ربما كان من سوء حظ أديبنا إنه ولد في وطن لا مكان فيه لنبي ولا لمبدع حقيقي. وطن تكاد أن تكون فيه نسبة المثقفين والأدباء والفنانين والعلماء المنفيين والمطاردين تضاهي عدد سكانه. الأخبار التي وردتني عن القاص والروائي السومري، مبدع (اليشن) تؤكد بأن صاحب القلم الذهبي الذي أرخ عذابات وآلام وأحلام الإنسان الجنوبي البسيط، وكتب بلغة شعرية بالغة العذوبة والجمال عن مجتمع الريف الجنوبي متناولاً بأسلوبه الملحمي واقعاً غنياً بالأساطير والرموز والثراء والعمق الروحيين وكان أحد رواد ما يسمي بكتاب الواقعية السحرية في الوطن العربي.
الحديث عن أعمال (جمعة اللامي) الكاملة في القصة والرواية والنثر الشعري المكثف يحتاج لدراسات مستفيضة لا تسعها مقالة. والأخبار تقول بأن الرجل وقد إستفحل معه مرض السكري حتي كاد أن يُفقده البصر، إضافة إلي الفشل الكلوي وآلام الكلية، مما يستدعي العناية الفائقة والمكثفة. لو كنت رئيس وزراء العراق (لا سامح الله) لأعلنت حالة الطواريء في البلاد من أجل رعاية كاتب كبير ومهم أفني جل عمره راهباً في محراب الكلمة، ومن أجل الحق والعدل والقيم النبيلة في تفان ونبل يبعث علي الإعجاب والتقدير.
من حق الرجل علينا وأعني تحديداً الدولة والمجتمع متمثلاً بوزارة الثقافة وهي فرصة ثمينة للسيد وزير الثقافة الجديد ليثبت لنا إخلاصه للثقافة والمثقفين في أن يبادر شخصياً بعمل الواجب. كذلك المطلوب من أتحاد الأدباء العراقيين ومؤسسة المدي وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني المبادرة في تكريم مبدعنا، كإقامة أسبوع ثقافي خاص به، تسمية جائزة أدبية مرموقة بأسمه، كذلك إطلاق أسمه علي أحد شوارع أو ساحات بغداد تزينه تمثال يليق بقامته البهية.
لماذا لا نطلق أسماء الأعلام من مفكرين وشعراء وأدباء بارزين وشهداء علي جامعاتنا ومدارسنا والأماكن العامة المهمة، ولماذا لا نزيل أسماء الشخصيات الكريهة التي تثير الألم والإشمئزاز حين تذكرها، ما الذي قدمه أحمد حسن البكر للعراق لتحمل أسمه أكاديمية عراقية بدلاً من أن تكون أكاديمية جمعة اللامي مثلاً ؟.
هذا أقل ما يمكن تقديمه لرمز ثقافي نبيل نحرص علي تكريمه طالما هو علي قيد الحياة، تقديراً منا للثقافة والفكر والإبداع وإحتراماً وتبجيلاً لمن ترك بصمةً مهمةً وعملاً جليلاً تنتفع منه الأجيال. نتمني طول العمر والشفاء لمبدعنا جمعة اللامي.