا وتعني نوعا من التعبير العربزي، اللهجة اليوم في الاستخدام المتزايد وهي لهجة (الأمركة) التي تغرق السعودية . فتجد اليوم الشبان يلقون التحية بـ (هاي وهالو وبنجور) وفي التغزل (احبك تكوني كمبيوتره وكون أنا الكيبوتور) وفي العربزة هناك من يكتبون رسائلهم بالعربية لكنهم بالحروف اللاتينية مثال ذلك (قلي شو هالخبريات خبرني، فزعتوني انا راجع هالصيف oly shu hal al 5abryat 5eerbi faza3toni ana raj3a hal saif) و الـ 5 تعني خ و 3 ع و 2 ء (تفاءلوا بالخير تجدوه tafa2alo be al 5eer tajedonah). العربزة ظاهرة فرضت نفسها منها ان المدونين على الانترنيت لانهم ليسوا كتابا كطه حسين، ولو لم يتواجد الكومبيوتر لما كتبوا جملة واحدة، الا ان الكومبيوتر فرض نفسه على العصر وكل من يجلس على الكومبيوتر سيكون مجبرا على استخدام رقعة الحروف لتمشية امور الكومبيوتر لذا نجد الكثرة الكاثرة ممن يستخدمون الكومبيوتر يكتبون الرسائل وهم لا يفرقون بين الفعل والفاعل والمفعول به خاصة وان مفردات لغة الكومبيوتر تتضاعف بشكل انفجاري والكثير منها لايعرفها حتى المثقف العربي العارف بالانكليزية وهي من ناحية اخرى انفلات لغوي من قواعد وثورة ساحقة بل لطمة على وجه كل من سيبويه اي (ريح التفاح) بفارسية سيبويه و نفطوية ربما تعني (ريح النفط).
يجب ان لا ننسى ان في كندا الكثير من الجمعيات والصحف العربية مصابة بالانفلاتية يديرها (عتوية) و (واوية) و (سختـچـية) ومنهم اصحاب صحف ورؤساء تحرير ورؤساء جمعيات يديرها (عتاوية) واغلبهم يمارس (العفترة) وبعضهم (اللگـلوگـية). بعض كتاب الصحف العربية في تورونتو (لغوچية) و (عرضحالچية) و (دمبكچية) في مقالاتهم ومن بينهم (لحيسان) رئيس تحرير احدى الصحف العربية وكلبه (بشبش). اصحاب صحف ورؤساء تحرير ورؤساء جمعيات يبدون وكانهم (ملوك الطوائف) الذين ظهروا في الاندلس. وانا اعزكم الله احمل معي شعار (حامض شلغم ماضوگه .. لو ضربوني بطابوگه).
توما شماني - تورونتو عضو اتحاد المؤرخين العرب