
يَفْضَحانَنِي...
بِأَنّي عَرَبِيّ
طَبْعِي وَانْتِمائِي
وَحُبِّي لِلسَّمْراءِ
مِنْ أَخْمَص قَدَمِي...
حَتَّى النُّخاعِ...
فَصيلَةُ دَمِي
أَوْ سُمْرَةُ بَشْري
شَرْقِيَّتي وَتَمَيُّزي...
بِالأَرْضِ الأَجْنَبِيَّةِ
ما سَأَلونِي
وَما خَيَّرونِي حَتَّى أَخْتارْ
أَبْعَدونِي وَهَمَّشونِي
وَحاوَلوا تَغْييرَ
هَوِيَّتي وَالدَّارْ
إِنَّهُ لَيْسَ ذَنْبِي
أَنْ أَولَدَ
وَتَحْتَ أَقْدامِي دَمارْ
أَنْ أُخْلَقَ بَيْنَ
أَشْباهِ رِجالٍ كَالأَوْزارْ
لَوْ خُيِّرْتُ
لَاخْتَرْتُ أَنْ أَكونَ
مِثْلُ الوَرَقِ وَالأَشْجارِ
بِأَرْضٍ مَنْسِيَّةٍ
وَلَنْ يَحْمِّلونَنِي العارْ
أَنا الذي أَنْزِفُ...
مازِلْتُ أَنْزِفُ
عَلى بَغْدادَ
وَأَطْفالُ بَغْدادْ
وَشُيوخُ بَغْدادَ
وَنِساءَ بَغْدادَ
حَلِمْتُ وَأَنا صَبِيٌّ
عَلى ضِفافِ دَجْلَةَ
وَالفُراتْ
بِأَنَّ الله
سَيَقِي أُمِّي
وَأُخْتي مِنْ كُلِّ العَثَراتْ
حَلِمْتُ أَنَّ أّبْناءَ عَمِّي
لَنْ يَسْكُتوا
إِذا رَأوا أَبي
مَقْتولاً فَوْقَ العَتَباتِ
سَيُدافِعونَ
لَوْ رَأونِي أَزْحَفُ
مَقْطوعَةٌ أَقْدامِي
وَأَطْرافِي
وَيَنْزِفُ دَمِي وَالعَبَراتِ
حَلِمْتُ أَنَّهُمْ سَيَجْبِلوا
مِنْ جَسَدي المُمَزَّقِ
وَتَمَراتِ نَخيلِنا
أَسْلِحَةً وَمُتَفَجِّراتْ
ما كَانَ غَيْرَ حُلُمٍ...
بَقيتُ وَحْدِي
وَجََمَعْتُ أَحْشائِي
الخارِجَةَ أَمامِي
وَأَطْرافي المُقَطَّعَةَ
وَرَمَيْتُها عَلى دَبَّابّةٍ
واقِفَةٍ
عَلى ما كانَ قَبْلَ قَليلٍ بَيْتُنا
وَفَجَّرْتُها
وَالتَهَمَتْ حُلُمي
وَقُنْبُلَةً يَدَوِيَّةً
رَماها أَحَدُ الجُنودِ
الصُّفْرِ في فَمِي
وَحَلَّقْتُ في الجَوِّ...
في السَّماءِ
صِرْتُ أَرى
وَجْهَ اللهِ قَريباً
الشَّمْسُ
وَالقَمَرَ صارا بِحَجْمِي
وَكُلُّ الكَواكِبِ إِخْوَتِي
في الفَضاءِ
وَفي الأَرْضِ...
في بَغْدادَ وَالمَنْفَى
وَيا حَسْرَةً عَلى روحِي
لَمْ تَنْتَمِي إِلاَّ لِلْبَرِّ
وَطُيورِها
وَالخُرافاتِ
قَتَلوها السَّاسَةُ
مِنْ أَهْلي
وَعَشيرَتِي
وَنُوَّابِ البَرْلمَانِ
وَالرَّئيسِ
وَأَصْحابُ القَراراتْ
وَهَلْ نَحْلَتِي
لا يُكْتَبُ لَها العُمْرَ
مِثْلُ الفَراشاتْ؟