لمن يجرؤ على !

2009-05-25

عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة، صدر للكاتبة والقاصة الفلسطينية "سهير فضل عيد" مجموعتها القصصية " لمن يجرؤ على !" في 148 صفحة من القطع المتوسط، وتضم تسعة عشر نصًا قصصيًا.

في لغة شجية، مفعمة بالأسى والاغتراب، وهائمة بين طرائق شتى للسرد الحائر بين المباشرة أحيانًا، والرمزية أحيانًا أخرى، تحلق "سهير فضل عيد" في أجواء مجموعتها القصصية "لمن يجرؤ على !"، طارحة سؤالاً وجوديًا :بمن تليق الحياة ؟.. بهذا السؤال الإنساني المشترك، الجامع لمآسٍ عدة، وضعتنا في شك أمام المصير الإنساني، مقدمةً إجاباتها عبر قصص لا تُقرأ للاستمتاع على قارعة الطريق، ولا لقضاء لحظات صفا بينما نتطلع من نوافذنا المفتوحة على مصراعيها إلى القمر، لكنها مرثيات هذا الزمن اللعين، لسعات السياط التي أصرت أن تشعرنا بصوتها، ووقع ضرباتها فوق أجسادنا العارية، المتكومة في الركن، بخزي الهزيمة، وعار التشتت والضياع.

تعزف سهير فضل عيد في مجموعتها؛ لحنًا ثوريًا لا يكتمل أبدًا، حلمها الأبدي الذي لا ينتهي، زهرة "السيريوس" التواقة دومًا للتفتح، مرة واحدة كل عام، وهي لا تدري أبدًا كيف ومتى تأتي لحظة التفتح!!
لكنها تدرك؛ رغم كل شيء، ورغم لحظات الضعف الكامن في الأعماق؛ أن كتاب الحياة ما كانت صفحاته لتطوى إلا لمن يجرؤ على استئصال الأشواك، لمن يجرؤ على الإحساس والشعور والإنفعال، لمن يجرؤ على الكلام والثورة ... وربما التغيير .

والقاصة الطبيبة "د.سهير فضل عيد" تعرف تمامًا ماذا تريد من وراء مجوعتها، وماذا تريد من قارئها، فتقول في بعض مما جاء في مقدمة المجموعة:
( الثلاثي المحرم "الدين، السياسة، الجنس" الذي كان يغري الكثير باختراقه - وبالطبع أغراني يومًا ما - ما عاد محرمًا، أُخترِق، انتُهِك لدرجة الملل، النفور، الاشمئزاز، وربما القرف .
أكذوبة الحرية وأسطورة الرأي الآخر الذي لابد من احترامه، خلطا الحابل بالنابل، فتلاشى الضمير، وهربت الأخلاق، وانشغل أكثر الناس عن التفكير بالله، وربما طال الأجل فنسي معظمنا اليوم الآخر .
لذلك سأحاول جاهدة القفز عاليًا، متجاوزة ذلك الثلاثي لأتحدث عن وطني، مجتمعي، عما أراه وأسمعه إن استطعت لذلك سبيلا، وإن اقتربتُ منه، فذاك عن غير قصد، ومن دون تعمد في اكتساب شهرة ما .
أريد فقط أن أحترم ذاتي، كما أطمح أن يحترمني من يقرؤني.......).

• • • • •

د. سهير فضل عيد

sohaireid@yahoo.com

 

• قاصة وروائية فلسطينية ، من مواليد دمشق ، ومقيمة حاليًا في المملكة العربية السعودية .

• صدر لها:
- العزف على الوتر الحساس : مجموعة قصصية 2006م
- قلب ما.... يحترق : رواية . الدار العربية للعلوم ، بيروت ، 2007م .
- لمن يجرؤ على ! : مجموعة قصصية . شمس للنشر والإعلام، القاهرة 2009م .

- الموقع الإلكتروني : www.floweralshyrios.blogspot.com

- البريد الإلكتروني : sohaireid@yahoo.com

 

• • • • •

 

 

نظرة و نظرة

من المجموعة القصصية " لمن يجرؤ على ! "

 

اليوم الأول من شهر رمضان من عام 2004م ، أفاق "الشيخ عبد الفتاح" ، واغتسل ، ومشّط لحيته وخللها بالعطور ، وارتدى ثوبه القصير وغادر بيته بسيارته الزاهدة ، المتواضعة !!

تروي "نبيلة" ، وهي فتاة في العشرين ، محتشمة محجبة حجابًا عاديًا ، دون نقاب أو مبالغة في ارتداء الحجاب: إنني أعرف الشيخ عبد الفتاح وهو جارٌ لنا ، وأراه كل يوم ، وأسمعه يخطب يوميًا ، ليدعو الشباب إلى أن يمسكوا بزمام الأمور ، وينتصروا على نفوسهم الضعيفة ، ثم يذهبوا ليحرروا فلسطين ، وهم لا يمتلكون حتى الحجر.
وتتابع نبيلة قائلة: ما أدهشني ذلك اليوم ، أنني رأيت الشيخ عبد الفتاح ماشيًا ببطء شديد بسيارته ، يحدق في كل فتاة أو امرأة يراها ، وهو ممسك بلحيته ، ربما تكون النظرة الأولى - لا أعلم - فالأولى له والثانية عليه.

