الحديقةُ أيضاً سـعدي يوسـف لندن 22.07.2011
على المرء أن يكون سافلاً ، سافلاً حقّاً ، كي يفعلَ ما يشاءُ من أجلِ إزعاجِ
الآخرِ .
هكذا يتعيَّنُ عليَ أن أكتمَ غيظي ، وأن أُنصِتَ إلى ما أعتقدُهُ صدىً خفيضاً
لنفسٍ
لم تَعُدْ قادرةً على أن تتحمّلَ أكثرَ .
المطرُ الذي كان يتهدّدُنا ، لم يأتِ بما كان متوقَعاً .
أي أنه كان مراوِغاً .
الريحُ خفيفةُ
بل هي أخفُّ من أن تقولَ عنها شيئاً . إذاً : لِمَ أذكرُ الريحَ ؟ قد تكون
العاداتُ . عاداتُ الكذِبِ البريء ،
الكذبِ الآتي من قرونٍ وقرونٍ من الاستعارة والمجازِ والنأي بالنصّ عن
الحياةِ .
الجيرانُ الأوباشُ يواصلون إزعاجي ، عامدينَ .
هم يعرفون أنني أشتغلُ ، لكنهم مصرّون على إزعاجي.
برابرةٌ؟
بإمكاني أن أقولَ هذا .
بعد سنواتٍ عشرٍ ، ما يزالون هم هم . يا إلهي : ألم
يتعلّموا شيئاً ؟ ألم يعرفوا أني امرؤٌ حِرفتُهُ الكتابةُ ؟
لكنهم ربّما فعلوا هذا لأنهم يعرفون أني امرؤٌ حِرْفتُهُ الكتابةُ .
هم ، لا يريدونني أن أكتب .
لماذا ؟
السبب بسيطٌ :
أن تكون عراقيّاً ( أي من بلدٍ مستعمَرٍ ) يعني أنك قردٌ .
القردُ لا يكتبُ .
ولسوف تكونُ مؤجِجَ غيظٍ ، إن أصررتَ ( وأنت القردُ ) على الكتابةِ .
عجباً :
كيف يكتب القردُ ؟
لكنَ القردَ يكتب.
وسيظلُّ يكتبُ .
إلى أن يصمتَ الذين ظلّوا يزعجونه طيلةَ محاولته الكتابةَ.
بلادُ برابرةٍ ؟
أظنُّ ذلك.
سـعدي يوسـف
لندن 22.07.2011