السرد العنقودي في (جنازة جديدة لعماد حمدي) للروائي وحيد الطويلة
إلى الشفيف : بهاء طاهر .. منذ (بالأمس حلمت بك ) صعوداً إلى (في مديح الرواية)
قبل سنة، تحاورت قراءتي المنتجة مع روايتيه الجميلتين مبنى ومعنى (حذاء فلليني) و(باب الليل) وهذا تحاوري الثالث مع : (جنازة جديدة لعماد حمدي) ..
(أكثر من عقربين في ساعة واحدة)
ينشطر زمن الرواية إلى زمنين :
*زمن ذهاب الضابط المتقاعد إلى عزاء هوجان إبن المسجّل الخطر ناجح، وهذا الزمن الأفقي هو لحظة الحاضر يمتد من شقة الضابط إلى سرادق العزاء، في هذه المسافة الأفقية، يسقط الضابط في بئر زمنه النفسي، وهو زمن يتشظى / يتماهى في أزمنة سواه... وفي قعر هذه البئر، نكتشف نفقا سرديا، مكوناته : عالم ٌمعتمٌ ومتعفنٌ كالنفق وخانق مثله . من النفق تتشكل : أزمنة الضابط: المرتهنة بوظيفته ولهذه الأزمنة : أمكنة أرتبطت بشخوص ولهؤلاء الشخوص أزمة خاصة، ومن أزمنتهم تنبجس الحكايات، وأزمنة الشخوص المتواشجة مع أوقات دوام الضابط، تتشكل من : جنحة/ سرقة / جريمة معينة... إلخ
(حفيد شهرزاد)
يتضح لقراءتي أن السارد الضابط كسارد مشارك، ينتسب سرديا لليالي الألف وهذا يعني أنه أحد الأحفاد الشرعيين سرديا للجدة شهرزاد . خيط المسبحة السردية، هو الذهاب لتعزية ناجح بوفاة ولده هوجان، أما حبات المسبحة فهي الحكايات التالية : أم خنوفه/ خنوفه/ أم حواء/ الروسي عازف الكمان/ طفولة هوجان/ الرجل الصفراوي/ خالد أركب/ التعارف بين ناجح والضابط/ بائع البودرة/ سيارة بيجو/ التاجر والبندقية الآلية/ القتيل صاحب النعل المحروق/ عبقرينو/ شحته/ باسل : الشرطي بالفطرة/ قمر الراقصة/ عبد العزيز عامل السنترال/الضابط أمين/ كبابه النشال/ نانسي/ منير زبالة/ أبو شمس/ المرأة التي تحب القطط/ الضابط المزيف/ البرنس في النشل/ أسعد قشطة/ عماد لون/ قنبل/ ثريا/..إلخ
(جنازة جديدة لعماد حمدي)
نقترض من شيخنا الأديب العراقي البصري محمود عبد الوهاب، طيّب الله ثراه بخصوص : العنوان : (ثريا النص) : وننضده ضمن العنوانات الصادمة، ومن تلقي الصدمة وقبل قراءة الكتاب يتساءل القارىء : هل الرواية سيرية ؟ يشتغل فيها الروائي وحيد الطويلة على سيرة الممثل المصري عماد حمدي؟ القارىء العادي سينضد العنوان ضمن العنوانات الإستفزازية : ماذا يعني المؤلف في قوله (جنازة جديدة) ؟! أما القارىء النوعي فسيكتفي ببسمة العارف بشروط اللعبة، وتتداعى في ذهنه عنوانات منها فيلم (إعدام ميت ) (أنف وثلاثة عيون) رواية إحسان عبد القدوس، وكذلك رواية طارق إمام (الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس).. ربما ومن باب الفضول تشتري نسخة ً من الرواية إحدى المعجبات بأفلام عماد حمدي في هذه الحالة : تشتم القارئة المؤلفَ وهي تقذف الرواية بعيداً : أين عماد حمدي ؟ قرأتُ سبعين صفحة وما حضر عماد حمدي أو ذكره بطل الرواية ؟ هنا يبتسم القارىء الفطن ويواصل الصيد النظيف في مياه الرواية وهي مياه تجري بإسترخاء، متشابك الخيوط، نكاية ً بعصر وعصير الفيسبوك
(مفاتيح عماد حمدي)
نصل إلى المفتاح الأول لشفرة ثريا النص الروائي/ عنوان الرواية ، في ص69 (منذ ثلاث ساعات أمام جامع عمر مكرم في أنتظار وصول جثمان الفنان الكبير عماد حمدي، تلتقط من أفواه مَن حولك مصمصة شفاههم، كيف عاش فقيراً مهملاً من الجميع في سنواته الأخيرة . ) وجنازته مثل آواخر أيامه، ولا يوجد قرب الجامع سوى رجال الشرطة، والمهوسون الذين يحضرون جنازات الفنانين لأسباب شبقية ليشبعوا عيونهم من مؤخرات الفنانات – بشهادة الضابط السارد، في هذه الوحدة السردية، يخبرني غوغول أن عماد حمادي توفي في 1984، وفي هذه السنة كان الضابط في رواية (جنازة جديدة لعماد حمدي) في بداية السلم الوظيفي.أما المفتاح الثاني للشفرة، فهو تتمة الأول، حين يسأل الأب وهو ضابط كبير متقاعد، عن سبب تأخره بعد التشييع، فيجيبه المأمور ساخرا عن سبب تأخر ولده الضابط قائلا (أنت تعرف أن أبنك فنان، نسي نفسه وربما نسي مهمته، وذهب بنفسه خلف جثمان عماد حمدي ليدفنه بنفسه/ 70).. قبل سخرية المأمور، وبعد انتهاء مراسيم الحكومة في تشييع عماد حمدي، يذهب الضابط إلى أقرب مقهى ليدخن الناركيلة، فتفاجئه، صورة عماد حمدي – على الحائط - وهو يحمل الجوزة، (يدخن بشراهة والدخان يندفع من أنفه في فيلم ثرثرة فوق النيل، الصورة التي تشبه نهايته رغم آلاف الصور، تبتسم له كأنه أمامك وتدعو له بالرحمة) ويعيدنا السارد في ص147 لنفس المشهد، ولكن من خلال ضمير المخاطب(لمَحَ المقهى الذي جلس به عقب جنازة عماد حمدي وهو في أول سلمة من أيام عمله).. إذن ثمة مسافة زمنية، في زمنه الوظيفي، وهي المسافة بين موت عماد حمدي وموت هوجان .
(*)
من جانب ثان، حين نعود لصورة عماد حمدي في المقهى: يمكن اعتبار هذه الصورة حسب قراءاتي المتكررة للرواية، أعني هذا المفتاح هو المفتاح الرئيس الذي يفتح شفرة عنوان الرواية، أن عماد حمدي يكيّف ، وفي سرادق عزاء، كان التكييف متوفراً ويوزع مثلما توزع قهوة العزاء، إذن عزاء هوجان : ربما هو : من باب الإستعارة : الجنازة الجديدة لعماد حمدي، نكاية بالجنازة الحقيقية التي يصفها السارد الضمني : جنازة تافهة / فضيحة..
أما المفتاح الثالث فهو حين يستعمل السارد الإستعارة، من خلال موت قطة صديقه ُ، التي (لم تفهم أن الخمش العنيف لا يحدث إلاّ من حب عنيف، تعاركا وأصاب عينيها، كان كالمسعور، أصابها بنصف عمى../100) وما حدث بين القط والقطة، أحدث تداعيا لدى السارد وكاد يخبرها (هذا هو ما حدث لعماد حمدي في آخر أيامه مع أختلاف الأسباب) وفي ص148 سيهبنا السارد المشارك مفتاحا جديدا، حين يجلس وهو في طريقه للعزاء في نفس المقهى (مازالت صورة عماد حمدي على الحائط نفسه في المكان ذاته، على الحائط المقابل واحدة مثلها تماما وهو يحمل الجوزة ذاتها في فيلم ثرثرة فوق النيل، بائسا يقوم بالتخديم على أصحاب المزاج العالي، هو، هو لم يتغير – وإن صارت الصورة باهتة – وحل محله الآن ألاف يقومون بالتخديم في كل شيء../148) هنا ممازجة بين اللقطة السينمية والواقع المعيش، أعني الانتقال من المفرد إلى الجملة : عماد حمدي في الفيلم يقوم بالتخديم/ خارج الفيلم صار لدينا نسق المتعدد في الواحد : ألاف يقومون بالتخديم .
(*)
مفتاح سابق/ لقطة جزئية: يد... التركيزفيها على فعل يد عماد حمدي (عاش يكره عبد الحليم حافظ الذي استجدى الناس بصفعة عماد حمدي/ 103)هنا نقلة سينمية للخلف : فيلم (الخطايا ) إنتاج 1962فيه مشهد يصفع عماد حمدي عبد الحليم صفعة ً حقيقية ً قوية ً، بعد عدم قناعة عبد الحليم بصفعاته الخفيفة، أما (ثرثرة فوق النيل) فهو من منتوجات1971 وعماد حمدي بدور أنيس زكي : المسطول الدائم والمسؤول عن مستلزمات الكيف اليومي . الفرق بين صورتي
(آلية السرد)
يشتغل الفعل السردي على ضمير المخاطب في المستويين الجواني والبراني ..
في الجواني السارد يخاطب ذاته . ويخاطب القارىء في البراني، وهكذا نكون مع صنّف من الروايات الحداثية التي يُطلق عليها (الرواية المفكرة بذاتها) أو الميتا سرد وهذا الأمر ليس من مكتشفات قراءتي المنتجة، بل من معروضات السارد نفسه، فالفصل الأول لذات السارد، بينما في المرقمة (2) نكون مع جهوية سردية برانية تخاطب القارىء :
(أحترس
أحترس أيها القارىء
قف مكانك /ص11)
(*)
في المرقمة (4) يشتغل السرد بضمير المتكلم
(*)
الزمن الروائي : حيزٌ يتحدد/ يتجسد بذهاب الرجل الذي كان ضابطا إلى مجلس فاتحة
ونلاحظ حتى في السرد الجواني،يوجد مستويان :
مستوى: يتلاسن الضابط مع نفسه، مِن الكلمة الأولى في السطر الأول من الصفحة الأولى في النص الروائي ( إلى أين أنت ذاهب ؟ عشتَ أياماً خطرة في حياتك لكنك الآن أمام خطر من نوع جديد . أنظر إلى قدميك/4) وفي السطر الخامس من الصفحة ذاتها، نكون مع السرد التقليدي/ صوت السارد العليم (لا يعرف بالضبط ماذا يجب عليه أن يفعل. هل يذهب ؟ الموضوع ليس سهلاً، عقله يدق ُ كجرس صدىء، يسمع صوته بوضوح : لاتعد إلى الماضي..) وفي السطر الأخير من الصفحة ذاتها يعود لضمير المخاطب (ما الذي يدعوك لذلك،أو يُجبرك ؟ يكفي أن تكلمه في التليفون، وتطيب خاطره، أو لا تُطيبه، مجرد كلمتين وينتهي الأمر)
العزاء هو عزاء هوجان بن المرشد الكبير ناجح، الذي فقد هوجان (في مشاجرة، طعنه ُمَن طعنه وسط جمهرة، الذي يموت في المشاجرة يموت فطيسا، ربما هذا سبب مضاعف لحزنه وهو الذي فك مئات الالغاز لايجد من يفك له لغز أبنه/ 61)
(تصنيع سرد الذات)
(1)
يوجد لدينا تسريد الذات بالقوة، أي تصنيعها ضمن مخطط الصورة : مِن فوق، كما يفعل الضابط الأب مع ولديه : (أنت كنت ضابطا صغيرا / 6) وهناك التملص من قوة السرد المصنّع يتجسد في شقيق الضابط الذي لاذ بالفرار خارج مستعمرة عقاب العسكرتاريا /6 ووجد ضالته من خلال هجرته إلى ثلج المنفى.. أن تسريد الأب عسكريا لولديه : نوعاً من الإستعارة (كان مهزوماً من داخله، ويريد أن يُعوض هزيمته بأبنائه /7) السادر الضمني الذي نفّذ أمر الأب وأصبح ضابطا، طمسَ في ذاته سرده الخاص لشخصه (لو أنك أخترت طريقك وأصررت َعليه، لعشت باسمك الحقيقي، أو لأخترت َ اسما جديدا، وحياة جديدة على مقاس روحك، وأطلت شعرك كما يفعل الفنانون../9)
(2)
هناك تسريد مضاد للذات : فعلّته عائلة ناجح في (هوجان)، وبشهادة السارد الساخرة (وهم للأمانة لم يقصروا في تعليمه، علموه، كيف ينخر ويسب الدين في أول جملة على لسانه، وضعوه أمام المعارف بطريقة عملية، كانت أولى الكلمات التي تسربت إليه : خام، مغشوش، حشيش المعلمين، حشيش الأفندية وصولا ً إلى حشيش الأناقة/ 19)
(3)
لكن الرجل الملّقب (الأصفراوي) هو الذي يواصل مسرحة شخصيته بنفسه، بمشروطية المشهد (..الداهية يُغيّر شكله وملابسه كل مرة، وحتى مشيته يفعل ذلك بإقناع كامل، دون خطأ، بداخله أستوديو ممثلين موهوبين، لاتستبعد أن يُغيّر جنسه في إحدى القضايا، ثم يستعيده في القضية التالية... يستمتع بما يفعله، بكل شخصية يظهر بها.. /21)
(4)
حتى المرشد الكبير ناجح، يمسرح شخصية بمشروطية الحال فهو(ثعلب يغير ملامح وجهه ببراعة دون حاجة لعمليات، بوجه شيخ صالح، طامح للقيادة في ملعبه، ذئب صارم حين ينسى دور الشيخ أو حين يفلت منه، لكنه يستطيع بسرعة أن يغير التوصيلة ويعدل البوصلة، ذئب يقص أظافر حين يدخل مكتب ضابط المباحث،على أستعداد أن يخلع طاقيته ويكشف ويعري رأسه حتى يظل قريبا من عين الرضا./32)..
(5)
بالنسبة للسارد الرئيس، فهو يفتخر بصناعته السردية للآخرين، وبشهادته : أنه يشعر بالفخر لأنه هو من أعاد تصنيع عبقرينو سرديا وكذلك قام بتصنيع جديد لشخصية ناجح، وبشهادته (نسجته ونسجت ناجح على كفي، لدي جناحان أطير بهما، لم يخدمني الحظ في وظيفة أحبها، لكنه وقف بجانبي فيما لم أختره ../59) ولكن النسخة المصنعة لاتخلو من تمرد على الصانع الأمهر( يشرح المخرج للممثل دوره، أحيانا يقوم بتمثيل المشهد أمامه، لكن الممثل المبدع يقوم بإعادته بروحه هو،يقبض على الشخصية من قلبه أو من روحه../60)
لكن في الوقت نفسه، يدرك جيدا أن هكذا شخصية يتمرد على تصنيعك سردي وهذا التمرد يحاول الضابط اللامسمى محاشتهُ (إسمع، المرشد ليس إبن خالتك، ينفض ُ يده من يد الضابط الذي رحل، ليضع مؤخرته في يد الضابط الجديد/24)
(*)
سرد الفرشاة : ليس موجوداً فقط، حين تسرد فرشاة الضابط صورة ناجح الذي خلصهُ من مأزق ٍ لما تحلق حوله شرذمة من المسجيلن خطراً.. (رُحت َ ترسمه من ذاكرتك، رسمته في ورقة كأنها صورة فوتوغرافية له، وحين طلب منك ضابط مباحث أن يراها..) هنا سيقوم الضابط بتدوير سرد الفرشاة : (أدخلت َ عليها تعديلا سريعا، كشطة واحدة في عينيه كانت كفيلة أن تُغير الصورة في أعينهم،ومع ذلك كنت تخشى أن يعرفوه../25) سوف يظهر بين الحين والآخر للفرشاة سردياتها، وستكون السيادة للفرشاة في المرقمة (25)
(الفرشاة : خلاصة السرد)
الفرشاة وهي تسرد، ستقدم تنضيدا جديد لكل ما جرى، والفرشاة لها تبيئرها السردي الخاص : سيكون ناجح وحده في صدر البهو، ويجعل وجه آيات نظيفا من سرد الأمواس، ناجح وجه نصف حزين نصف منتصر تحت الأقواس، أم الضابط عيناها تنظرانه، وسيرسم حذاء المشاة العسكريين / البيادة، ومن الحذاء يخرج وجه أبيه، أم حواء سيرّكز على لسانها وهو (يصعد نحو السماء) و(مرة بلسانٍ يتدلى نحو الماء ) بحثاً عن أولادها الذين باعتهم ليس عن فقرٍ..زوج ثريا سيرسمه بالأبيض والأسود بقلم جاف، وسيدع الألوان تسيح على بعضها (حتى يسقط في مصيرغامض، وليطغى الأحمر والأسود على بقية الألوان/193) والسارد/ الرسم بهذه الطريقة يثأر لثريا من زوجها ال.........
وسيواصل السرد سرده لمصائر شخوص الرواية أجمعين .
(6)
الضابط لا يكتمل بذاته، بل بشخصين هما أهم مكونات لوجستيته، وحين نجرده منهما لا يمكثُ منه إلاّ رهافة الفنان التشكيلي . نعم أنها لعبة الثنائيات (كل شيء في البلد ثنائيات عدا مقعد واحد . الأهلي والزمالك، عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش، عمرو كباب وتامر حسني مبارك، الضباط والمسجلون خطراً/ 111) التي تهمنا الثنائية الأخيرة التي ستثلث
ويتوفر لدينا مثلث متساوي الأضلاع : ناجح - الضابط – عبقرينو . والعلاقة بين ناجح وعبقرينو، على ذمة الضابط السارد : (أقل جملة تقال إنهما كانا ضرتين /112) لكن الضرتين، تختلفان بالتجاور وبالنوعية في علاقتهما مع الضابط (ناجح يعمل لصالحي لكن لصالح نفسه أولاً، وعبقرينو يعمل لصالح نفسه أولاً ثم لصالحي) لكن عبقرينو في كل يوم يمتلك جزيئة ً ثمينة ً من حلمه، فيرمم بها طموحه (يغنم حلمه الذي يتحقق كل يوم بين يديه، لايريد سمعة ولا نقوداً) لكن ناجح (يغنم نقودا وسمعة وتقرباً من الحكومة ويُبقي رأسه بعيدة عن أي مقصلة) ناجح يفضل الظل ليتفرج عن بقية المشهد (يدلك على مكان الفريسة من بعيد، يقف ليتفرج على حصاد يديه، ناجح يدلك على مكان الجثث) أما عبقرينو (فيأتي قبلك بالمكان ويقفز قبلك فوق الفريسة، ولا يترك الجثث دون أن يكفنها معك )، وعبقرينو كمرشد، يستفز ناجح وهو يراه ملتصقا بالضابط منه، والسارد المشارك يفضحهم أجمعين، حين يخبر القراء ( لا يعرفون أن عبقرينو هو الحنجرة نفسها التي تتنفس بها عملية القبض على مجرم خطير أو حل قضية أسرفت في غموضها/115) وهو متفوق على ناجح لذا (يكرهه ناجح، لأنه يستطيع أن يأتي بمجرمين لم يستطع هو أن يصل إليهم، حتى وإن دل عليهم )، والأهم أن عبقرينو يقرأ ناجحا وجها وقفا .
(*)
مثلما الضابط يتشكل ثلاثيا، فأن ناجح يتشكل ثنائيا :
ناجح يتحدث مع الصغار-------------- هوجان يجلس مع الكبار
ناجح يتعامل مع رئيس المباحث ---------- هوجان .. مع رئيس البرلمان
ناجح ييذهب إلى المباحث ---------- هوجان تأتي إليه المباحث
(ناجح هو الحشيش ------------------ ----------هوجان هو الزيوت)
(ناجح هو المادة الخام ----------------- هوجان هو الروح والرائحة )
إذن ناجح قُتِل َ بالاستعاضة (مَن قتل أبنهُ إنما قتله هو )
(7)
لماذا بعد محاورة صغير بين رئيس جمهورية المسجلين : ناجح والضابط، يقوم الضابط من مقعده ثانية ويقف أمام صورة عماد حمدي ويقول بصوت يكاد يسمعه (لابد مِن جنازة أخرى لعماد حمدي /153) هل يكون هذا الكلام مفتاحا لقفل عنوان الرواية ؟ حين نعود ونفكك/ نختزل المحاورة بين ناجح والضابط في طلب الأول من الثاني (أريد أن تتوسط لنا ليدخل هوجان كلية الشرطة/ 152)
*وحيد الطويلة / جنازة جديدة لعماد حمدي/ دار الشروق للنشر/ 2019
*مقداد مسعود/ ترميم الشبق .. في (باب الليل) للروائي وحيد الطويلة/ الحوار المتمدن/ الناقد العراقي/ مركز النور/ موقع الحزب الشيوعي العراقي/ مجلة معارج/ بصرياثا/ كتابات / معكم
* محمود عبد الوهاب/ ثريا النص: مدخل لدراسة العنوان القصصي/ بغداد/ الموسوعة الصغيرة/ ع 396/ دار الشؤون الثقافية/ 1995