( الشيخ عبد الفتاح داخل السيارة )


يحدق في الفتاة ثم يقول: استغفر الله ما هذا الثوب القصير؟! يا لجمال رجليها! لا حول إلا بالله.
يتابع سيره ، فيرى امرأة أخرى مرتدية لباسًا ضيقًا فيقول: يا الله! ما أبدعك في خلقك! رغم أنها تستر جميع جسمها ، لكن لباسها يُظهر أمام عيني الجسد الممشوق ، الذي يُغري الكهل قبل الشاب.
وتلوح أمامه ثالثة محجبة ، لا يظهر منها إلا وجهها فيقول: سبحانك ربي لم أرَ مثل هذا الصفاء والنقاء! ما هذه البشرة؟! عربية أم أجنبية؟
وتمر الرابعة التي لا تبدي من جسدها إلا عينيها ، لترى بهما الطريق فيقول: عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى ، من حيثُ أدري ، ولا أدري
وهكذا طوال الطريق إلى أن وصل المسجد.

( الشيخ يخطب في المسجد )


يا معشر الشباب ، أول ما آمركم به ، هو غض البصر ، فامشوا ووجهوا أنظاركم نحو الأرض ، لكنكم غير محاسبين على النظرة الأولى غير المقصودة ، فهي لكم والثانية عليكم.
يا أبنائي ، من استطاع منكم إعالة نفسه فليتزوج ، وليتزوج من عربية ، صحيح أنني تزوجت أجنبية ، ولكن كان ذلك بسبب إشفاقي عليها ، فلم تجد لها عائلاً بعد وفاة زوجها ، ولديها أطفال ، فتزوجتها لأكفيها مسألة الناس.
وحتى تكونوا عادلين ، اكتفوا بواحدة ، وأنا لا أقول أنني ضد تعدد الزوجات ، ولكنني في هذا الزمان ، أرى الشباب مذبذبًا حائرًا غير مستقر ، وليس لديه الثقافة الدينية التي تؤهله للعدالة ، فاكتفوا بواحدة ، صحيح أنني متزوج من أربع ، لكنني كما ترون أستطيع أن أعدل في كل شيء ، حتى في عواطفي ، وأعوذ بالله من الغرور.
لا تتزوجوا إلا من مسلمة ، نعم أنا متزوج من إسرائيلية ، لكن كان هدفي أن أشرح لها وجهة نظري فيما يفعلونه في فلسطين ، ولقد اقتنعت هي بأن ما يفعله (شارون) شيء لا يمكن أن نغفره له ، مثلما أقنعتني بذنوب (هتلر) تجاه اليهود.

( الشيخ في عمله )


المدير العام: لقد حصلنا من الدولة على صفقة الأسمدة الكيماوية بصعوبة بالغة ، فهناك الكثير من المنافسين الذين حاولوا فعل المستحيل للحصول عليها ، لكننا بعون الله فزنا بها ، وهذا التعهد الذي وقعت عليه بالنيابة عنكم ، سأحفظه في الملف الخاص بهذه الصفقة.
سأل الشيخ: على ماذا ينص هذا التعهد؟
قال المدير العام: ينص على أنه سوف يتم اتخاذ إجراءات شديدة تجاه شركتنا ، في حال ثبت قيامنا بتوزيع الأسمدة ، مقابل أي أجر مادي ، خاصةً أننا تقاضينا المال من الدولة ، مقابل التوزيع مجانًا.
الشيخ: ما هذا الهراء؟ بعها للفلاحين بالسعر الذي أخبرتك به سابقًا ، ألم تذهب بسيارتك عدة مرات للوزارة؟ ألم تتكلف سعر البنزين وتقف ساعات ، وانتظرت قبلها أيامًا ليسمحوا لنا بأخذ هذه الصفقة؟ أليس هناك ثمن لكل ذلك؟ بعها ومالنا حلال إن شاء الله.

( الشيخ في أحد منازله الأربعة )


الزوجة: لقد طلب مني الأولاد أن أحدثك في موضوع شراء جهاز الاستقبال (الدش) ، فاليوم لا يكاد يخلو بيت من هذا الجهاز.
الشيخ: هذا وباء أصاب المجتمع ، ولو علم كل أب أنه سوف يُحرم دخول الجنة ، في حال ترك في بيته جهاز (الدش) بعد وفاته ، لما فكر في شرائه.
الزوجة: لكن الأولاد يسألون ، لماذا قمت أنت بتركيبه في غرفتك؟ وحرمتهم بحجة أنه حرام.
الشيخ: الأمر مختلف ، فأنا لا بد أن أشاهد ما يجري في هذا العالم ، حتى أقوم برسالتي بشكل جيد ، وحتى أتمكن من دعوة الناس إلى الطريق السليم ، لذلك لا بد من أن يكون عندي إلمام بكل ما يجري من حولي؛ حتى أتمكن من التأثير على عقول الشباب ......
دعكِ من هذا ، وضعي (الدش) على محطة الأفلام ، فهناك فيلم أريد مشاهدته قبل أن أنام.!.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved