رن هاتفي النقال، قلت : - " ألو "...
من الطرف الآخر من الخط أجابتني أختي؛ وحشرجة البكاء جعلتني بالكاد أُجمِّعُ معلومة تفيد أن
" عشماوي " (طبيب المستشفى العمومي) طلب نقل أبي للعيادة الخاصة " الكلينيك" المجاورة للمستشفى على وجه الاستعجال، قصد بتر رجله اليمنى وإلا مات.
دخلت إدارة " الكلينيك " الخاصة، فوجئت لما رأيت أن مديرها هو نفسه طبيب المستشفى العمومي، وهو نفسه من سيقوم بإجراءات الاستئصال. لم يرد على التحية، ولا التفت ناحيتي، بل صاح بانفعال شديد:
- من فضلك،" فواتيرنا" غير قابلة للمساومة.
قاطعته قائلا:
- أبهذه السرعة قررت بتر رجل أبي، يا دكتور؟!
أجابني مستهزئا:
- وهل سألعب بها كرة القدم؟.
آنئذ انفعلت فوق انفعاله وصحت:
- والله لن أدع يدك القذرة تمس ظفر أصغر أصبع بقدم أبي الطاهرة.
ثم غادرت " الكلينيك " رفقة أبي مشيا على الأقدام. عاش أبي عشرين سنة بعد قرار البتر الذي كان من المفترض أن ينفذه الطبيب " عشماوي " إلى أن مات موتا طبيعيا.
علمت في ما بعد أن " عشماوي " هو من بترت رجلاه معا، ورغم ذلك مات.

