يتردّدُ هنا وهناك حديثٌ عن قربِ العفو عن الرئيسَين السابقَين حسني مبارك ( مصر المحروسة) و زين العابدين بن علي ( تونس الخضراء ) .
في مصر ذاتها سوف يُسمَح لمرشّحي الحزب الوطني ( حزب مبارك ) بخوض الانتخابات المقبلة ( إنْ أقبلَتْ ) ، وفي تونس يقالُ إن العفو عن الرئيس السابق سيأخذ صيغتَه القانونية عمّا قريبٍ .
لِمَ يحْدُثُ هذا ؟
في زعمي أن إطاحة الرئيسَينِ كانت مهزلةً قاسيةَ المرارةِ ، لأنها حملتْ معها أوهاماً وأوهاماً حول ربيع وياسمين ... إلخ.
إطاحةُ الرئيسَينِ كانت عملاً براغماتيّاً بشِعاً راهَنَ على أحلام الناسِ وتطلّعاتهم إلى التغيير والديمقراطية والعيش الكريم ، كي تكون الضربةُ المقصودة في موضعٍ آخر ، ومن نوعٍ آخر ، لا علاقة له بالتغيير والديمقراطية والعيش الكريم .
لنقرأ الأحداثَ بهدوء !
تبَيّنَ الآنَ أن احتلال ليبيا ، والاستيلاء على ثروتها النفطية ، هما الهدفان الرئيسان .
لكنّ احتلال ليبيا ما كان ممكناً ، أو سهلاً ، بدون إجراء تغييرٍما في محيط الكعكة الكبيرة ( ليبيا ) .
كان الرئيس المصريّ السابق حسني مبارك على علاقة معقولة مع العقيد القذافيّ ، وكان حريصاً على إدامة العلاقة المعقولة لأسبابٍ بعضُها تاريخيّ ، وبعضُها متّصلٌ باستقرار أوضاع العمالة المصرية في ليبيا.( لنتذكّر أن الرئيس المصريّ بكى حين بلغتْهُ فاجعةُ القذّافي البربرية ) .
هكذا لم يكن حسني مبارك ليسمح بفتح الحدود المصرية الليبية أمام المرتزقة والغزاة وسلاحهم .
*
هذا من ناحية الشرق .
أمّا من ناحية الغرب ( تونس ) فقد كان الرئيس زين العابدين بن علي حريصاً على علاقةٍ وثيقةٍ مع النظام الليبيّ لأسباب تماثلُ تلك المصريّة . ولهذا السبب أيضاً فلم يكن ليسمح بفتح الحدود التونسية الليبية أمام المرتزقة والغزاة .
*
لكن المخططيِن العسكريّين في أوربا الاستعمارية والولايات المتحدة وكندا -قائد القوات الغازية جنرالٌ كنديٌّ -
كانوا اختاروا مبدأ الكمّاشة : مصر من الشرق ، وتونس من الغرب.
*
كم نحن مساكين!
لندن 14.11.2011