الفرات

2015-07-21
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/893ef627-34c8-4a3a-bdbc-f955c45a415d.jpeg
يغـيضُ عن " الرّقـةِ " الـماءُ كي يدخـلَ الطـبقاتِ الخفـيّـةَ من لحـمِـنا ،
نحن أبناءِ تلكَ الضفافِ التي أنبتتْ قصباً للأسِـنّـةِ والأغنياتِ . الفراتُ
هنا ضلّـلَ النورسَ . السمَكُ الـمتحدِّرُ من فُوّهاتِ الجبالِ ارتــــضى في
الفراتِ مراعيَـهُ ، وارتدى الفضّةَ . الخيلُ تعبرُ ،غرثى ، مَخاضاتِـهِ .
والجِمالُ الأبيّــةُ تعلِكُ في الصّـهَـدِ ، الشيحَ. ماءٌ تغلغَلَ في الرملِ . في
وجْـنةِ الطفلِ . ماءٌ يَظلّ بكـفـَّيكَ ، لا يتبدّدُ. ماءٌ هو البَسْـمَــــــــلــةْ .

*
سلامٌ على جـسـدَينِ استحالا بهِ جســداً واحداً .والسلامُ على القاعِ حــيثُ
الحصا يترقرقُ . يا بردَ مائِكَ ! أقسمتُ بالطيرِ أن أرتــــدي كلَّ فجــــــرٍ
جناحَينِ ، أقسمتُ بالطينِ أن أبلغَ الطينَ في صبوةٍ، غائصاً ... أيها النهرُ
يا خيطَ أسمائنا وتواريخِــنا ، يا قـرانا ، وذكرى مَمالكِــنا . يومَ جـــئتُكَ
أحمِلُ أوزارَ خَطوي تحمّـلتَني ، وانتظرتَ إلى أن وثبتُ خفيفاً من القاعِ .
ضوءٌ على جسـدَينا . وضُــوءٌ . أهذا هو السلسبيلُ ؟أهذي هي السّنبلةْ ؟

*
فيافيكَ ، حيثُ الذئابُ التي تأْلَفُ النارَ . جنّاتُ عدْنِكَ حيثُ الصقورُ التـي
تأْلَفُ الناسَ . مَرْعاكَ حيثُ الزهورُ به كَـمْـأةٌ. والنساءُ اللواتي يَخُضْـنَ
بأثوابِهِنَّ الـمُـوَيجاتِ إذ يتبرّدْنَ . هل كان صوتُ الـمُـغَــنِّي شبيهَ عرائسِكَ ؟
الليلُ يهبطُ ، سـمْحاً ، خفيفاً . شِـباكٌ بلا سَـمَكٍ في ثيابِ الصغارِ . ويأتي
الشّميمُ : أقهوتُكَ الـمُرّةُ الآنَ ، أمْ وترٌ يتقطّـعُ ؟ ألـمُسُ أحجارَكَ الناعماتِ
الثقالَ ... وأُصغي إلى ضجــّةٍ . أهيَ مفتاحُ كنزِك  أم أنها الصّلصلــةْ ؟

*
تسيلُ الهُوَينى ...
قروناً تسيل الهُوَينى ...
وتمنح أهلَكَ خبزَ الضفافِ وقثّاءَها
والأغاني .
تسيلُ الهوينى ...
قروناً تسيلُ الهوينى ...
يمرُّ بك العابرون :
الجيوشُ ، اللصوصُ ذوو الخُوَذِ ، السائرونَ إلى حتفِهِم في الظلامِ ... السماسرةُ ،
السُّحُبُ الصيفُ ، أوباشُـنا ، والقياصرةُ ،الطامعونَ ...
وأنتَ تسيلُ الهوينى
قروناً تسيلُ الهوينى ....
وتمضي
كأنك لا تعرفُ المسألةْ .

لندن

06.7.2011

.

سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved