يغـيضُ عن " الرّقـةِ " الـماءُ كي يدخـلَ الطـبقاتِ الخفـيّـةَ من لحـمِـنا ،
نحن أبناءِ تلكَ الضفافِ التي أنبتتْ قصباً للأسِـنّـةِ والأغنياتِ . الفراتُ
هنا ضلّـلَ النورسَ . السمَكُ الـمتحدِّرُ من فُوّهاتِ الجبالِ ارتــــضى في
الفراتِ مراعيَـهُ ، وارتدى الفضّةَ . الخيلُ تعبرُ ،غرثى ، مَخاضاتِـهِ .
والجِمالُ الأبيّــةُ تعلِكُ في الصّـهَـدِ ، الشيحَ. ماءٌ تغلغَلَ في الرملِ . في
وجْـنةِ الطفلِ . ماءٌ يَظلّ بكـفـَّيكَ ، لا يتبدّدُ. ماءٌ هو البَسْـمَــــــــلــةْ .
*
سلامٌ على جـسـدَينِ استحالا بهِ جســداً واحداً .والسلامُ على القاعِ حــيثُ
الحصا يترقرقُ . يا بردَ مائِكَ ! أقسمتُ بالطيرِ أن أرتــــدي كلَّ فجــــــرٍ
جناحَينِ ، أقسمتُ بالطينِ أن أبلغَ الطينَ في صبوةٍ، غائصاً ... أيها النهرُ
يا خيطَ أسمائنا وتواريخِــنا ، يا قـرانا ، وذكرى مَمالكِــنا . يومَ جـــئتُكَ
أحمِلُ أوزارَ خَطوي تحمّـلتَني ، وانتظرتَ إلى أن وثبتُ خفيفاً من القاعِ .
ضوءٌ على جسـدَينا . وضُــوءٌ . أهذا هو السلسبيلُ ؟أهذي هي السّنبلةْ ؟
*
فيافيكَ ، حيثُ الذئابُ التي تأْلَفُ النارَ . جنّاتُ عدْنِكَ حيثُ الصقورُ التـي
تأْلَفُ الناسَ . مَرْعاكَ حيثُ الزهورُ به كَـمْـأةٌ. والنساءُ اللواتي يَخُضْـنَ
بأثوابِهِنَّ الـمُـوَيجاتِ إذ يتبرّدْنَ . هل كان صوتُ الـمُـغَــنِّي شبيهَ عرائسِكَ ؟
الليلُ يهبطُ ، سـمْحاً ، خفيفاً . شِـباكٌ بلا سَـمَكٍ في ثيابِ الصغارِ . ويأتي
الشّميمُ : أقهوتُكَ الـمُرّةُ الآنَ ، أمْ وترٌ يتقطّـعُ ؟ ألـمُسُ أحجارَكَ الناعماتِ
الثقالَ ... وأُصغي إلى ضجــّةٍ . أهيَ مفتاحُ كنزِك أم أنها الصّلصلــةْ ؟
*
تسيلُ الهُوَينى ...
قروناً تسيل الهُوَينى ...
وتمنح أهلَكَ خبزَ الضفافِ وقثّاءَها
والأغاني .
تسيلُ الهوينى ...
قروناً تسيلُ الهوينى ...
يمرُّ بك العابرون :
الجيوشُ ، اللصوصُ ذوو الخُوَذِ ، السائرونَ إلى حتفِهِم في الظلامِ ... السماسرةُ ،
السُّحُبُ الصيفُ ، أوباشُـنا ، والقياصرةُ ،الطامعونَ ...
وأنتَ تسيلُ الهوينى
قروناً تسيلُ الهوينى ....
وتمضي
كأنك لا تعرفُ المسألةْ .
لندن
06.7.2011
.