الغلامان : العراق في الفترة المظلمة !

2014-03-27
وردَ في "المفاخَرة بين الجواري والغلمان " للجاحظ :

قال صاحبُ الغِلمان: إن من فضل الغلام على الجارية أن الجارية إذا وُصفت بكمال الحسن قيل: كأنَّها غلام، ووصيفةٌ غلامية.
قال الشاعر يصف جارية: 
لها قدُّ الغلام وعارضاهُ   وتفتير المبتَّلة اللَّعوبِ
*
وأكثر من ذلك قول الله عزّ وجلّ : "يطوف عليهمْ غلمانٌ لهمْ كأنهم لؤلؤ مكنونٌ"
 وقال تبارك وتعالى: "يطوف عليهم ولْدانٌ مُخلَّدون. بأكوابٍ وأباريق". فوصفهم في غير موضعٍ من كتابه، وشوَّق إليهم أوْلياءه.
*
 وقال أبو نواس ( رواه سعدي يوسف ) :
مقصوصةُ الشَّعرِ غُلاميّةٌ   تصلُحُ للّوطيّ والزاني !
*
تعاقَبَ على حكم بلاد ما بين النهرَين ، أقوامٌ وسلاطينُ ، طُغاةٌ وأولياءٌ ، مُصلِحون ومفسِدون  ... إلخ .
لكنْ تعاقَبَ على حُكْمهِ  ، أيضاً ، الجواري ، والخِصْيانُ ( جمْعُ خَصِيٍّ ) , وللذين لم يسمعوا بالأمر أقولُ : كان لنا بالبصرة أرضٌ ، وقفٌ  لمكّةَ . وفي كل عامٍ كان يأتي خَصِيٌّ من هناك ليأخذ عوائد الوقف المكيّ . مرةً ، وأنا صبيٌّ ، اصحبني عمٌّ لي ،
عبد الجبار الشهاب ،  إلى مكتب الخِصيان بالبصرة ، وهناك رأيتُهم . كانوا  من ذوي البشرة السمراء ،  وإذا تكلّموا كان صوتُهم رفيعاً ، كصوت امرأة . كدتُ أضحكُ ، لكن عمّي لكزني .
*
قلتُ : تعاقَبَ على حُكم العراق مَن تعاقَبَ .
خصيانٌ ومماليك :
خليفةٌ في قفصٍ   بين وصيفٍ وبَغا    
   يقولُ ما قالا له ، كما تقولُ الببغا !
*
وحكمتْه الجواري : الخاتون ، مِسْ بَيل مثلاً !
التي أعلَتْ عرشاً لفيصل الأول  ...
*

اليوم  ، نحن أمام حُكْمٍ جديدٍ ، في فترة العراق المظلمة الحاليّة :
حٌكْمِ الغِلْمان !
وسوف يذكرُ التاريخُ أن شعباً مستغفَلاً ، هو الشعب العراقيّ ، يحكمُهُ ، ويتحكّمُ به غلامان ! 
الغلام الأول : عمّار الحكيم .
الغلام الثاني  : مقتدى الصدر .
تقع ، بالمصادفة ، أمام ناظري المتعَب ، صورٌ لاجتماعات وتجمُّعات ،  لأرى هذينِ التافهَينِ ، يخطبان ويخاطِبان ، كأنهما  نافخُ البوقِ العجيب الذي أخذ الفئرانَ إلى النهر ...
*
معروفٌ ، لديّ في الأقلّ ، أنّ الغلامَين  ، يقودان  منظّمتَي ميليشيا أميركيّتينِ .
لكن الشعب العراقيّ المستغفَل يرى غير ما أرى !
إذاً ، فليحكُما العراق المستباح ...
العراق حكمَه الخِصيانُ .
العراق حكمتْه الجواري .
العراقُ حكمَه المطهِّرجي ، الجعفري.
العراق حكمه بائع المسابح ، المملوكيّ .
العراق حكمه الطبيبُ القاتلُ ، إياد علاّوي.
والآن :
جاءُ حُكْمُ الغلاميَن :
الغلام الأول : عمّار الحكيم .
الغلام الثاني : مقتدى الصدر .

لندن   18.06.2013


سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved