هو تشكيلي  لايخطيء النظر الحي  إلى الحياة ومتطلباتها، مثلما لايخطيء التصوير يوم كان  منهمكا بحرفية عالية  في دراسة  الطبيعة  ومخلوقاتها .. منظورها وتفاصيلها الدقيقة بإسلوب منهجي  مدرب وعميق، وهو  يؤطر الحقيقة  في لوحاته كنصوص فنية متناهية الدقة .
تقنياته شفافة وعميقة، وهما ما تميزانه كفنان حاد البصر يسمح للبيئة التي يشتغل عليها أن تتحول وتضفي طبيعتها  في تدرجها الحاصل، لتؤكد حضورها اللوني والبصري  . ولذلك كانت معظم الأعمال التي أنجزها خلال عقدين  مهمين، منذ أواخر الستينات حتى اواخر السبعينات، أعمالا منهجية متكاملة، دراسية وتشريحية، تجعله كرسام كلاسيكي من الطراز الأول .. تتماهى أعماله مع متطلبات تجربته الشخصية  .

وكان للأطفال نصيب من إبداعه حيث انجز اعمالاً تاريخية رفدت  مطبوعات الأطفال بثقافة بصرية جديدة غير مألوفة سابقا، حيث اشتهر بمسلسلاته الجميلة منها  رحلة ماجلان ، واحمد بن ماجد، وغيرها من القصص التاريخية .

ولد صلاح جياد المسعودي في البصرة عام 1947م 

درس في معهد الفنون الجميلة عام 1968

درس في أكاديمية الفنون الجميلة وتخرج منها عام 1971م

عمل في مجلة مجلتي والمزمار منذ عام 1969 حتى مغادرته الى باريس عام 1976

وكذلك اشتغل في عدة مجلات عراقية منها مجلة الف باء وصحيفة الجمهورية وغيرها. كما ساهم في تأسيس جماعة الأكاديميين 1971 التي تتكون من الاستاذ المرحوم كاظم حيدر، وفيصل لعيبي، ونعمان هادي، ووليد شيت . ثم غادر العراق الى باريس عام 1976 .. وفي باريس تخرج من مدرسة الفنون (البوزار) وأنهى دراسة الدكتوراه في تاريخ الفن في كلية الفنون .. أقام معارض كثيرة في داخل العراق وخارجه وحاز على عدة جوائز ذهبية .

آراء في تجربتة 

 

فاروق سلوم


رؤيتان لاتخطيء  أعماله؛ رؤية الناقد.. وبصيرة الباحث ، اذ من الخطأ أمام  تجربته إلاّ  ويضع المرء ذائقته وذاكرته  كمعايير للبحث والتذوق  والقراءة ..
وسيكون  السؤال حقيقيا وصادقا دائما  أمام تلك المطاولة العميقة والمتواصله  عند  الرسام صلاح جياد في التشكيل ..  والتنوع والسكون..

السؤال هنا عن غياب القراءآت المتعدده والمطلوبة لتجربته الفنيه ..  وهو ينكب على هذه التجربه  بقدر من الإنهماك والعزلة !! فقد اختار دأبه  الخالص، وهوبذلك يشبه مميزاته الشخصية في الهدوء والصمت والتأمل والتركيز.. مؤثرا امتلاك قدرات التصوير، من مدرسة بغداد إلى الكلاسيكية الجديدة حتى حدود الحداثة اليوم  .ثراؤه انه رافديني وواسطي ..

 الفنان عبد الرحيم ياسر

اعتبر رحيله من العراق وبقاءه يعيش في الخارج خسارة للحركة الفنية في العراق، انه لو كان بقي في العراق لأمكنه ان يؤسس لانطلاق جيل جديد من الفنانين التشكيليين، ويؤثر كثيرا في الحركة الفنية العراقية .

ألخص أهمية جياد في مرحلتين، وهي"مرحلة في البصرة في معهد الفنون وتتسم بالرسم الواقعي الأكاديمي وكان بارعاً بل كان مثار إعجاب جيل كامل ممن انتهجوا نهجه في رسم لوحة أكاديمية، وفي مرحلة باريس كانت مرحلة لضخّ مجموعة مكونات بيئة بغدادية فظهرت الأجساد والأشجار والقرون وحاول رسم لوحة لها علاقة بالعراق ولكن في كل الأحوال في بغداد وباريس انتمى إلى مهارته وخبرته في مجال تكوين اللون وفي تصميم اللوحة والخطوط القوية، ولهذا أنتج لوحة معاصرة حيث أنشأ مدرسة حديثة للكرافيك الصحفي ."

د. كاظم شمهود

اللوحة الحديثة عند صلاح جياد هي جغرافيا لونية . وأسلوبية تختبر فيها ادوات التعبير..
 كانت لوحاته منجزة بعمق مثل حفور تصويريه  ..او رليفات لونية بارزة جراء البحث .. وألأتقان .. والحذر.
 لقد عكست لوحاته الحديثة خلاصات فكرته عن الأسلوب .. والتقنية والفكر .
ربما لا يبدو متعجلا لنزع شراكته مع الكلاسيك كتجربة عميقة . لكنه بهذه الطريقة يجتاز خطر التشكيلي المغامر بل اجرأ على القول انه غير مكترث بالصورة الخارجية  عند الآخرين بقدر ماتهمه صورة منجزه وتقييمها .. ومكانتها عنده . ربما يحق لنا القول بأن  روح المحافظة أحيانا  عند صلاح جياد هي  نتاج نشأته ودراسته وطبيعته  الشخصية والفنية .. لكننا نمتلك الحق أيضا في النظر إلى خواص لوحته الحديثة على أنها اختصار لفلسفته وموقفه الفنيين .. بل إنها نتاج طبيعته البحثية المعمقة الراسخة .

الناقد التشيكلي صلاح عباس

الحديث عن تجربة الفنان صلاح جياد مغرّ وملهب للمشاعر في شرح التفاصيل ودقائق الأمور إنها "تجربة فخمة لاسيما في مجال الرسم الأكاديمي، فهو بارع جداً في الأداء اللوني والخطي وصناعة وابتكار الأشكال، بصرف النظر عن كون الإشتغال يشرح حالة أدبية أو لوحة مستقلة بذاتها ."
ليس بالمهارات وحدها أجاد جياد، "إن هناك الكثير ممن زاولوا الفن على أسس سليمة ولكن بالمحصلة لم يستطيعوا تحقيق حضور منظور ، لكن هناك عامل أساس في المشاركة وإنجاز العمل الفني وهو الرؤية والتسلح بالموقف، حيث إن لكل آلية اشتغال مسوغ معين، فهو ذو رؤية فلسفية، ومثقف بارع وقارئ نهم ومطلع على الثقافة اليسارية . وبهذا فان مداخلات الفن مع الرؤية تؤسس لمنهج جديد ."
إن "صلاح جياد إنسان بمعنى الكلمة، وفنان بمعنى الكلمة ويشتغل بمنطق الحب وكان متسلحاً بالحب للحياة والبلاد والتاريخ والجمال والثقافة ومتماهياً مع عمله الفني بلا انقطاع، وهو ظاهرة بالرسم العراقي لاتتكرر إلا بعد 100 سنة."

يوسف الناصر


في  واحدة من لوحاته وضع صلاح جياد مجموعة من إشاراته وأشكاله ورموزه، كل  واحدة في مربع او مستطيل او شكل مختلف على ارضية سوداء ، يفصلها حاجز خطي  رقيق عن التي إلى جورها ، وجوه وايد وعيون وأصابع ومقاطع من أجساد ، أهلة  وأشكال حيوانات . لوحة ( كشف الحساب )،  اسميها ، لأنها سجل غير مكتمل  للثيمات المبثوثة على امتداد مسعاه الفني، والتي تتكرر بتطويرات وتحويرات  تمليها طبيعة اللوحة .

هنا لابد لي من أن أنوه إلى فكرة أخرى عارضة في معنى احتفاظ صلاح بافكارة الإساسية عن اللوحة ومهمة الرسم بالإشارة إلى سبب قد يبدو غريبا، وهو أن صلاح ما احتاج وجوده في الغرب لكي تتفتح موهبته الكبيرة، فقد كانت متفتحة ومورقة من قبل . مع إنه أضاف الكثير للوحته من وجوده في فرنسا واضطلاعة على الفن الأوروبي . هذا الأمر يقودني إليه دائما سؤالي لنفسي وأنا اراجع لوحات صلاح  : من أين يغترف صلاح كل هذا الدفق في اللون والخط والشكل وهو القليل الفضول الزاهد عما يجري خارج حدود يومه وحياته الخاصة ؟ ، وأضيف ، أن صلاح نوع من الفنانين النادرين الذين لا يحتاجون إلى الكثير من التجريب والبحث والرسم لتطوير رؤاهم وأدواتهم ، تكفيه حلقاته وركائزه المتباعدة ليوصل بينها جسرا رائعا .  لكني لا أتغافل عن قوة التيار الهادر الذي يجري تحت ذلك الجسر ويلطم دعائمه . 

  ماضي حسن 

من الملاحظ إن الفنان صلاح جياد : يهتم كثيرا بعملية التوازن الشكلي، والتوازن الاشكلي للبناء الإنشائي، إذ نجد حتى- التوازنات الاشكلية - تتلاءم مع إيقاعاتها الحرة للمفردات، والتوازن يحصل أحيانا بحالة التبادل المتناظر بين التكوين الرئيس لموضوعة العمل، وبين الفضاء المطلق، ولم يدع للفراغات تنتاب الفواصل بين المفردات، بالرغم من تعددها  وازدحامها، فلقد يعالج ذلك بمليء المساحات بالمادة اللونية بواسطة المتضادات والتباين بين الداكن  والفاتح وتترابط تلك الأشكال بخطوط رشيقة تشبه أنسجة الخيوط، لتخلق نوعين من الهدف البنائي للتكوين :  1 - هدف ترابط التوحد التكويني،  2 - هدف حركة الأشياء الراكدة باتجاهات معاكسة لها  . وبالرغم من حرية الحركة للأشياء وتجردها من نسبها الذهبية الا أن هذه الأشكال يخترقها تكوينا من نفس فصيلة اللون والتكوين، ولكن حافاتها تتسم بدقة حافات حدودها، لذلك نجد ان الصراعات المحتدمة التي تحدثنا عنها ليس في نطاق الأهداف الفكرية والثيمات، وانما في بنائية تكويناتها التشكيلية  وفي أغلب أعماله التعبيرية المعاصرة لم يعمد إلى إظهار تضادات لونية بطريقة الكونتراس، وإنما بتضادات العتمة ومساحاتها الصغيرة مع الفاتحة، لذلك نرى العمل يمتليء بثراء غزير للمفردات بتعقيداتها وكثافتها المزدحمة، كما أن الخطوط تنقطع عن مواصلة استمرارها افقيا وعموديا بانحناءات أو استدارات تشكل أوصالا للحروفية، وفي بعض أعماله يعمد الفنان الى جعلها على نمطية الأيقونات بايقاعاتها المتكررة . .

علي النجار

ليس بأمكان (صلاح المسعودي ) ان ينسلخ من تاريخه الخاص( بحدود المعلن من تجربته )ولو في حدود خصوصية هي في نفس الوقت ذات عراقية مشاعة . انه يجوب مساحة من هذه الذات في جزئها المعتم - المعلن والمباح في ان واحد. رغم كل محاولاته للأفلات من هذه العتمة, الا انه وغالبا ما تستعصي على مناوراته . ان تفاصيل اعماله المكتضة باحوال العنف تبطن محاولة ما لخلخلة قساوة تضاريسها, فانها اعمال تعمل على تفكيك او تفتيت عن الموروث الرومانسي الشرقي المتخيل ( الوجداني والأيروسسي ), فعلى الضد من رقة او زهو شخوص هذا الموروث او ملونته الفنتازية , فانها تعمل على تفكيك او تفتيت الجسد او الطبيعة احيانا, وليس بحدود صياغات اغترابية, بل بما يوازي تقطيع اوصالها من اجل اعادة بنائها بأثر على اثرما تبقى من عنف هذه المحاولة.

 ان كان تفكيك الجسد لديه يتم عبر مدركات حسية, فهي حسية تناور خزين ذاكرة لا تبارح تواريخه المعاشة ولو لحيزضيق اومهمل . ويتم استدراجه لبعض من مفردات التاريخ العراقي  الغابر ( المزاحم لتوارخنا المدنية الحاضرة اصلا ), في حدود كونه شاهدا لعنف ازلي كان هوبعض من اثره , ولتأكيد هوية متجذرة بتربة بلاد السواد , تربة تنز بترولا اسود هو من بقايا مطموراتها, او تتفكك بأثر محمولات سموم حروبها المعاصرة. انه يعلي من شأن التكنيك في اخراج اعماله ليسهل عليه مناورة تفاصيلها بحدود خفض او اعلاء نبرتها الحادة, ورغم عدد من محاولاته لطمس بعض اثارها يبقى مشرط السكين الذي يحز او يحفر عميقا.....

خالد خضير الصالحي

إن انقطاع الرسام العراقي صلاح جياد، (البصرة 1947)، عن الساحة الثقافية العراقية بسبب الهجرة الى فرنسا وما نتج عنها من ضعف في تسويق التجربة إلينا، من هناك،

قد ألقى بظلاله على تقييمنا لتلك التجربة، ووضع اللمسات الأخيرة لخسارتنا إحدى اهم تجارب سبعينيات القرن الماضي في الفن التشكيلي العراقي، ونحن نحاول الآن أن نرتق صورتها من اذهاننا، ونختبر قناعتنا القديمة الراسخة التي مازال الكثيرون متمسكين بها حولها، والتي تقول بانه لولا تلك الهجرات لكان ممكناً للفن العراقي أن يمتلك الآن ذات الزخم التشكيلي الذي كان في سبعينيات القرن الماضي، وأيضاً أن يكون لتجربة صلاح جياد تحديداً شأن أعظم في الرسم العراقي .

لقد كان صلاح جياد واحداً من شباب الرسامين في البصرة من الذين استوعبوا الدرس الأكاديمي الانطباعي لأستاذهم الراحل فائق حسن بشكل استثنائي، إلا أن تجربة صلاح جياد لم تأخذ مداها المتوقع بسبب جملة محن، ربما كان النقد التشكيلي العراقي باتجاهه الايديولوجي الفاعل فيه، هو الطرف الأكثر مسؤولية عن ذلك، ربما بسبب التطرّف في التناول المعياري العتيق: سلباً أو إيجابا، أو ربما بالامتناع عن الكتابة، ولكل من هؤلاء دوافعه (النفعية) المختلفة.

     

 

كاظم ابراهيم


وقفت وسط مجموعة  كبيره من الطلاب الذين جاءوا للاختبار في معهدالفنون الجميلة عام 64 كان  مجموع الطلاب المتقدمين لاختبار الرسم  اكثر من 70 طالبا والمطلوب 20 طالبا  . لكن هناك من اثار انتباهي انا ومجموعة من الطلاب شاب كالفراشه نحيف  جميل  كثيف الشعر يرسم بالالوان المائية بشكل مذهل ورائع كانه يرى الاشكال  في عمق الورقة ليخرجها بحيوية وجمال..الحقيقة كان اسلوبه في الرسم يتخطى  اكبر فنان  شاب عرفته كان مع صديقه الفنان الكبير فيصل لعيبي..

 قلت في نفسي ( ارجع كاظم  واترك الاختبار واعوف سالفة الرسم ذوله فطاحل ماينكدرون ) لكن الاختبار كان على وجبات ومجاميع
نسيت هذا الفنان الرقيق الشفاف والهادئ ..
ومرت الايام وتعرفت على هذا الفنان (صلاح جياد)  وصديق العمر الفنان فيصل لعيبي والفنان حسن شويل الذي يختلف عنهم في طريقة تعامله  مع الطلبه طيب جدا يحب العزله ..
كان صلاح وفيصل طالما يذهبا الى مقهى ام كلثوم في الميدان التي لها نكهة خاصة  ومع اجمل الاغاني  تبدأ اناملهم ترقص بايقاع متوازن مع الحان السيده لينجزا اجمل الاعمال ( تخيطيط ) بالقلم الرصاص ويرسما من يشاهدوه امامهم في المقهى  بشكل مذهل .
صلاح جياد يمتلك قلبا ارق من رحيق الورد
كان دوما يغني( لعبد الحليم حافظ ) ونظارته الغامقه لاتفارق عينيه الجميلتين ونحن نسير في شوارع الاعظميه الجميلة متجهين الى القسم الداخلي قرب( المقبرة الملكية )
او الى المعهد..
اما فيصل فيغرد باجمل اغاني ام كلثوم ليجعل من صباحنا عالما ورديا ساحرا .
كان بودي ان افتح مع صلاح يوما موضوعا اوحديث عابر لكن انشغالهبالرسم دوما  طول النهار وحتى في القسم الداخلي اجمل الاعمال وباجمل الالوان ومن خيال خصب جميل جدا وبسرعة تفوق الخيال يكون العمل قد اكتمل لاجمل لوحة ..
صلاح فنان كبير  في عالمه.. وقلبا شفاف ورقيق وعذب.. يعشق عالم اللون والجمال
طيب القلب الى حد لا يوصف تمام كصديق العمر فيصل لعيبي  .وهناك الكثير عن هذه القامة العراقية الفذة النادره  .