الحديقةُ أيضاً

2012-03-03

الحديقةُ أيضاً سـعدي يوسـف لندن 22.07.2011
على المرء أن يكون سافلاً ، سافلاً حقّاً ، كي يفعلَ ما يشاءُ من أجلِ إزعاجِ

 الآخرِ .

هكذا يتعيَّنُ عليَ أن أكتمَ غيظي ، وأن أُنصِتَ إلى ما أعتقدُهُ صدىً خفيضاً

لنفسٍ

لم تَعُدْ قادرةً على أن تتحمّلَ أكثرَ .

المطرُ الذي كان يتهدّدُنا ، لم يأتِ بما كان متوقَعاً .

أي أنه كان مراوِغاً .

الريحُ خفيفةُ

بل هي أخفُّ من أن تقولَ عنها شيئاً . إذاً : لِمَ أذكرُ الريحَ ؟ قد تكون

العاداتُ . عاداتُ الكذِبِ البريء ،

الكذبِ الآتي من قرونٍ وقرونٍ من الاستعارة والمجازِ والنأي بالنصّ عن

الحياةِ .

الجيرانُ الأوباشُ يواصلون إزعاجي ، عامدينَ .

هم يعرفون أنني أشتغلُ ، لكنهم مصرّون على إزعاجي.

برابرةٌ؟

بإمكاني أن أقولَ هذا .

بعد سنواتٍ عشرٍ ، ما يزالون هم هم . يا إلهي : ألم

يتعلّموا شيئاً ؟ ألم يعرفوا أني امرؤٌ حِرفتُهُ الكتابةُ ؟

لكنهم ربّما فعلوا هذا لأنهم يعرفون أني امرؤٌ حِرْفتُهُ الكتابةُ .

هم ، لا يريدونني أن أكتب .

لماذا ؟

السبب بسيطٌ :

أن تكون عراقيّاً ( أي من بلدٍ مستعمَرٍ ) يعني أنك قردٌ .

القردُ لا يكتبُ .

ولسوف تكونُ مؤجِجَ غيظٍ ، إن أصررتَ ( وأنت القردُ ) على الكتابةِ .

عجباً :

كيف يكتب القردُ ؟

لكنَ القردَ يكتب.

وسيظلُّ يكتبُ .

إلى أن يصمتَ الذين ظلّوا يزعجونه طيلةَ محاولته الكتابةَ.

بلادُ برابرةٍ ؟

أظنُّ ذلك.

سـعدي يوسـف

 لندن 22.07.2011

سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved