كُتب عن المرأة الملايين من الكلمات وعن حريتها وعن استغلالها وعن انعتاقها وعن معاناتها وعن تحررها, هنا سوف نورد يايجاز مختصر موقف شاعر الديالكتيك (ماركس) , والجنرال (إنجلز) من مسألة تحرر النساء.
1. في القرن التاسع عشر أشار ماركس إلى ميل الرأسمالية إلى تحقيق أرباح فاحشة من خلال استغلال النساء والأطفال. وقد كتب في المجلد الأول لكتابه الرأسمال:
« شكل عمل النساء والأطفال، بالتالي، أول شيء بحث عنه الرأسماليون الذين استخدموا الآلات. هذه البدائل الجبارة للعمل والعمال تحولت فورا إلى وسائل من أجل زيادة عدد العمال الأجراء من خلال إدماج جميع أعضاء أسرة العامل، تحت السيطرة المباشرة للرأسمال، دون أي تمييز من حيث السن أو الجنس. لقد اغتصب العمل الإجباري لصالح الرأسمال المكان، ليس فقط من لعب الأطفال، بل أيضا من العمل الحر في المنزل ضمن حدود معتدلة لدعم الأسرة.» اقترحوا ثمانية ساعات كحد قانوني ليوم العمل. ألا يسمح بالعمل الليلي إلا في بعض المهن الاستثنائية أو فروع من مهن محددة في القانون. يجب أن يكون الاتجاه العام هو إلغاء كل أنواع العمل الليلي. وتواصل الوثيقة في القول: « تشير هذه الفقرة فقط إلى الأشخاص البالغين، رجالا ونساء، إلا أن هؤلاء الأخيرات يجب أن تستثنين بشكل تام من ممارسة جميع أشكال العمل الليلي أيا كان، وجميع أنواع العمل المضرة بجنسهن، أو تعريض أجسادهن للسموم وغيرها من الأعمال المؤذية. نعني بالأشخاص البالغين جميع الأشخاص الذين بلغوا أو تجاوزوا سن الثامنة عشرة. (3)
2. من المعروف أن ابنة ماركس إلينور لعبت دورا نشيطا في العمل بين صفوف النساء العاملات في "المهن المتعرقة" ("sweated trades") في الطرف الشرقي للندن. وقد اقترحت في مقالة صحفية حول "التعرق في مكاتب الطباعة" أن تتشكل وحدة بين كل من هؤلاء اللائي يطبعن في بيوتهن وبين اللائي يطبعن في الورشات حيث، كما كتبت، « إذا كنت تريد أن تعيش بعملك يتوجب عليك أن تعمل في ظل ضغط عال وطيلة عدد كبير جدا من الساعات، تفوق ثمانية ساعات يوميا» >
كم تبدو هذه الأسطر آنية بالرغم من مرور مائة عام على كتابتها. (4)
3. إن الرابطة المباشرة والطبيعية الضرورية للإنسان هي علاقة الرجل بالمرأة ... وفي ضوء هذه العلاقة يمكن للمرء أن يصدر حكماً عن درجة التطور الكلي للإنسان . ويتبعُ ذلك أن خاصية هذه العلاقة هي التي تقرر إلى أي حدٍ قد اقترب الكائن البشرى من نفسه كانسان ، والى أي حد قد استوعبها ؛ إن العلاقة بين الرجل والمرأة هي الرابطة الأكثر طبيعيةً بين مخلوق بشري وآخر . ولذلك فأنها تُظهِرُ إلى أي مدى يصبح فيه السلوك الطبيعي للإنسان إنسانياً ، أو إلى أي مدى يصبح فيه الجوهر الإنساني في الإنسان جوهراً طبيعياً ... وفي هذه العلاقة ينكشف أيضاً إلى أي مدى يصبح فيه احتياج الإنسان احتياجاً إنسانياً ؛ والى أي مدى يصبحُ فيه الإنسان الآخرُ ضرورةً بوصفه إنساناً ، والى أي مدى يكون فيه الإنسان في وجوده الفردي كائناً اجتماعياً في الوقت ذاته..ماركس........(5) .
4. لايرى البرجوازي في زوجته سوى أداة إنتاج..ماركس... تعتبر الفكرة التي تربط بين وضع المرأة المتدني و وجود المالكية الخاصة , الأساس الذي قد تبلورت في ضوئه تحليلات ماركس و إنجلز حول مسألة النساء.
5. وتناول إنجلز هذا البحث بصفة منظمة في مؤلفة : أصل العائلة و المالكية الخاصة و الدولة 1884: أن تحرير المرأة , وتحقيقها لوضع مكافئ لوضع الرجل مستحيلان و سيظلان مستحيلين ما بقيت المرأة مستثناة من العمل الاجتماعي المنتج , واقتصر عملها على الشغل المنزلي الخاص. وليكون تحرير المرأة قابلاً للتحقيق ينبغي قبل كل شئ أن تشارك المرأة في الإنتاج على مستوى اجتماعي واسع,وأن لا يشغلها العمل المنزلي عن ذالك إلا بنسبة ضئيلة . لقد اصبح هذا ممكناً مع الصناعة الغصرية الكبرى التي لم تقبل بتشغيل النساء على نطاق واسع فحسب, وإنما كانت تدعو إليه لتجعل من العمل المنزلي الخاص صناعة عمومية أكثر فأكثر.
6. والشرط الرئيسي و الأولى لتحرير المرأة هو اقتحام كامل الجنس المؤنث للصناعة العمومية..إنجلز…. (6) أن أنجلز سبق برودون وسان سيمون و كل الاشتراكيين الطوباويين في كون حياة نساء البروليتارية , كانت قاسية و حلل بالملموس بؤس العاملات البدني فكتابة عن وضع الطبقة الكادحة في انكلترا..1845..
7. أن ماركس و إنجلز لم ينفكا يرددان أن الشرط المسبق لتحرير النساء هو مشاركتهن جماعياً في الإنتاج حتى وإن كان هذا في الوقت الحالي يسبب لهن مزيداً من المعاناة و الاستغلال.
8. بحلول عام 1879 تم الاعتراف للنساء بمشروعية حق التشغيل ( في الولايات المتحدة الأمريكية حيث كانت مئات الآلاف من النساء يعملن في المصانع في ظل ظروف مادية وصحية لا إنسانية, وفي8 مارس عام1875 م نظمت عاملات النسيج بنيويورك إضرابا للمطالبة بحقوقهن بزعامة اليزابث ستانتون ولوكريشيا موت, فواجهته السلطات المحلية بعنف, واحترق عدد كبير من العاملات داخل المصنع. الأمر الذي نبه النساء الي ضرورة اتحادهن, فقمن بتأسيس المجلس العالمي للنساء عام.1879 ), وهذا يعني بوضزح أن الماركسيين يعتقدون أنه لا يمكن لاستغلال النساء الأجيرات أن يستمر , وانه لاب من مقاومته, كتبت كلارا زيتكن تقول: بفضل الدعاية الاشتراكية, أصبحت البروليتاريا الواعية تتصور المشكلة تصوراً ذا دلالة تاريخية هو تحرير المرأة و البيروليتاريا على حد سواء....(8) .
الأممية الأولى
لقد احتلت المسألة النسائية دائما مكانة مركزية في النظرية والممارسة الماركسيتين. لقد تبنت الأممية الأولى النضال من أجل الإصلاحات بمنتهى الجدية. سنورد فيما يلي استمارة لاستبيان ظروف العمل كتبها ماركس في 31-حزيران- 1866، وبعثها المجلس العام إلى جميع الفروع:
« 1) - القطاع الصناعي، الاسم.
2) - سن وجنس العامل(ة).
3) - عدد العمال.
4) - الرواتب والأجور؛ (أ) المتعلمين؛ (ب) الأجور باليوم أو العمل بالقطعة؛ المبلغ المدفوع من طرف الوسطاء. المتوسط الأسبوعي، السنوي.
5) - (أ) ساعات العمل في المصانع. (ب) ساعات العمل مع صغار المشغلين وفي الأعمال المنزلية، إذا كان العمل يتم في هذه الأنماط المختلفة. (د) العمل الليلي والعمل النهاري.
6) - أوقات الأكل والمعالجة.
7) - نوع الورشة والاكتظاظ أثناء العمل، عيوب التهوية، الحاجة إلى أشعة الشمس، استعمال ضوء الغاز، النظافة، الخ.
8) - نوعية العمل.
9) – تأثير العمل على الصحة.
10) - الظروف الأخلاقية. التعليم.
11) - حالة المهنة: ما إذا كانت مهنة موسمية أو إلى حد ما موزعة بشكل منتظم على طول السنة، ما إذا كانت كثيرة التقلب، ما إذا كانت معرضة للمنافسة الخارجية، ما إذا كانت موجهة أساسا إلى الداخل أو الخارج، الخ.
3) - تحديد طول يوم العمل.
إن الشرط الأولي، الذي بدونه ستبقى جميع المحاولات لتحسين الظروف والتحرر عقيمة، هو تحديد طول يوم العمل.
هناك حاجة إلى تعويض الطاقة الصحية والجسدية للطبقة العاملة، أي الجسد العظيم لكل أمة، وكذلك لتمكينهم من فرصة التطور الثقافي والعلاقات الاجتماعية والنشاط الاجتماعي والسياسي.»
لقد اقترحوا ثمانية ساعات كحد قانوني ليوم العمل. ألا يسمح بالعمل الليلي إلا في بعض المهن الاستثنائية أو فروع من مهن محددة . (9)